بروفايل| فتحية العسال.. "ملكة الحرية والتغيير" الغائبة

بروفايل| فتحية العسال.. "ملكة الحرية والتغيير" الغائبة
من بين غياهب سجن القناطر، والقسوة والألم والمفارقات والوحدة، أخرجت قصتها التي ظلت كامنة داخلها سنوات عدة، في سطور حملت بين ثنياها جروحًا لم تندمل بعد، لتتحول إلى مسلسل درامي رمضاني أبهر الجميع، وغير نظرة المجتمع للسجينات، وجعلتهن بطلات البرامج والأحاديث الصحفية، يتهاتف الفنانون على تقديم أعمال أخرى تعرض جوانب مختلفة من حياة هذه الفئة، التي أزاحت الستار عنها الكاتبة فتحية العسال، لتغير قبل رحيلها عن الحياة وعن رمضان مجرى الدراما هذا العام.
"سجن النسا".. كان آخر الأعمال الدرامية للكاتبة الصحفية فتحية العسال، عرض في رمضان السابق، وحقق نسبة مشاهدة عالية، وقامت ببطولته الفنانة نيللي كريم، روبي ودرة، وإخراج كاملة أبوذكري، واستعرض وقائع حقيقية لثلاث نساء تعرضن للعديد من المصاعب والظلم في حياتهن، ما دفعهن إلى ارتكاب جرائم متفرقة، انتهت بهن إلى السجن، ليبدأن مرحلة جديدة من حياتهن تختلف عما عشنه كلية، بخاصة بعد اندلاع ثورة 25 يناير، و العمل مستوحى من قصة حياة العسال، التي دخلت السجن 3 مرات إثر اعتقالها، ما أثر بشكل غير مسبوق في الرؤية المجتمعية للسجينات والتعامل مع قضاياهن.
ولدت فتحية العسال في 20 فبراير 1930، واعتقلت 3 مرات بسبب آرائها عن تحرر المرأة ومساعدة المهمشين والفقراء، وكذا رأيها في اتفاقية كامب ديفيد التي عارضتها بقوة.
تعرضت العسال في طفولتها لـ"الختان"، ما دفعها لأن تكون شخصية صلبة، جريئة، تصارع أمواج العادات والتقاليد الشرقية، مع المحافظة على أخلاقها كفتاة مصرية.
نجحت العسال في حياتها العملية، حيث رأست مجلس إدارة اتحاد الكتاب، وجمعية الكاتبات المصريات، وأمين عام اتحاد النساء التقدمي.
عاشت الراحلة مِلكًا للحرية، ورفضت أن تتخلى عن حقها في التعليم والمعرفة، بعد أن قرر والدها منعها عن الدراسة، بحجة أنها "مفتحة حبتين"، ولأن الظروف دائمًا ترضخ للأمر الواقع، قررت العسال تعليم نفسها بنفسها، وتعلمت كيف تقرأ وتكتب اسمها، فخضع لها والدها بعد حين، وبدأ يعلمها الكتابة الصحيحة، وتركها تقرأ له أخبار "هتلر" من الجرائد، ما فتح لها آفاق السؤال والمعرفة.
كتبت العسال ما يزيد عن 55 مسلسلاً، منها "رمانة الميزان، حبال من الحرير، لحظة اختيار، هي والمستحيل، حصاد الحب، حتى لا يختنق الحب ولحظة صدق"، وحصل الأخير على جائزة أفضل مسلسل مصري عام 1975، كما كان للعسال دور مؤثر في مجالات عدة، حيث كانت أول أديبة عربية تعرض كتابتها على المسرح من خلال مسرحية "المرجيحة"، كما كتبت الراحبة 9 مسرحيات، منها، "لام ألف همزة لا، البين بين وبلا أقنعة".
كانت كتاباتها مثل "الخصلة البيضاء" التي توسطت شعرها الأسود الداكن، وفتحت للعديد من النساء أبوابًا من خلال كتابتها التي اتسمت بالمصداقية والتلقائية، شجعتهم ومنحتهم الجرأة من خلال خطواتها المشحونة بالعمل والقوة والمثابرة، والاستقلالية والتحرر، وخلقت فكرًا متجددًا رغم كونها لم تصل حتى على الشهادة الابتدائية وعلمت نفسها بنفسها دون مدارس.