فقهاء القانون: «السيسى» لا يملك صلاحيات عزل رئيس «المركزى للمحاسبات»

كتب: أحمد البهنساوى

فقهاء القانون: «السيسى» لا يملك صلاحيات عزل رئيس «المركزى للمحاسبات»

فقهاء القانون: «السيسى» لا يملك صلاحيات عزل رئيس «المركزى للمحاسبات»

قال عدد من فقهاء الدستور إن رئيس الجمهورية لا يملك عزل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات بموجب القرار الجمهورى الذى أصدره أمس الأول الخاص بحالات إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة لعدم وجود برلمان يقر ويصدق على قرار العزل فضلاً عن أن الجهاز له قانون خاص، ومن المعروف أن الخاص يقيد العام. وأوضح بعض الخبراء أن القرار قد يمس استقلال الهيئات المستقلة لاحتوائه على عبارات مرنة تتسع لأكثر من معنى، فيما رأى آخرون أن القرار دستورى وبه عبارات محددة وواضحة. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد أصدر قراراً بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، الذى نص على أنه يجوز لرئيس الجمهورية إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم فى 4 حالات وهى «إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وإذا فقد الثقة والاعتبار، وإذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، وأخيراً إذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذى يشغله لغير الأسباب الصحية».[FirstQuote] ويقول الفقيه الدستورى د. محمد نور فرحات إن المادة 215 تنص على أنه «يحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية» وتتمتع تلك الهيئات والأجهزة بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال الفنى والمالى والإدارى، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها. وتعد من تلك الهيئات والأجهزة البنك المركزى والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز المركزى للمحاسبات، وهيئة الرقابة الإدارية. بينما تنص المادة 216 على أن «يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابى قانون يحدد اختصاصاتها ونظام عملها وضمانات استقلالها والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحياد والاستقلال. ويعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفى أى منهم من منصبه إلا فى الحالات المحددة بالقانون، ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء». كما تنص المادة ٢٥ من قانون الجهاز المركزى للمحاسبات على عدم قابلية رئيس الجهاز للعزل. وتابع «فرحات»: «والسؤال: هل يجوز لرئيس الجمهورية بمقتضى القانون الجديد الذى أصدره أن يعزل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات؟ الإجابة بالنفى». وأوضح «فرحات» أن قانون الجهاز المركزى للمحاسبات قانون خاص والخاص يقيد العام وإذا كان الرئيس يرغب فى عزل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات فكان على مستشاريه القانونيين أن يشيروا عليه بتعديل المادة ٢٥ من القانون، ثم إن سلطة الرئيس فى عزل رؤساء الأجهزة المستقلة والرقابية تخضع لرقابة القضاء الإدارى للتأكد من عدم مخالفة القانون أو عدم التعسف فى استعمال السلطة. وأكد «فرحات» أن هناك شبهة عدم دستورية قوية فى هذا القانون؛ فالدستور نص على أن تعيين رؤساء هذه الأجهزة يكون بموافقة مجلس النواب ومن يملك التعيين يملك العزل وبنفس الإجراءات وإلا تصادمت السلطات، أى أن يقوم الرئيس بعزل الرئيس القديم للجهاز ولا يوافق مجلس النواب على تعيين الرئيس الجديد، ثم إن القانون الذى صدر أمس الأول حرم رؤساء الأجهزة من أبسط الضمانات المقررة لصغار الموظفين وهى التحقيق والمساءلة واستخدم عبارات مطاطة تسمح بالتعسف فى التفسير وحظرتها المحكمة الدستورية مثل «فقد الثقة والاعتبار والإضرار بالصالح العام لجهة ما والمساس بالأمن القومى». ولفت الفقيه الدستورى إلى أن القرار بقانون مهدد بعدم الدستورية أيضاً لأنه ليس من قوانين الضرورة التى أجازت المادة ١٥٦ للرئيس إصدارها فى غيبة البرلمان، ومع ذلك يبقى إصدار هذا القانون فى هذا التوقيت أمراً مثيراً للتساؤل. وتابع قائلاً: «الأكثر إثارة للتساؤل عدم فتح ملفات الفساد التى أشار إليها الجهاز المركزى للمحاسبات بالنسبة لبعض الأجهزة السيادية؟ هل نحن حقاً نعيش فى دولة تحارب الفساد؟». من جانبه قال د. فتحى فكرى، أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة، إن القرار بقانون كان يحتاج إلى مزيد من الضبط والإحكام فى الصياغة لسببين الأول أن تعيين رؤساء الهيئات الرقابية والمستقلة يكون بالاشتراك مع مجلس النواب، وفى تقديرى أن تلك المشاركة مطلوبة كذلك حال العزل وهو ما يوفر ضمانة الاستقلال لتلك الأجهزة التى تباشر مهام غاية فى الأهمية والحساسية. السبب الثانى أن الصياغة خلطت ما بين العزل كجزاء وبين انتهاء الخدمة فالخدمة تنتهى إذا فقد شاغل المنصب أحد الشروط المطلوبة للتعيين. ولفت «فكرى» إلى أن الحديث عن الثقة والاعتبار كسبب للعزل غير دقيق كما أن الثقة والاعتبار من شروط الصلاحية للمنصب وبالتالى فإن البند الرابع يعد تكراراً ويتضمن بالضرورة البند الثانى فكما أوضحنا الثقة والاعتبار من شروط الصلاحية، يضاف لما سبق أن هناك تساؤلاً عن فقد الثقة والاعتبار هل سيكون بحكم قضائى أم مبنى على تحريات من جهات معينة وما هى هذه الجهات. وتابع «فكرى»: «وأخيراً فإن السبب الأول يتطلب أن نتوقف أمامه قليلاً وهو قد يبدو منطقياً لكننا نريد فقط أن نقول هل سيتم التحقق من وجود دلائل على المساس بأمن الدولة وسلامتها بعد تحقيق أم لا، والملاحظة على الصياغة هدفها أن نضمن الاستقلال المطلوب تحقيقه وإحاطة تلك الجهات به لكى تؤدى عملها على النحو المرجو وفقاً لما ورد فى الدستور». وحول مدى دستورية هذا القرار بقانون لفت إلى أن الصياغة التى يمكن وصفها بأنها شديدة المرونة ويمكن تأويلها على أكثر من معنى تجعلنا نقول إن هناك شكوكاً فى أن هذا القانون يكفل للجهات المعنية حرية العمل وهو ما نرى أنه لا يتفق مع روح الدستور والسياسة التى كان يستهدفها من وجود تلك الجهات. بينما قال د. محمد حسنين عبدالعال، أستاذ القانون الدستورى، إن هذا القرار دستورى يقيناً، لأن هناك نصاً صريحاً فى الدستور يمنح رئيس الجمهورية الحق فى تعيين رؤساء الهيئات المستقلة والهيئات الرقابية وإعفائهم من مناصبهم يكون فى الحالات التى يحددها القانون، «وقد طبق الرئيس تطبيقاً مباشراً نصاً صريحاً فى الدستور فضلاً عن أن هذا اختصاص منطقى للرئيس فهو دستورى مائة بالمائة»، على حد قوله. وشدد «عبدالعال» على أن القرار مصوغ بطريقة محددة ويحدد 4 حالات وهى الأمن القومى وصدور تصرفات من رئيس الهيئة أو الجهاز تضر بمصالح الوطن وفقدان شرط من شروط الصلاحية وهى حالات لا يتصور تحديدها أكثر من ذلك، لافتاً إلى أن هذا القرار لا ينصرف على المسئولية الجنائية التى تسوقها النيابة العامة والقضاء نحن نتحدث عن اعتبار آخر أنه بغض النظر متى بدأ التحقيق عندما تصدر تصرفات تمس الأمن القومى يتم إعفاؤه مباشرة. وأضاف أن من ينتقد هذا القرار يتجاهل أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أصدر قراراً بقانون عام 1970 يمنح رئيس الجمهورية حق إعفاء أى موظف بالدولة بغير الطريق التأديبى وكان يعتبر عملاً من أعمال السيادة. وبخصوص المادة 156 من الدستور أوضح أن جميع القرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية حتى يتم تكوين مجلس النواب هو غير مطالب بعرضها على مجلس النواب ولا تخضع لهذا القيد لكن المادة تتحدث فى وجود مجلس، ولا يوجد حالياً سلطة تشريعية منذ عزل محمد مرسى.