"السعيد": مصر مضطرة للتفاوض مع صندوق النقد الدولى عاجلاً أم آجلاً

كتب: محمود الجمل

"السعيد": مصر مضطرة للتفاوض مع صندوق النقد الدولى عاجلاً أم آجلاً

"السعيد": مصر مضطرة للتفاوض مع صندوق النقد الدولى عاجلاً أم آجلاً

قال ممتاز السعيد، وزير المالية السابق، إن تخطى إجمالى الدين المحلى حاجز الـ2 تريليون جنيه أمر مقلق جداً ويجب على الحكومة اتخاذ كل التدابير والإجراءات التقشفية للجم هذا التضخم ليكون فى مستوى الدين الناتج عن الاقتراض المستمر للحكومة لسد عجز الموازنة مع عدم السداد. وأضاف «السعيد» فى حواره لـ«الوطن» أن مصر مضطرة للتفاوض مع صندوق النقد الدولى للحصول على قرض آجلاً أو عاجلاً فى ظل العجز المتزايد فى الموازنة العامة للدولة والتراجع فى الاحتياطى من النقد الأجنبى وتراجع عائدات السياحة والصادرات وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج، موضحاً أن تكلفة قرض الصندوق أقل بكثير من تكلفة السندات الدولارية التى طرحتها الحكومة أخيراً بفائدة مرتفعة جداً بلغت ٦٫٢٥ ٪. وعلق «السعيد» أهمية كبيرة على الصكوك الإسلامية التى تعتزم الحكومة طرحها خلال العام الحالى لتمويل المشروعات القومية الكبيرة بشرط أن يطرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى بنفسه نظراً لما يتمتع به من ثقة وشعبية فى الشارع المصرى، وإلى تفاصيل الحوار.. ■ ما أسباب تخطى الدين المحلى حاجز الـ٢ تريليون جنيه؟ - لجوء الحكومة إلى الاقتراض من البنوك لسد عجز الموازنة العامة هو السبب فى ارتفاع الدين العام المحلى، خاصة أن الحكومة لا تسدد ما تقترضه، وتالياً فإن إجمالى الدين العام المحلى يرتفع من عام لآخر حتى وصل إلى مستوى قياسى زاد فيه عن تريليونى جنيه، ليعادل 91% من إجمالى حجم الناتج القومى. وأزمة الدين المحلى بدأت تتفاقم منذ عام 2005 وزادت بعد أحداث ثورة يناير 2011 وطرح سندات الخزانة تسدد الحكومة منه الفوائد المستحقة على القروض وأموال التأمينات البالغ حجمها 600 مليار جنيه، والاقتصاد فى حاجة لزيادة معدلات الإيرادات، واستغلال سندات الخزانة فى الاستثمارات وزيادة معدلات الإنتاج بدلاً من اقتصار دورها على سد العجز فى الموازنة. ■ هل تخطى الدين المحلى الحدود الآمنة، وهل هذا أمر مقلق؟ - اتجاه الحكومة للاقتراض بالشكل الحالى أمر مقلق جداً وسياسة غير جيدة لأنها تقترض فقط لمجرد سد العجز، والخطر الكبير يتمثل فى مصروفات فوائد الدين العام المقدرة بحوالى 244 مليار جنيه، أى ما يمثل حوالى 28% من إجمالى الإنفاق العام. ■ وماذا يجب على الحكومة أن تفعله؟ - تحصيل المتأخرات الضريبية المستحقة على الجهات الحكومية مثل قناة السويس والبنك المركزى وغيرهما، وكذلك العمل على زيادة وتنويع الإيرادات، حتى لا يتم تحميل الأعباء على المواطنين، وتحديداً الفئات الفقيرة ذات الدخل المنخفض، ويجب على الحكومة اتخاذ تدابير وإجراءات تقشفية وأن تعمل على زيادة الإيرادات وترشيد النفاقات، والتوزيع العادل للضرائب، وهناك أكثر من 60% من النشاط الاقتصادى فى مصر غير مسجل، وتالياً لا يوجد على أصحابه أى التزامات تجاه الدولة، ولو تم حصرها وفرضت عليها الضرائب سيسهم ذلك فى تقليل عجز الموازنة العامة. والإيرادات غير الضريبية فى الموازنة الجديدة تبلغ 197 مليار جنيه تعادل 25.1 مليار دولار وتلك قيمة لا تعبر عن الواقع الحقيقى، ويجب على الحكومة بالاعتماد على الشعب المصرى تخفيض الدين المحلى، وهى الطريقة الأمثل المتاحة لتفادى الأزمة التى تمر بها اليونان حالياً. ■ هل هناك تسوية عاجلة لمديونية الجهات الحكومية لدى بنك الاستثمار القومى؟ - هناك محادثات تمت بين مجلس إدارة بنك الاستثمار القومى ووزارة المالية قبل انتهاء السنة المالية واعتماد موازنة العام المالى الجديد ٢٠١٥-٢٠١٦. ■ عن ماذا أسفرت المحادثات؟ - تم الاتفاق مع وزارة المالية على تسوية ٣٠ مليار جنيه من إجمالى حجم المديونية خلال شهر يوليو الحالى، واعتمدت وزارة المالية مبلغاً بقيمة ٣٠ مليار جنيه فى الموازنة العامة للدولة تمهيداً لتسوية مديونيات الهيئات الحكومية لدى بنك الاستثمار، وسيتم الإعلان عنها قريباً، على رأسها تسوية جزء من مستحقات البنك لدى اتحاد الإذاعة والتليفزيون البالغة نحو 22 مليار جنيه، وتم الاتفاق على تسوية مديونيات ماسبيرو، خاصة أن لدى ماسبيرو أصولاً وشركات، كما أن لجنة إعادة هيكلة ماسبيرو قدمت تقريرها لبنك الاستثمار القومى بسيناريوهات لتدارك تلك الأزمة ويتضمن تنازل ماسبيرو عن عدد من العقارات أو الأصول المملوكة له مقابل جزء من المديونية وجدولة باقى المديونيات على عدد من السنوات لضمان عدم اتخاذ البنك إجراءاته بالحجز على هذه الممتلكات، وهو ما تحاول جهات أخرى اتباعه بعد ارتفاع المديونيات الخاصة بهذه الجهات إلى 250 مليار جنيه للبنك، منها نحو 100 مليار جنيه مستحقة على الهيئات الاقتصادية وفى مقدمتها اتحاد الإذاعة والتليفزيون كما قلت لك.[FirstQuote] ■ ماذا عن تسوية مديونية قطاع الأعمال العام؟ - مديونية شركات قطاع الأعمال لبنك الاستثمار القومى تصل إلى ٩٠ مليار، وجزء من خطة سداد مديونية قطاع الأعمال العام يتمثل فى تحويل المديونية إلى حصص فى رأس مال عدد من الشركات التابعة للقطاع. ■ وما هى الشركات المدرجة فى الخطة؟ - على رأسها الشركات التابعة لقطاع الغزل والنسيج وشركة الحديد والصلب التى تقوم بالفعل بإعادة تقييم الأراضى والأصول غير المستغلة لمبادلة الديون مقابل حصص يملكها بنك الاستثمار القومى. ■ هل مصر فى حاجة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولى؟ - فى تقديرى مصر محتاجة لبدء مفاوضات مع مسئولى صندوق النقد الدولى فى الفترة المقبلة للحصول على قرض فى ظل العجز المتزايد فى الموازنة العامة للدولة والتراجع فى الاحتياطى من النقد الأجنبى وتراجع عائدات السياحة والصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج إضافة إلى تراجع الدعم الخليجى فى ظل الأزمات التى تعصف بالدول العربية وبشكل خاص دول الخليج العربى والحرب اليمنية السعودية. ■ هل طرح الحكومة لسندات دولارية بقيمة ١٫٥ مليار دولار لمدة عشر سنوات بديل جيد لقرض الصندوق؟ - السندات الدولارية إحدى الأدوات التمويلية لجلب النقد الأجنبى، وتم تغطية الطرح الأخير أكثر من ٢٫٤ مرة وهذا دليل على ثقة العالم إلى حد ما فى الاقتصاد والحكومة المصرية، ولكنها أكثر تكلفة من قرض الصندوق لأن سعر الفائدة على السندات الدولارية بلغ 6.25% سنوياً، وهذه نسبة مرتفعة جداً بالمقارنة بأسعار الفائدة للسندات الدولية الأخرى. ■ وما سبب ارتفاع سعر الفائدة؟ - يتناسب معدل الفائدة طردياً مع حجم المخاطر السياسية والأمنية التى تمر بها الدولة التى تطرح السندات، وبما أن الوضع فى المنطقة العربية بشكل عام والعمليات الإرهابية فى سيناء ملتهب فهذا سبب كبير لارتفاع سعر الفائدة. ■ لماذا لجأت الحكومة لطرح سندات دولارية بسعر فائدة مرتفع؟ - غياب بشائر قدوم عملة أجنبية لمصر سواء من خلال استثمارات أو وسائل أخرى إضافة لارتفاع الدين ونقص الاحتياط الأجنبى، هذه العوامل تجعل من المستحيل أن تحصل مصر على سندات دولية بفائدة أقل، ولذلك فالاقتراض من صندوق النقد هو البديل الأفضل لتدنى سعر الفائدة إلى 2% ■ هل هناك بدائل أمام الحكومة لتمويل مشروعاتها بعيداً عن الموازنة التى تعانى عجزاً تمويلياً؟ - الصكوك بديل جيد لتمويل المشروعات الحكومية الكبرى وستبدأ الحكومة فى طرحها خلال العام المالى الحالى كما أعلن هانى دميان وزير المالية. ■ ما الفرق بين الصكوك الحالية وصكوك «الإخوان»؟ - صكوك الإخوان كانت فاشلة وهناك خلافات جوهرية بين الصكوك التى تنوى الحكومة طرحها والصكوك التى كانت الإخوان تخطط لطرحها، إذ إن الأولى ستكون صكوكاً سيادية تصدرها الحكومة ولن تعرض أصول الدولة للبيع والخطر مثلما كان الحال فى القانون المجمد حالياً الذى صدر إبان حكم الإخوان، إلى جانب أن القانون الجديد لن يتضمن طرح سندات للشركات، وهذه التعديلات الجذرية ستراعى الحفاظ على أصول الدولة وتأمينها، من خلال ضمان الحكومة للصكوك المصدرة، وأحد بنود قانون صكوك الإخوان كان يسمح للأجانب بتملك الصكوك، ويفتح المجال للتصرف فى الأصول الثابتة دون ضوابط حقيقية، إضافة إلى احتوائه على مخالفات شرعية جسيمة، جعلت الحكومة حينها تلغى كلمة «الإسلامية» من المشروع لتجنب عرضه على الأزهر، كما أن حكومة الإخوان لم توضح كيف ستستثمر العائد من هذه الصكوك، إضافة إلى أن غياب النزاهة والشفافية وقتها من قبَل الحكومة فى كيفية التعامل مع هذه الصكوك، يؤدى لنفس مدخلات الفساد التى أضرت باقتصادنا طوال العقود الماضية لمصر. ■ وهل ستتلافى الحكومة الحالية ثغرات قانون الصكوك السابق؟ - صكوك الإجارة التى تنتوى الحكومة إصدارها هى صكوك تهدف إلى تمويل المشروعات التنموية وتوفير بديل تمويلى رخيص الثمن من خلال المشاركة فى الأرباح والخسائر، وبما يضمن تحقيق الهدف الأساسى، وهو تنفيذ المشروعات دون مخاوف من ضياع حقوق الملكية بالنسبة للدولة، كما تصلح لتوفير المعدات والآلات والمبانى والسفن والطائرات، وغيرها من الأصول الإنتاجية طويلة الأجل، وهى جاذبة للمكتتبين لحصولهم منها على عائد معروف ومحدد مسبقاً، كما أن درجة المخاطرة فيها منخفضة، نظراً لأن الطرف الذى يصدرها هو الحكومة. ■ وما الضمانات اللازمة لنجاح الصكوك؟ - أن يتم إصدارها لتمويل مشروعات قومية تعمل على توفير فرص عمل لتشغيل الشباب، والضمانة الأهم أن يُصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسى بنفسه لما يتمتع به من ثقة فى الشارع المصرى.