أستاذ.. ورئيس قسم!
قبل بداية شهر رمضان المعظم مباشرة، اتخذت قرارى بعدم متابعتى أنا أو ابنتى لأى مسلسلات تذاع خلاله بعدما رأيت التنويهات ولاحظت الكم والكيف المستهدفين للمشاهد المصرى، بل ربما العربى وقد أدخلا بيوتنا عنوة وفى الشهر الفضيل مشاهد الجنس والشذوذ والإدمان والتفكك الأسرى والألفاظ الخارجة والقتل بدم بارد ومشاهد تعاطى الخمور والدعارة والملاهى الليلية! دون أى احترام لعاداتنا وتقاليدنا أو ديننا أو حتى الشهر الفضيل الذى لا يأتينا إلا مرة كل عام! وكل ذلك تَحْت بند طرح القضايا المجتمعية لمعالجتها وهذا ما يطلق عليه: «حق أريد به باطل» نظراً لأن الـ29 حلقة الأولى من المسلسلات تعج بالسلبيات وفى قالب مغرٍ ومشوق يثير شغف الكثيرين، ثم تأتى الحلقات الأخيرة لتضع نهايات ضعيفة للمسلسلات لا تفى بالمطلوب لتوجيه الرسالة الواجبة أو العظة للمشاهدين مما يحول هذه المسلسلات إلى قنابل موقوتة تدخل بيوتنا لتدمر قيماً أساسية ينبغى أن تبنى عليها الشخصية المصرية وخاصة الأطفال الشباب أو الأجيال الواعدة التى تمثل مستقبل الوطن الغالى، إضافة إلى التقصير فى رصد الأعمال التى تسجل بطولات المصريين من أبنائنا من الجنود والشهداء والرموز وممن يدافعون عن الهوية المصرية والوطن، خاصة فى أحداث السنوات الأخيرة، وأيضاً التخاذل فى معالجة ظواهر التطرف الدينى ومحاولات نشر العنف والإرهاب بيننا، مما يضع إعلامنا وفنانينا والدخلاء على المجالين على المحك دون فرص إضافية فى سنوات مقبلة يجب أن تتوفر بها إليه ما (بشكل ما) لمنع هذا النمط من الملوثات من دخول بيوتنا والقضاء على أجمل من بها ألا وهم أبناؤنا! ولكن وفى خضم هذه الأعمال شاهدت مصادفة إحدى الحلقات الأولى من مسلسل «أستاذ ورئيس قسم» للمبدع يوسف معاطى والفنان عادل إمام وقد شجعنى على الاستمرار فى المتابعة اختيار الموضوع وموضوعية الرصد والمعالجة الدرامية لقصة «دكتور فوزى جمعة» التى تدور أحداثها فى فترة تاريخية هامة تبدأ قبل ثورة يناير ومروراً بها حتى تصل إلى ثورة 30 يونيو، ثم المرحلة الراهنة دون تشنج أو ادعاء أو مزايدة وبموضوعية شديدة ورقى واضح وأداء صادق وعميق للزعيم عادل إمام والراقية الجميلة أستاذتى نجوى إبراهيم التى أسعدت محبيها بإطلالتها المميزة الرقيقة من جديد فى هذا العمل الدرامى والذى قد ينتقده البعض من النقاد إلا أننى أتصور أنه مهما كان يعد الأفضل بين كل ما أُذيع إن لم يكن الوحيد الذى تذكر وتطرق إلى شخصية المجند الشهيد فى مشهد أبكى الكثير من المصريين وفى إطار لم ينسَ تشريح عناصر المجتمع المصرى فى هذه الفترة تشريحاً دقيقاً وسلساً أقرب ما يكون لما حدث بالفعل منذ يناير 2011 فتحية إلى أسرة هذا العمل الفنى الممتع، وأما دونه فلم أقوَ على متابعة دقائق معدودة من أعمال أثارت جدلاً وتوتراً داخل بيتى أنا شخصياً لتحفظى الشديد على متابعة وحيدتى مريم لها وأعتقد أنه لم يُكن حالى وحدى وإنما حال الكثيرين ببيوتنا ممن عانوا وعلقوا على هذا الطوفان من المسلسلات -اللارمضانية- التى ابتلينا بها هذا العام وشكلت عبئاً حقيقياً علينا حتى انتهت! فحقاً عالم البزنس لا يعرف الرحمة ولا الضمير، وإلى اللقاء الأسبوع المقبل.