دراسة: "داعش" يقسم العشائر السنية في سوريا والعراق
تنقسم العشائر السنية في سوريا والعراق، بشأن موقفهم من "داعش"، الذي يستخدم سياسة الترغيب والترهيب لاستمالتها أو لإخضاعها، بحسب ما يقول خبراء.
وضربت الحرب، في البلدين اللذين يتواجد التنظيم الجهادي في مساحات واسعة من أراضيهما التضامن العشائري التقليدي الذي كان مضرب مثل عبر التاريخ، وانقسمت العشائر بين موال أو رافض لـ"داعش"، الذي دعا كل المسلمين إلى الانضمام "للخلافة" التي أعلنت قبل أكثر من سنة.
ويشكل ولاء العشائر أمرًا أساسيًا، بالنسبة لـ"داعش"، لتوطيد سلطته في المناطق التي يحتلها، واعتاد بعد السيطرة على مناطق فيها تواجد نافذ للعشائر على بث أشرطة مصورة عبر الإنترنت تتضمن مبايعة هذه العشيرة أو تلك للتنظيم.
وفي الرمادي العراقية، التي سيطر عليها التنظيم في مايو، يقول شيخ إحدى العشائر في أحد هذه الأشرطة: "نقول لأهلنا في الأنبار أن مصيرنا واحد وموقفنا واحد وسيفنا مع أخواننا جنود الدولة (الإسلامية) موجه صوب عدو واحد".
ويضيف: "نحن ركاب سفينة واحدة، اما أن ننجو جميعا واما أن نهلك، لذا لن نسمح لأحد بخرق سفينتنا أيا كان اسمه ونسبه وانتماؤه، فالدولة دولتنا والأرض أرضنا".
وكانت هذه المشاهد حصلت في الفلوجة العراقية وفي الرقة ودير الزور في سوريا.
ويقول حيان دخان وسنان حواط في دراسة مشتركة وضعاها بعنوان "الدولة الإسلامية والعشائر العربية في شرق سوريا أن بين العوامل التي تفسر مبايعة العشائر لتنظيم الدولة الإسلامية الحماية والفوائد الاقتصادية، إضافة إلى عامل الخوف الذي يتم استغلاله ببراعة من تنظيم الدولة الإسلامية.
كما ان "المآخذ" التي للعشائر على النظام السوري "تجعلها تقبل او تغض الطرف عن الدولة الاسلامية في مواجهة عدو مشترك".
ويسيطر "داعش" على مساحات واسعة من شمال سوريا وشرقها ومن شمال العراق وغربه، وبينها اراض فيها حقول نفطية. ويقطن العديد من ابناء العشائر هذه المناطق، وعلى الرغم من ان العلاقة بين بعض العشائر والنظام السوري لم تكن سيئة قبل الحرب، إلا أن الفرز الطائفي الذي أحدثه النزاع المستمر منذ أكثر من 4 سنوات، جعل العديد من السوريين السنة وبينهم شريحة من أبناء العشائر، يتعايشون مع "داعش" الذي يجمعهم به المذهب السني.
وكان نظام الرئيس السوري الراحل بشار الأسد يمنح أبناء العشائر مناصب في الدولة ومساعدات وفي المقابل، بحسب ما جاء في دراسة دخان وحواط، كانت العشائر تدعم الحكومة في مواجهاتها مع حركة الإخوان المسلمين من جهة والأكراد الساعين إلى إدارة ذاتية من جهة ثانية.
إلا أن هذه العلاقة تراجعت مع وصول بشار الأسد إلى السلطة والانفتاح الاقتصادي الذي قلص الوظائف في القطاع العام، كما الخدمات التي تقدمها الدولة للعشائر.
وتقول الدراسة، إن "داعش"حاول ان يملأ الثغرات الناتجة عن انسحاب الدولة.
وفي المقابل، استخدم "داعش" القوة والعنف لترهيب المترددين او المعارضين، بعد سيطرته على مجمل محافظة دير الزور في شرق سوريا في صيف 2014، لم يتردد في قتل اكثر من 900 من ابناء عشيرة الشعيطات السنية بابشع الوسائل، بينها الذبح وقطع الرؤوس.
وتقول دراسة دوخان وحواط: "إنه يدعو من يحاول تجنيدهم اما إلى اختيار الحصان الرابح أو الموت".
في العراق، يمكن تفسير التقارب الحالي الحاصل بين العشائر السنية وتنظيم الدولة الاسلامية بالاحباط الذي يعيشه السنة منذ سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين. علما ان العشائر السنية اياها كانت العنصر الأساسي في تشكيل "الصحوات" التي واجهت مجموعة "دولة العراق الاسلامية" في بداية ظهورها بعد الاجتياح الاميركي للعراق.
ويقول هشام داود المتخصص في الانتروبولوجيا والخبير في شؤون العشائر العراقية لوكالة فرانس برس "القرارات الكارثية لمسؤول الادارة المدنية الاميركي السابق في العراق بول بريمر (2003-2004) والتي زادتها سوءا الحكومات المسيطر عليها من الاحزاب الدينية الشيعية، اوصلت الى طرد العسكريين السابقين المتحدرين من العشائر والذين كانوا يتمتعون بالحظوة لدى صدام، والى ادراجهم في صفوف الاعداء والى حرمانهم من مركزهم الاجتماعي وراتبهم".
ويضيف: "انتقل هؤلاء من البعثية الى الجهاد المتطرف وباتوا يشكلون القاعدة العسكرية والسياسية لداعش"، لا سيما منهم عشيرة البو عجيل المتهمة بتنفيذ مجزرة ضد المجنديين العراقيين في قاعدة سبايكر قرب تكريت. كذلك ينطبق الامر على عشيرة عبيد في الموصل.
في المقابل، بعد رفض عشيرة الجغايفة تسليم 150 شخصا كان تنظيم الدولة الاسلامية يعتبرهم "اعداء"، اعلن التنظيم الجهادي الحرب على العشيرة، وباتت حديثة، معقل الجغايفة، المنطقة الوحيدة التي لا تزال تواجه تنظيم الدولة الاسلامية في ولاية الانبار، وهددها المتحدث باسم التنظيم ابو محمد العدناني بالقضاء عليها، إلا أن ولاء العشائر أو عداءها للتنظيم الجهادي غير معمم على ابناء العشيرة الواحدة.
ويقول الشيخ نواف الملحم، الزعيم العشائري والنائب في مجلس الشعب السوري، لوكالة فرانس برس "لم تبايع اي عشيرة بكل افرادها داعش او حتى جبهة النصرة، او الفصائل المقاتلة الاخرى. هناك افراد يدعمون التنظيم لكنهم لا يمثلون كل العشيرة، على الاكثر قد يمثلون عشرين في المئة من عشيرتهم".
ويقول الشيخ صلاح حسن الندا من عشيرة البو ناصر التي كان ينتمي اليها صدام حسين، "لو انضمت كل العشائر (السنية) الى داعش، لكانت غيرت ميزان القوى في العراق".