على سور النادي الأهلي بالجزيرة صورة كبيرة وإن كانت ملامح الأشخاص بها غير واضحة، وهذا طبيعي لأن عمر تلك الصورة لا يقل عن 120 سنة، الصورة تضم بعض الأشخاص ومن بينهم عمر بك لطفي.

كثيرون لا يعرفون من عمر لطفي، لكنه ببساطة صاحب فكرة تأسيس النادي الأهلي. هذا النادي العملاق نادي القرن كان فكرة في رأس الرجل المتميز عمر لطفي . وهذا يعني أن الأفكار يمكن أن تكون إنجازات كبيرة مثلما حدث في النادي الأهلي .

ولد عمر لطفي عام 1867 في الإسكندرية وترجع جذوره إلى أسرة مغربية وفدت إلى مصر في عهد محمد علي . وهو محامي واقتصادي وألف مجموعة من الكتب في مجالات عدة واشتهر بأنه أبو التعاون في مصر كما أنه كان من أوائل المدافعين عن حقوق المرأة وسبق في هذا الشأن قاسم أمين وهو ما يعني أنه من التنويريين في وقت مبكر من النهضة المصرية .

بعد انتقال الأسرة إلى القاهرة تعلم في سنواته الأولى في مدرسة الجمعية الخيرية التي أسسها عبد الله النديم وحفظ القرآن وعاش في بولاق وأتم دروسه في مدرسة الفرير الفرنسية . تخرج عمر لطفي في مدرسة الحقوق وعمل في قضايا الحكومة وتدرج في المناصب حتى عمل قاضيا بمحافظة قنا وتراوح في عمله بين القضاء والعودة للحكومة واستقر على العمل بالتعليم فشغل منصب وكيل مدرسة الحقوق وعمره 38 عاما .

درس لطفي في إيطاليا وبعد عودته رأى استداد الأزمة المالية على الفلاحين ومعاناتهم بسبب المرابين والمضاربين فقاد الاتجاه إلى تطبيق التعاون الذي تعلمه في إيطاليا ودعا إلى أن تقتدي الحكومة المصرية في هذا الشأن بألمانيا وإيطاليا ، لكن الحكومة لم توافق ، فاتجه إلى إنشاء النقابات الزراعية والجمعيات التعاونية . وطاف لطفي بمصر يدعو لفكرة التعاون وصار احد رواد الحركة التعاونية على مستوى العالم.

كان لطفي صديقا لمصطفى كامل ، وعندما فكر مصطفى كامل في إنشاء نادي المدارس العليا عام 1905 انتخب الأعضاء عند التأسيس عمر لطفي رئيسا للنادي . كان النادي نموذجا للنظام والنظافة وتضاعف عدد أعضائه خلال فترة وجيزة وصار كيانا يتجمع حوله ومن خلاله أبطال الحركة الوطنية .

خلال رئاسته لنادي المدارس العليا جاءته فكرة تأسيس نادي رياضي يجمع الطلاب ويعدهم لتقلد مكانهم في طليعة الشباب الوطني بدلا من عودة كل منهم إلى قريته وانقطاع الاتصال بينهم عند حاجة الوطن لهم ، فكانت فكرة النادي الأهلي الذي اتفق مع أصدقائه من كبار رجال الوطن على تأسيسه وضرب عمر لطفي المثل في إنكار الذات عندما اختار ميتشل أنيس لرئاسة النادي رغم أنه صاحب فكرة تأسيس الأهلي .

توفى عمر لطفي في عمر الشباب – 44 عاما – ورثاه أحمد شوقي بك أمير الشعراء فقال :

قفوا بالقبور نسائل عمر .. متى كانت الأرض مثوى القمر ؟ . كما رثاه عبد الخالق ثروت باشا رئيس الوزراء ورئيس النادي الأهلي .

كان عمر لطفي مثالا للإنجاز بمثله وتنظيمه واجتهاده وكان رائدا تعاونيا ومتحمسا لحقوق المرأة وقاضيا ومحاميا ، وبالنسبة لجماهير النادي الأهلي يكفي أنه كان السبب في كل هذه العظمة الرياضية .