أفراح في «تل أبيب».. و«موسكو» تنتظر!
واصفاً انتخابه بـ«أعظم عودة فى التاريخ»، وبسعادة بالغة عبر رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عن فرحته بفوز الرئيس الأمريكى السابق (والقادم) دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية ٢٠٢٤، التى انتهت منافساتها قبل يومين وسهر العالم يتابع نتائجها مترقباً، ثم متفاجئاً بالتفوق الكبير الذى حققه المرشح الجمهورى ترامب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
وقال نتنياهو فى منشور عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعى: «إن عودتك التاريخية إلى البيت الأبيض تعطى أمريكا بداية جديدة وتجدد التزاماً قوياً بالتحالف العظيم بين إسرائيل وأمريكا»، ونتنياهو الذى كان يصلى من أجل فوز ترامب، حرص أن يكون أول المهنئين للرئيس الفائز فى اتصال هاتفى مطول. ولا يخفى الشارع الإسرائيلى فرحته بفوز ترامب، حيث أكدت وسائل إعلام انتشار لافتات تحمل صور الرئيس الأمريكى فى شوارع تل أبيب، وحملت بعضها عبارات دالة منها: «تهانينا ترامب»، «اجعل إسرائيل عظيمة مجدداً».
وانهالت التهانى أيضاً من مسئولين فى إسرائيل، فقد صعد وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير إلى منصة الكنيست مهنئاً ترامب، بحسب ما أكدت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، حيث قال: «هذا هو وقت السيادة، هذا هو وقت النصر المطلق، هذا هو الوقت المناسب لسن عقوبة الإعدام للإرهابيين، هذا هو الوقت المناسب لجميع أنواع القوانين» وأضاف: «تهانينا لدولة إسرائيل وبعون الله - حتى النصر المطلق». فيما وقف عضو الكنيست سيمحا روثمان وأقام صلاة شكر على فوز ترامب.
ورغم إعلان الكرملين عدم وجود أى معلومات بشأن تهنئة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين للرئيس الفائز. إلا أنه لا تخفى على أحد السعادة الروسية بانتصار ترامب وعودته إلى البيت الأبيض، وقال الكرملين فى بيان له عشية إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية، إن الرئيس الروسى «أكد دائماً أنه منفتح على الحوار، مشيراً فى الوقت ذاته إلى أنه لا يمكن التكهن بنوايا الولايات المتحدة بخصوص إنهاء الحرب».
وفى ذروة المنافسة الانتخابية الأمريكية قبل أيام، أعاد تقرير لـ«فورين بوليسى» تسليط الضوء على علاقة دونالد ترامب بالرئيس الروسى.
فقد أكد التقرير أنه «بعد سنوات من البحوث التى قادتها عدة جهات حكومية من مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى وزارة العدل والكونجرس لا يزال هناك غموض كبير حول طبيعة العلاقة، وحتى الآن لا يزال من غير الواضح إن كان ولاء ترامب للرئيس الروسى فلاديمير بوتين مدفوعاً بمصالح متبادلة أو بإعجاب شخصى بالأنظمة الاستبدادية أم شيئاً أكثر خطورة».
وقد أثير الكثير من اللغط حول دور روسى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى ٢٠١٦، وتجدد هذا الحديث بكثافة فى انتخابات ٢٠٢٤، وتصاعد فى الأيام الأخيرة السابقة ليوم الثلاثاء الكبير، آخر أيام التصويت، وقد أكد التقرير السابق «أن روسيا تدخلت فى الانتخابات الأمريكية الحالية بشكل مباشر لدعم حملة ترامب، وذلك باستخدام تقنيات متطورة شملت الذكاء الاصطناعى ومصادر إعلامية مزيفة، ونشرت موسكو معلومات مضللة ووظفت شخصيات أمريكية للتأثير على الرأى العام».
وأفاد مسئول فى الاستخبارات الأمريكية، بحسب موقع قناة «الجزيرة»، أن هذا التدخل كان «أكثر تطوراً وجرأة من المحاولات السابقة»، واستهدف بشكل خاص الولايات المتأرجحة بهدف تعزيز فرص فوز ترامب فى الانتخابات.
وفى طهران، أبرز العواصم المتوجسة من عودة ترامب الذى مرت معه بفترة قاسية بين عامى (٢٠١٧: ٢٠٢١)، فإنها تبدو على استعداد لفتح صفحة جديدة مع الرئيس الأمريكى الـ(٤٧)، الذى بشرنا أنصاره فى عالمنا العربى بأن (ترامب ٢٠٢٤) نسخة مغايرة لـ(ترامب ٢٠١٦).
وقد عبر عن ذلك المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، قائلاً: «لدينا تجارب مريرة للغاية مع السياسات والتوجهات السابقة للإدارات الأمريكية المختلفة». لكنه أضاف وفق ما نقلت وكالة «إرنا» للأنباء؛ أن فوز ترامب يمثل فرصة لواشنطن «لمراجعة وإعادة النظر فى التوجهات غير الصائبة السابقة».
«تل أبيب» تحتفل بعودة البطل الأمريكى الذى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ومنحهم صك ضم الجولان السورية، وبشرهم فى حملته الانتخابية بزيادة مساحة إسرائيل. أما «موسكو» فتنتظر السلام الموعود الذى يتوافق مع الطموح الروسى وبشروط بوتين، وعلى حساب زيلينسكى الذى يعيش أسوأ أيامه. أما «طهران» فتترقب مستقبلها النووى، بعد أن تعهد بإضعاف قدراتها، وعدم السماح لها بالتحايل على العقوبات.
ثلاث عواصم ينتظرها مستقبل مختلف فى «اليوم التالى» لفوز ترامب وعودته إلى البيت الأبيض، وعواصم أخرى تبحث عن حظها فى ولايته، بعضها شارك «تل أبيب» فرحها، وهو لا يدرى أنه فرح الشاه المخدوعة قبل ذبحها، وعواصم قليلة تترقب مع «موسكو» انفراجة حقيقية، فيما تقف دول كبرى متأهبة استعداداً لدوران عقارب ساعة دونالد ترامب عكسياً، ليصاحبهم فى رحلة عبر الزمن لأربع سنوات قادمة مثيرة، إلى وجهة غير معلومة.
ونتمنى للعالم السلامة فى ولاية ترامب الثانية.. التى يمكن ألا تكون الأخيرة!