بروفايل| حسن روحانى الإصلاحى منتصراً

بروفايل| حسن روحانى الإصلاحى منتصراً
ربط عمامته البيضاء، متمسكاً بزيه التقليدى، كونه رجل دين فى المقام الأول، توجه إلى مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، بكل رصانة يعلن أن «الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن يكون لها إطار تعالج فيه جميع الخلافات، فإيران تتحرك انطلاقاً من مسئولياتها فيما يتعلق بالأمن الإقليمى والدولى». وقتها، لم يأخذ أحد حديثه على محمل الجد، ووُجهت إليه انتقادات عنيفة تتهمه بالخداع والمكر، فخرج رئيس الوزراء الإسرائيلى بعدها بساعات يحذر من «المماطلة» حتى الحصول على السلاح النووى. عمامته البيضاء ولحيته الخفيفة هما كل ما يميزه فى مظهره عن سلفه أحمدى نجاد، الذى لطالما نظر إليه العالم على أنه «متشدد» لا مكان له فى المفاوضات مع الدول الكبرى حول البرنامج النووى الإيرانى.
وقف الرئيس الإيرانى حسن روحانى، يعلن أن «إيران حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق النووى»، مؤكداً: «استجاب الله لصلوات أمتنا.. إيران لن تسعى بتاتاً لحيازة السلاح النووى، فمثل هذا السلاح مخالف لديننا، والاتفاق نقطة انطلاق لبناء الثقة بين بلادنا والغرب».
خاض «روحانى» السباق الرئاسى باعتباره رجل الدين الأوحد، ووسط توقعات مسبقة بأن يتصدر المحافظون النتائج، جاء اختياره «صادماً» على جميع الأصعدة.. الإيرانيون أنفسهم كادوا ينفجرون عن آخرهم من شدة فرحتهم، فخرجوا إلى الشوارع ينزعون الحجاب فى تحدٍّ واضح للسلطات، ابتهاجاً بـ«نهاية الخريف الإيرانى»، بينما العالم ينظر فى دهشة.. هل يُعقل أن يكون الرئيس الجديد معتدلاً حقاً يمكن التوصل إلى تسوية معه لحل الأزمة نهائياً؟ هل يُعقل أن خلافاً دام ما يقرب من عقد كامل ينتهى فى أشهر معدودة؟
يوماً بعد يوم، كانت تتزايد حدة الصدام بين الدول الكبرى والمعارضين للاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووى.. «طهران» تستمر فى رسائلها المتفائلة.. إسرائيل تحذر وفرنسا تهدئ من روعها، بينما تلهث الولايات المتحدة وراء «روحانى»، ولأنها القوة الأكبر فى العالم.. خرجت بقية الدول وراءها فى مسعاها دون تقدير حقيقى للموقف، ولكن على عكس كل التوقعات.. تحقق الاتفاق.. توصلت الدول الكبرى إلى اتفاق مع إيران لتقليص برنامجها النووى فى مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.
ربما كل ما يريد أن يفعله «أوباما» أن يفعل إنجازاً ما يذكره له التاريخ، فقد أثبتت السنوات الخمس التى قضاها حتى الآن قابعاً على رأس أكبر دولة فى العالم، أنه أسوأ من تحكم فى المصالح الأمريكية على جميع المستويات. وفى الوقت الذى يسعى فيه «أوباما» لهذا الإنجاز بأى ثمن.. نجح «روحانى» فى توجيه أنظار العالم إليه، فقد استطاع إنهاء خلاف تاريخى يعود إلى عقود طويلة، بينما لا تزال الآراء منقسمة حول الاتفاق، فما بين مؤيد ومعارض، وقف العالم ينتظر ما سيسفر عنه الاتفاق وما إذا كانت إيران ستلتزم به، فى وقت يتهم فيه آخرون «أوباما» بالفشل والرضوخ لـ«طهران».