د. سامى عبدالعزيز: الإعلام المصرى متطرف سياسياً وترفيهياً

د. سامى عبدالعزيز: الإعلام المصرى متطرف سياسياً وترفيهياً
الكل خاسر فى رمضان.. وحجم الإعلان يضر بالكل «المشاهد والقنوات والمعلن والعمل الفنى».. وما نشاهده فى رمضان «مهلهلات» وليس «مسلسلات»
الإعلام بعد «30 يونيو» وقع فى فخ تضخم الذات اعتقاداً أنه صنع الثورة بينما الشعب هو الذى صنع الثورة «من أول البواب وانتهاءً بأعلى الطبقات»
لا أحد ضد انتقاد أداء الدولة.. والذين ينتقدون معارضى الرئيس هم «المطبلاتية».. والإعلام ليس عزبة ولا ينبغى أن يكون كذلك
أنا ضد إطلاق قناة إخبارية تمثل صوت الدولة لمواجهة «الجزيرة» والشعوب يحركها المضمون غير المباشر
أكد الدكتور سامى عبدالعزيز، الخبير الإعلامى وعميد كلية الإعلام سابقاً، أن تحول الإعلام إلى «زعامة سياسية» ثم إلى «محاكم تفتيش»، هو بداية وقوعه وعزوف الناس عنه، موضحاً فى حوار لـ«الوطن» أن بعض الإعلاميين نصبوا أنفسهم قضاة على سلوك المجتمع والنخبة، وهذا مُحرّم ومجرّم فى العالم كله، لكنه مباح فى مصر. وشدد «عبدالعزيز» على ضرورة الإسراع فى صدور القوانين المنظمة لصناعة الإعلام، طبقاً للدستور، لتكون بداية لتنظيم هذه الفوضى التى تشهدها القنوات الفضائية والصحف.
وتطرّق الحوار مع «عبدالعزيز» إلى الحفل المرتقب لافتتاح قناة السويس، باعتباره أحد المشاركين فى التحضير والإشراف من الناحية الإعلامية على الاحتفالية، وإلى نص الحوار:
■ المصريون يترقبون حفل افتتاح قناة السويس، وأنت أحد المشرفين إعلامياً عن الحفل، ماذا تم حتى الآن من تحضيرات؟
- منذ البدء فى التفكير فى حفل الافتتاح شُكلت لجنة برئاسة الفريق مهاب مميش، تضم خبراء إعلاميين ومجموعة من خبراء هيئة قناة السويس، ماليين وقانونيين ولوجيستيين، وعملها من البداية هو التأكد من أن التحالف الدولى الذى سيقع عليه الاختيار لتخطيط وتنفيذ الحملة الإعلامية أو الاحتفالية الكبرى يوم الافتتاح، تحالف قادر على التعامل مع حدث ليس له مثيل من قبل، وهذه اللجنة مستمرة فى المتابعة لكل خطوة تتم، سواء على مستوى الحملة المحلية أو العربية أو الداخلية أو تصميم الاحتفالية نفسها، وبمنتهى الأمانة لا أتصور أنه توجد حملة يمكنها أن تترجم أو تعكس حجم هذا الإنجاز حتى نكون صرحاء مع أنفسنا، فالحدث أكبر من أى حملة، وبالتالى فهذه الاحتفالية عمل رمزى ليس أكثر، لأن الإنجاز نفسه يفوق التصور، وحتى هذه اللحظة «كاذب ومدعى من يدعى أن هنا رقما قد تحدد لإنفاقه على الاحتفالية» فالتفاوض بين الشركة وهيئة قناه السويس كل يوم يحدث به تغيير، لأن المبدأ الموضوع هو كلما استطاعت الهيئة أن توفر أى تكلفة تقوم بتوفيرها، بحيث إنها تقوم بتصفية هذه الميزانية، وأريد أن أقول إن الأرقام التى أسمعها والتى لم أرها حتى هذه اللحظة متواضعة للغاية بالنسبة لحجم الحدث.
■ وماذا عن دقة الأرقام التى نسمعها عن تكلفة حفل الافتتاح؟
- كلها أرقام غير دقيقة ولا تمت إلى الواقع بصلة، لأن كل يوم تجرى مناقشات، بمعنى أن الحملة المحلية تكاد تكون مجاناً والإعلام المصرى بكل أشكاله سيشارك فيها، والشركات التى شاركت فى الحفر والتكريك كالشركة الهولندية وغيرها بادرت وأعلنت مشاركتها فى تكلفة هذا الحدث.
■ هل مشاركة وسائل الإعلام ستكون من خلال الإعلانات أم بدفع مبالغ معينة؟
- من خلال دفع مبالغ معينة، كنوع من المشاركة، وليس التبرعات، لأن المشروع لا يعرف كلمة «التبرع ولا كلمة إجبار»، والحفل عبارة عن «فرحة شعب» والكل سيشارك فيها.[FirstQuote]
■ كم شركة أجنبية مشاركة فى الحفل، أو لنقل «هذه الفرحة»؟
- كل الشركات التى شاركت فى التكريك والحفر، ولا أعرف كم عددها بالضبط.
■ وهل شاركت هذه الشركات بالعمالة أم بالمعدات فقط؟
- شاركت بمعدات وتجهيزات، لأنها نالت شرفاً ما بعده شرف، بأنها تشارك فى افتتاح قناة جديدة بهذه المقاييس، ثم بدأت تتوالى المبادرات من الشركات ورجال الأعمال المصريين للمشاركة، لأن القرار السياسى هو ألا تتحمل ميزانية الدولة أى «مليم» فى هذا الحفل.
■ هل سيكون هناك إنفاق على أى جانب من جوانب الدعاية من خلال أسهم المواطنين أو استمارات القناة الجديدة أيضاً؟
- الأسهم والمبالغ التى دفعها المصريون للاستثمار فى قناة السويس لا علاقة لها بالاحتفالية، لأنها مختصة بعملية حفر وتوسعة القناة وهذه الفلوس لم تمسها يد.
■ البعض ينتقد التكلفة الكبيرة المحتملة للاحتفالية العالمية، وقيل إنها ستتجاوز احتفالية الخديو إسماعيل، كيف تتابع هذه الانتقادات؟
- المنتقد لمثل هذه الاحتفالية ليس مصرياً حقيقياً أو لم يذهب إلى قناة السويس ولم يرَ بنفسه حجم الإنجاز، ولو رآه «هو بنفسه هيقوم بعمل احتفالية»، إلى جانب أننا لسنا بصدد إقامة احتفالية من أجل أن يفرح الشعب فقط، لكن نسوق لمشروع عوائده الاقتصادية، سواء على المستوى المحلى أو العالمى تفوق بكثير كل الإنفاق على مشروع الحفر وعلى الجنيهات القليلة التى ستنفق على الحملة، وليس الاحتفال منصباً على قناة السويس فى حد ذاتها، بل لتسويق مصر وإرادة الشعب والشريان الجديد لمصر عالمياً، على كل الأصعدة، وحينما نقول لأكبر سفن العالم «اتفضلى مرى من خلال قناة السويس، فمعنى هذا زيادة حجم التجارة الدولية»، ولما نقصر المسافة الخاصة بعبور القناتين، فمعنى ذلك تقليل التكاليف المادية والاقتصادية على شركات العالم وعلى تجارة العالم»، إضافة أيضاً إلى أن هذا المشروع يكاد يكون مقدمة لمشروع تنمية قناة السويس، وبالتالى، فنحن نقدم طريقة أخرى ومنافذ أخرى لحركة التجارة والاقتصاد العالمى. وتسويق الدولة يحمل رسالة بأنها «واقفة على رجليها لوحدها»، وتسويق الإرادة لأن هذا المشروع من الخطوة الأولى إلى الأخيرة مصرى بنسبة 100%، وأنا شخصياً حينما أذهب إلى هناك أشعر بحالة من الانبهار وقشعريرة حقيقية، لأننى شاهدت وجوهاً مصرية كانت بيضاء وتفحمت من العمل 24 ساعة متواصلة.
■ ما الفرق بين القناة القديمة والشريان الجديد؟
- لن أقترب من الناحية الفنية، لأن لها أهلها ولها ناسها والأب الروحى لها هو الفريق مهاب مميش، وهو الذى يعلن التفاصيل الفنية لها، لكن أنا أتحدث عن مغزى الحدث وأهمية تسويقه، وأنا أرى أن هذه الحملة الدولية أساسية.
■ ماذا بشأن القدرة الاستيعابية للقناة الجديدة وفترة انتظار السفن؟
- بالنسبة للقناة القديمة، فلكى تعبر السفن من الجنوب إلى الشمال لا بد من فترة انتظار تتراوح من 11 إلى 12 ساعة، والآن تم زيادة الطاقة الاستيعابية والسعة، بالإضافة إلى العمق، فالقناة الجديدة يبلغ عمقها 24 متراً وتستطيع استيعاب أضخم سفن العالم، ويوم 6 أغسطس سيتم إعلان أن قناة السويس الجديدة بكل ما بها من مزايا أضيفت كشريان لقناة السويس الموجودة من زيادة السعة والعمق والمساحة وعمليات التأمين والإشارات الفنية لقيادة السفن وإرشادها التى استحدثت وأصبحت أكتر تكنولوجية، إلى جانب الأنفاق التى يجرى عملها.
■ هل ترى أنه من الممكن دعوة ملوك ورؤساء دول العالم للاحتفال؟
- طبعاً، وأريد أن أقول لك إن هناك رؤساءً لا ينتظرون الدعوة، وذلك إما لرغبتهم فى التأكد من أن هذا الشعب الجبار استطاع فى 365 يوماً أن يعمل قناة جديدة أو لكى يرى أيضاً الدلالات الاقتصادية لهذه القناة الجديدة، وأعتقد أن رئيس الجمهورية ما من دولة زارها إلا ودعا رئيسها أو ملكها، فهذا اليوم سيكون يوماً تاريخياً فى حياة مصر، دون شك.
■ وما توقعاتك لاستجابة دول أوروبية لها موقف من مصر لدعوة حضور حفل افتتاح القناة؟
- لا أرى أن هناك مبرراً لدى رئيس أى دولة لعدم المجىء. وكل دول العالم مدعوة.
■ هل ستتم الاستعانة ببعض المطربين العالميين أو المصريين؟
- هذا الحدث حدث رسمى شعبى، فرئيس الجمهورية أصر وأكد أن يكون نجم هذا اليوم هو الشعب المصرى، فمصر كلها مدعوة للذهاب إلى هناك أو المشاهدة، وكل فئات الشعب المصرى ستكون ممثلة فى هذا اليوم.
■ وماذا عن اللجان الإعلامية التى ستتولى الإشراف أيضاً على حفل الافتتاح؟
- هم مجموعة من الخبراء المصريين، إضافة إلى فنيين من هيئة قناة السويس.[SecondQuote]
■ أقصد الجزئية الخاصة بالإعلام؟
- الشركات أو التحالف الذى وقع عليه الاختيار هو الذى يحدد ذلك، بالإضافة إلى محسن عبدالنبى من الشئون المعنوية، والخبير الإعلامى جلال زكى، وهناك أيضاً صفاء حجازى رئيسة قطاع الأخبار، لأنها مسئولة عن فكرة النقل بين التليفزيون العالمى والتليفزيون المصرى.
■ من الذى سيضع اللمسات الأخيرة للحفل؟
- الشركات التى تم اختيارها بالتنسيق.
■ هل هذه الشركات متخصصة فى الدعاية؟
- هذه الشركات تُسمى شركات تنظيم المناسبات الكبرى، وهى شركات لها تجاربها العالمية ولها مكاتب فى مصر، لكن هى بخبراتها الدولية ستأتى بخبرائها العالمين الذين شاركوا فى احتفالات مماثلة فى دول العالم.
■ ماذا بشأن الجزء الخاص بإعلان الشركة الهولندية.. الذى عُرض على بعض المواقع، هل من قام بالتنسيق معكم؟
- هذا الجزء من الدعاية خاص بالشركة، ولا يوجد تنسيق بيننا، وأريد أن أوضح أن الكل يريد أن يأخذ جزءاً من شرف الحدث، لأن الذى سيكتب اسمه فى هذا المشروع أسهمه سوف تزيد، وبالفعل هناك شركات مشاركة فى المشروع، والقناة زادت أسهمها العالمية أضعاف أضعافها.
■ ما رأيك فى الأعمال المعروضة فى رمضان، سواء مسلسلات أو برامج أو غيرهما؟
- نحن نقول إن إعلامنا متطرف، بمعنى إما الإفراط فى الجرعة السياسية وإما الإفراط الرهيب فى الجرعة الترفيهية، لازم يبقى فيه توازن. ليه التخمة السياسية فى فترات، ثم التخمة الترفيهية فى فترات أخرى؟ هذا يؤدى إلى نوع من الملل لدى المواطن فى لحظة، وكذلك نوع من البلادة فى لحظة أخرى، ولا أعرف لماذا سمينا رمضان «بالمحرقة الدرامية»، ففى رمضان، الكل خاسر.
■ ماذا يعنى «الكل خاسر فى رمضان»؟
- بمعنى أن المواطن أصيب بتخمة، فلا يستطيع أن يتبين أو يتابع أو يدرك ويتعايش مع القيم التى تريد الدرما نشرها، ثانياً المبدع، فأنا متأكد من أنه يتألم فى فراشه، سواء كان المخرج أو كاتب النص، لأنه مسكين، فهناك مقولة بأن القنوات الفضائية أصبحت عبارة عن سلسلة من الإعلانات تتخللها مشاهد درامية، فهى لم تعد مسلسلات وإنما مهلهلات. ثالثاً حجم الإعلانات الموجود يضر بالكل «يضر بالقناة التليفزيونية، ويضر بالمعلن، ويضر بالعمل الفنى نفسه».
ولا يوجد استمتاع ولا يوجد تركيز، فالعالم كله توجد هناك نسبة وتناسب متعارف عليها، بمعنى أن هناك نسبة بين المادة الإعلانية والمادة الإعلامية ونسبة الإعلانات لأى محتوى إعلامى لها سقف لا يزيد على 10%.
■ لماذا لا تطبق القنوات الفضائية هذه النظرية؟
- أمام حجم الإنفاق الباهظ على أعمال الدراما وبرامج المقالب التى لا قيمة لها، كان لا بد أن تقبل أى كم إعلانى لتعويض ما تم إنفاقه، وأنا أتحدى تعويض كل ما تم إنفاقه، فهذا مستحيل.
■ ولماذا يشكو المنتجون من عدم قدرتهم على الإنتاج بعد الثورة؟
- يُسأل المنتجون من أين أتيتم بالأموال أو من أين ستحققون عائد الإنفاق على هذه المسلسلات؟ وأعتقد أنهم يراهنون على العرض الثانى لهذه المسلسلات على مدار السنة، والسؤال هنا لماذا لا يقومون بتوزيع هذا الإنتاج على مدار السنة، كى نضمن التركيز ومتابعة الأعمال جيداً؟ لماذا التطرف؟ أما برامج التوك شو فإنها تصيب الناس بالاكتئاب، وتنيمهم مكتئبين، فنحن نعيش تخمة درامية تجعل الناس لا تدرك شيئاً، وأنا صعبان عليا الأعمال الجيدة التى لم تتمكن من التقاط مشاهديها، أمام هذا السيل المنهمر من البرامج الدرامية.
■ ألم تشاهد أحد الأعمال الدرامية فى رمضان؟
- إذا جاءتنى فرصة، فلا أستطيع أن أميز بين عمل وآخر، وذلك لتشابه التكنيك الدرامى، إلا أن المشاهدين أصبحوا يشعرون بأن هذا المسلسل «هوّ هوّ التانى»، فالناس بتكمل المسلسلات من بعضها البعض، بسبب العرض طوال الـ24 ساعة.[ThirdQuote]
■ ماذا عن المسلسلات التى تتحدث عن الثورات؟
- من المبكر تناول الأعمال الدرامية لثورتين عظيمتين، فهما بحاجة إلى الهضم، واستيعاب، فنحن أخذنا من الثورات أكلاشيهات وشعارات، لكننا لم نأخذ عمق هذه الثورات ولا الدروس الحقيقية منها، لذا أرى أن هناك افتعالاً درامياً للحاق بالثورتين، لأن ثورة 25 تم خصخصتها، بمعنى أن كل واحد قد أخذ منها جزءاً وكتبها باسمه، وهكذا بالنسبة للدراما، فيبدو أن هناك من يريد خصخصة الثورة لكى يقول أنا أول مسلسل تناولها، وللأسف السباق هنا على شىء مصطنع، فثورات الشعوب تحتاج هضماً واستيعاباً وقراءة وتحليلاً لأسبابها وظواهرها ونتائجها التى لا تتم بين يوم وليلة.
■ لماذا لا تحمى الدولة نفسها بقناة إخبارية قوية خاصة بها مثل «الجزيرة» حتى تحمى نظامها؟
- أنا ضد إطلاق قنوات فضائية بأسماء دول، فهذا المفهوم لا يعكس فهم طبيعة الرأى العام الدولى، فشعوب العالم بالخارج يحركها الترفيه والمضمون الإعلامى غير المباشر، ولا يوجد شىء اسمه نعمل قناة للدولة، لأنك عندما تضعين لوجو دولة أياً كان اسمها، فتأكدى أنه لا مصداقية ولا مشاهدة لها، ثانياً، لأن المشاهدة الإعلامية والتعامل الإعلامى به نوع من الاعتياد والمخطط الإعلامى الذكى هو الذى يذهب إلى القنوات التى تحظى بمشاهدة عالية ويضع أفكاره فيها بشكل غير مباشر، كما أننا ليس لدينا الفرق التسويقية المحترفة التى تجيد الوصول إلى صناع القرار المؤثرين فى الرأى العام والإعلام الدولى.
■ لماذا يدفع الإعلاميون فاتورة التقلبات السياسية التى تشهدها مصر؟
- أنا ضد فكرة التعميم، فالإعلام منذ أن ظهر وهو محل غضب وعدم رضا من الناس، بسبب الممارسة غير المضبوطة التى يرى المواطن نفسه فيها، فالمواطن نفسه يشوف إعلام ياخد بإيده ليعبر عن أزماته مش يعمق أزماته، فالحديث المتكرر عن الفساد يزيد الفساد «ضربوا الأعور على عينه، قال ما هى خسرانة خسرانة» والدراسات العلمية تقول إن من اعتاد أن يرى العنف فى الإعلام لا يتخيل أن العالم مسالم، وأظن أن هناك علاقة بين محتوى الإعلام والمزاج العام والأمن القومى، بمعنى أننا عندما نجعل الرأى العام ملتهباً ويكون مزاجه معتلاً ومعوجاً، إذن فإنه بذلك يسهل استفزازه، فالإعلام المصرى بعد 30 يونيو وقع فى فخ تضخم الذات، اعتقاداً منه أن هو الذى صنع 30 يونيو، بينما فى الحقيقة من صنع 30 يوينو هو الشعب المصرى، من أول البواب وانتهاءً بأعلى الطبقات الاجتماعية.
■ لكن دور الإعلام فى مساندة الثورة فى 30 يونيو كان واضحاً وكبيراً؟
- هو أسهم، وكان فى المقدمة، لكنه لم يصنعها، فصانع 30 يونيو هو الشعب المصرى وليس الإعلام. والتنظيم الدولى الإرهابى للإخوان كان أحد العوامل التى سهلت مهمة الإعلام نتيجة الغباء السياسى، بمعنى أن المنافس بتاعك الذى كنتِ تقاومينه كان يمتلك من الغباء ما أمكننا من تحقيق الأهداف. والحقيقة أن الإعلام تجاوز حقوقه، فكما قلت «الإعلام تضخمت ذاته»، ويقع فى فخ أنه أكبر من مؤسسات الدولة، وللأسف الشديد الفجوة بينه وبين المجتمع تزداد كل يوم.
■ هل أصبح حرق الإعلاميين حالة ممنهجة؟
- هم الذين يحرقون أنفسهم، فالإعلامى إما أن يحرق ذاته وإما أن ينور ذاته.
■ وما البدائل؟.. هل الحل فى جيل ثانٍ من الإعلاميين الوسطيين أم عزوف الشعب المصرى تماماً عن متابعة الإعلاميين الحاليين؟
- من المؤكد أن هناك بوادر لهذا العزوف عن المتابعة، والحل هو أنه حينما تصدر القوانين المنظمة لصناعة الإعلام، طبقاً للدستور تكون هناك بدايات لتنظيم هذه الفوضى الإعلامية.
■ بالنسبة إلى انتخابات مجلس النواب المقبلة، الشعب لا يؤمن بالأحزاب، فما الحل بالنسبة إلى الشعب المصرى فى هذه الجزئية، فكيف تنمو الحياة الحزبية السياسية الصحيحة فى وسط هذا التشكيك؟
- الحل هو التربية السياسية، وممارسة العمل السياسى فى المدرسة من خلال اتحاد الطلبة، إذ لا يوجد بأى حزب مؤسسة أو مركز حقيقى للتدريب أو التوعية السياسية. كلها يفط، بلا ممارسات حقيقية على أرض الواقع، ففى الجامعات أستاذ الجامعة الذى يدرب تلميذه على الحوار هو صانع أجيال سياسية. علمنى كيف أبدى الرأى والرأى الآخر، فنحن نتربى على الحوار أو على ثقافة الاختلاف، وإذا نظرنا فيما ينشر من مقالات سنجد أنها عبارة عن «تقطيع هدوم»، فأنا أسميه إعلام «التصنيف والتخويف والإقصاء والعزل والتشويه»، وليس إعلام بناء الجسور. ومثلما شعر الإعلام بالخطر فى 30 يونيو وتوحد، فلا بد أن يتوحد الآن بسبب خطر أزمتنا الاقتصادية ولا بد أن يؤمن الإعلام بهذا الكلام، فمصر فى خطر ما لم تنتج ما تأكله.
■ كل من ينتقد أداء الرئيس السيسى أو حكومته يقال عنه فى الإعلام إنه إخوانى أو طابور خامس. كيف تفسر ذلك؟
- لا أحد ضد انتقاد أداء الدولة، والذين ينتقدون منتقدى الرئيس هم «المطبلاتية»، لكن لا أتصور أن الرئيس يتمنى التهليل والتطبيل أو يطلبه.