رحماك يا رب بلبنان
رحماك يا رب بلبنان فمنذ أن تحرر من الاستعمار الفرنسى فى ٢٢ نوفمبر عام ١٩٤٣ وهو يكافح ويتألم ويتأوه، واحد وثمانون عاماً لم يسترح فيها لبنان ما بين فصائل تقاتل الأعداء عبره، ويتحمل هو رد الفعل الإسرائيلى الهمجى، كما حدث مع منظمة التحرير الفلسطينية، وما بين حرب أهلية طاحنة، وما بين ميليشيات مسلحة تحارب إسرائيل عبر أراضيه فإذا بالهمجية الصهيونية تصب نيران غضبها عليه وتقتل وتجرح وتأسر وتدمر القرى والبلاد وتدك العاصمة بيروت وتهجر الملايين وتقتل الأطفال والنساء.
آه يا لبنان تخرج من كفاح لكفاح، ومن صراع داخلى لآخر، ومن قدر محتوم عليك إلى قدر أصعب منه، وفى كل لحظة تعطى بغير حساب وتتحمل الفواتير عن الآخرين فى صبر وجلد، كل البلاد فيها حكومات مستقرة إلا أنت، لبنان يعيش بلا رئيس لعدة سنوات ويعيش بحكومة تسيير الأعمال لعدة سنوات أخرى، حكومات غير مستقرة وبلا صلاحيات.
دمرت إسرائيل منذ سنوات معظم لبنان، وقبلها فى الثمانينات اجتاحت لبنان واحتلت عاصمته وفرضت عليه حكاماً يتبعونها ومعاهدة جل بنودها تخدم إسرائيل، ولكن لبنان نهض ومزق المعاهدة ثم استرد عافيته، كلما هدم الصهاينة لبنان أعاد اللبنانيون بناءه، اللبنانى قوى وصلب وعالم، يشرفون لبنان فى الدنيا كلها.
الدولة الوحيدة التى تدفع ضريبة دم ودمار أكبر بكثير من طاقتها، تدفع فاتورة كل الميليشيات ومجموعات الكفاح الوطنى التى حلت بها، وتدفع فاتورة ردع إسرائيل عن الآخرين، وهى البلد الوحيد الذى لا تستأذن حكومته ولا جيشه ولا أجهزته السيادية فى الحروب مع الآخرين سواءً فى سوريا أو إسرائيل أو غيرها.
شعب لبنان هو أصبر الشعوب فهو يقدم فاتورة الحروب الواحدة تلو الأخرى فى صبر جميل وأسى كبير.
لبنان يحتفل بعيد استقلاله الـ٨١ وهو تحت القصف الإسرائيلى، ومواطنوه إما جرحى فى المستشفيات أو شهداء فى القبور أو مهجرون ولاجئون فى غير مدنهم وقراهم أو خارج لبنان كلها.
رغم مأساة اللبنانيين من حروب ودمار جراء عمليات المقاومة التى قام بها رجال ياسر عرفات إلا أنهم ودعوا مقاتليه بالدموع والورود والأحضان والقبلات، هو شعب أبىّ يقف إلى جوار أصحاب الحق حتى لو كانت تضحياته أكبر منهم وجراحه أعمق منهم.
الشعب اللبنانى احتضن المقاومة فى الجنوب وتحمل معها ومنها الكثير واليوم جاوز عدد شهداء القصف الإسرائيلى ٤٠٠ شهيد، والجرحى جاوزوا الـ١٨ ألفاً، أما الأطفال فقد نشرت اليونيسيف تقريراً حرفياً مفاده أن إسرائيل قتلت فى غاراتها على لبنان ٢٠٠ طفل وأصيب أكثر من ١١٠٠ آخرين خلال فترة شهرين من الحملة البربرية الإسرائيلية على لبنان.
وبذلك تكون إسرائيل تقتل كل يوم ثلاثة أطفال فضلاً عن قرابة ٣٠٠ طفل جريح يومياً.
وصدق منهم من قال عن بنى صهيون إنهم قتلة الأنبياء والأطفال، الصهاينة يدركون أن الأطفال هم صناع المستقبل العربى المقاوم، ولذلك يسعون لقتلهم أو جرحهم وإعاقتهم.
قالت اليونيسيف إن الغارات الإسرائيلية أجبرت قرابة ٤٠٠ ألف طفل لبنانى على النزوح من قراهم ومدنهم فى الجنوب والبقاع، وحذرت اليونيسيف من خلق جيل ضائع فى لبنان، كما حرم قرابة ١٫٢ مليون طفل لبنانى من التعليم أو الوصول لمدارسهم التى إما قصفت أو تحولت إلى ملاجئ.
أما عدد الشهداء فى لبنان فقد جاوز الثلاثة آلاف ونصف وجاوز عدد الجرحى ١٤ ألف جريح.
رحماك يا رب بلبنان.. لبنان الشهم الأسد الشامخ، تحية للبنان ولكل لبنانى ضحى ويضحى أو يبنى ويعمر، تحية للشهداء، والعافية للجرحى، والأمل والعودة للمهجرين.