"جزمة متلمعة" فى دكان "ونس بشاى".. كان زمان

"جزمة متلمعة" فى دكان "ونس بشاى".. كان زمان
قبل قدوم العيد كان الزبائن يقفون خارج الدكان بالطوابير، ليس لشراء الملابس أو حلاقة الشعر، وإنما لتلميع الأحذية، ذلك الطقس الذى لا يستقيم العيد دونه آنذالك.
دكان «ونس بشاى» الشهير الموجود بميدان أبوظريفة بوسط البلد، كان زبائنه من مختلف الطوائف، فيزوره الغلابة، ويتردد عليه الباشوات وحرس الملك فاروق، ومن وقتها وحتى الآن لا يزال يحتفظ بمظهره القديم، الراديو القديم، الكراسى الخشبية المتهالكة، وحوض المياه الذى لحق به الصدأ.
وعن استكمال «رسمى» لمشوار والده، يقول: «أنا من مواليد 1948، وحصلت على دبلوم التجارة عام 1970، وبعدها بقيت موظف فى محافظة القاهرة، وفضلت هناك لحد ما خرجت على المعاش عام 2008، ولم أجد حرجاً بعدها فى أن أفتح دكان مسح الأحذية، لأكمل مسيرة والدى».
يجلس «رسمى» الآن وحيداً على الكرسى الخشبى القديم يتذكر أحوال الدكان، وكيف كان يمر العيد عليهم، وكيف تغيّر الحال مع مرور الوقت.
«والدى (ونس) اتولد سنة 1913، وفتح الدكان سنة 1933، لمسح وتلميع الأحذية، لكن دلوقتى مسح فقط»، قالها «رسمى» موضحاً أنه حين كان موظفاً، كان يأتى بوالده صباحاً إلى الدكان، ويعود به إلى البيت آخر اليوم، ويستطرد: «كان مانعنى أشتغل عشان الوظيفة وكلام زمايلى، كان يعنى بيحافظ على شعورى، رغم أنه فخور بالدكان»، مشيراً إلى أن الناس كانت تقف طوابير أمام الدكان مع اقتراب العيد، وكانت الفرحة تملأ المكان، والجميع يحرص على أن تكون ملابسه نظيفة.
مهنة مسح الأحذية علّمت «رسمى» التواضع، فلا يخجل منها، بل يحبها، ولا يريد تغيير نشاط الدكان، خاصة أنه يذكره بوالده، وبذكريات عديدة لا يمكن نسيانها.
«رسمى»، يعشق كل ما هو قديم، لذلك يحتفظ بالكراسى والحوض القديم، كما يعشق النظافة فى كل شىء، ويرى أن تلميع الحذاء يدل على نظافة الإنسان، فيقول: «الناس زى ما هى، ماتغيرتش، لكن الظروف اللى حواليهم هى اللى اتغيرت والمشاغل زادت»، مفسراً عدم إقبال الزبائن على الدكان فى العيد مثل أيام زمان، بأنه ليس إهمالاً منهم، لكن بسبب صعوبة الحياة وسرعتها.