م الآخر| الحروب النفسية.. نابليون بونابرت

كتب: د.ابراهيم مجدي

م الآخر| الحروب النفسية.. نابليون بونابرت

م الآخر| الحروب النفسية.. نابليون بونابرت

لا يوجد سوى قوتين في العالم، السيف والعقل. على المدى الطويل، العقل هو الذي يهزم السيف. القيادة الحقيقية هي تجعل أتباعك يلتزمون بتعالميك في الموت والحياة عن طيب خاطر ولا يقدرون على خيانتك "فيلسوف صيني". "الحروب النفسية" يعتبر الآن مصطلحًا قديمًا في مراجع علم النفس العسكري وقد تطورت المصطلحات وأصبحت تسمى في الثمانينيات من القرن الماضي تحت اسم العمليات النفسية ثم في بداية التسعينيات إلى حرب المعلومات ثم العمليات المعلوماتية. دعم المعلومات وصولًا إلى المصطلح الأخير إدارة الإدراك. المصطلحات باللغة الإنجليزية طبقا للمراجع • Political Warfare • Psychological Warfare • Psychological Operations • Information Warfare • Information Operations • Information Support (UK) • Perception Management ناتي إلى أبسط تعريف للحروب النفسية هي التطبيقات العسكرية لعلم النفس، وللدعاية ومحاولات التأثير على الروح المعنوية للجماعات المعادية والصديقة في زمن الحرب في هذه الحرب يكون هناك مواجهات عسكرية مباشرة ويحدث خلالها شائعات وقد بدأت تتطبق أثناء الحرب العالمية الثانية وأول من طبقها هتلر أما العمليات النفسية هي عمليات مخططة وممنهجة يتم من خلالها اختيار معلومات محددة ومعينة وتوصيلها إلى الأعداء والحكومات الخارجية المضادة ويكون الهدف من هذه المعلومات هو التأثير نفسيًا ومعنويًا وعلى عواطف ودوافع الشعوب وبالتالي على صناع القرار للقيام بتطبيق العمليات النفسية يكون هناك دراسة كاملة على طباع وعادات الشعوب وسلوكايتهم، وقد طبقت أثناء الحرب الباردة واستخدمت بقوة أثناء الغزو الأمريكي للعراق وأفغنستان واستخدم دافع الديمقراطية والتخلص من الإرهاب للعب على مشاعر وأخذ تأييد العالم للغزو. أما حرب المعلومات فقد بدأت في نهاية التسعينيات، ومع تطور تكنولوجيا المعلومات واستخدام الحواسب الآلية في تخزين معلومات عسكرية واستخدام البنوك لشبكات إلكترونية تم استخدام التكنولوجيا في اختراق وتدمير مواقع إلكترونية تابعة للبنوك وتابعة للبنتاجون وجهات حكومية ووضع بدلًا منها معلومات مغلوطة وأوضح مثال لهذه الحروب هي الفيروسات التي تصيب آلافًا من أجهزة الكمبيوتر بجانب الهاكرز. نأتي إلى العمليات المعلوماتية وهي خطة ممنهجة مدروسة يتم استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماع في نشر معلومات كاذبة ومضللة أثناء الأزمات التي تتعرض لها البلاد من أزمات اقتصادية وثورات وحروب يكون الهدف من هذه المعلومات زيادة الفوضى والإحباط وبث الرعب وأبرز مثال وتطبيق ثورات الربيع العربي. والجديد الذي يطبق الآن هو إدارة الوعي والإدراك ويتم استخدام أحدث وسائل وغسيل والمخ واللعب على العقل الجمعي وإثارة الرأي العام ويتم استخدام الدعايا والإعلام والمشاهير والأفلام والمسلسلات والصحف والمواقع الإلكترونية لتوجيه الرأي العام لمعلومة محددة وهدف معين وليس خفيًا سيطرة المخابرات الأمريكية وعلاقتها الوثيقة بصناع الإعلام وصناع السينما في هوليوود. كان لا بد من هذه المقدمة الطويلة والتعريفات حتى نحلل ما يحدث في مصر خلال الأيام الماضية وخصوصًا أحداث سيناء وتناول الإعلام الغربي لها ووقوع الإعلام الداخلي في الفخ، بجانب وجود عناصر الاستخبارات الأجنبية المعادية بقوة على وسائل التواصل الاجتماعية وهذا كما قلنا العمليات المعلوماتية التي تعتمد على بث معلومات خاطئة ومحبطة وقت الأزمات. الحرب في سيناء بدأت في الساعة السادسة وخمس وخمسين صباحًا، في الساعة السابعة رغم أن كل الاتصالات مقطوعة في سيناء للأسباب تخص الأمن القومي بدأت أجهزة الإعلام الغربي في بث معلومات غير دقيقة عن المعركة وعن الضحايا وبدا بعد ذلك الترويج لهذه المعلومات من خلال الجيوش الإلكترونية للأجهزة الاستخبارات وبعض عملائها في الداخل الذين تم تجنيدهم من أجل هذا الغرض ويتم اختيارهم بعناية فائقة ولهم صفات ومعالم شخصية محددة. وأجريت دراسة عن التناول الإعلامي والتحليل لـ"داعش" والمنظمات الإرهابية في ورقة بحثية أجراها أستاذ علم نفسي سياسي في جامعة بيركلي وخبير متخصص في شؤون الإرهاب والأمن القومي ومحلل سابق في المخابرات الأمريكية في شؤون الشرق الأوسط على التناول الإعلامي والتحليل النفسي لـ"داعش" من عام 2013-2014 ورفعت الدراسة تقريرا مكونا من 1400 صفحة للبيت الأبيض والكونجرس، فالدراسة رصدت واخترقت "داعش" لكنها لم توضح كيفية الاختراق وتم التلميح إلى أنه تم الاختراق عن طريق تتبع نشاطات وتقارير مجموعة من عملاء المخابرات الأمريكية والعربية فى دول الخليج وبعد ذلك تم تحليل هذه التقارير بالدراسة ولم تذكر التفاصيل الدقيقة ولكنها اكتفت بنشر ملخص التقرير فى حوالى 10 صفحات. وأبرزت الملامح الشخصية لهؤلاء الشباب الذين يتم تجنيدهم ومعايير الاختيار لهم. معايير الاختيار • لم يعد عنصرا الفقر والجهل هما معيار الاختيار لقد انتهى هذا وأصبح عنصرا التعليم والغنى هما المعيار الآن والنموذج لهذا أسامة بن لادن وأيمن الظواهري ومحمد عطا والآن "داعش" أغلب الشباب الذين يتم اختيارهم على درجة عالية من التعليم وإتقان العديد من اللغات مع الوضع المادي الجيد ولكنه يخترق هؤلاء الشباب عن طريق ضحالة أو غياب الثقافة الدينية لديهم، بجانب استخدام المخدرات والجنس في ترغيب الشباب للانضمام إليهم. • الذكاء الاجتماعي لدى هؤلاء الشباب وقدرتهم على جذب أشخاص للانضمام إليهم وعمل شبكات واسعة ودوائر اتصالات كبيرة. • ولع هؤلاء الشباب بالمغامرة والعنف والتحرر من القيود هناك اختبارات نفسية حديثة تحدد الشخصية المغامرة بسهولة. •اختيار شخصيات سيكوباتية ضد المجتمع ليس لديهم اهتمام بمشاعر الآخرين ويتلذذون بتعذيب الآخرين. •اختيار شباب فاقد للهوية أو الانتماء ويحتاج إلى الانتماء إلى أي كيان حتى لو كان هذا الكيان تخريبيًا. ساهم هؤلاء الشباب في انتشار المعلومات الخاطئة بطريقة رهبية على "فيس بوك" وتويتر"، وللأسف وقعت بعض المواقع الإلكترونية في الفخ وبدأت تنشر نفس المعلومات وعن إعلان سيناء "ولاية" وسقوط 80 شهيدًا وبيانات "داعش"، السؤال هنا هل يوجد احتمال أن يكون هناك بعض العملاء في المواقع الإلكترونية أيضًا ويجب أن يكون هناك تحقيق موسع في هذا الموضوع منهجية جديدة للتعامل في المواضيع التي تخص الجيش والأمن القومي. كان الغرض من نشر نشر الشائعات وهذه الأرقام المبالغ فيها عن أسر واستشهاد عدد كبير من الجنود في سيناء، يأتي في إطار حروب "الجيل الرابع" التي تعتمد على غزو البلاد من خلال الحرب النفسية المنظمة، والاعتماد على المرتزقة أو المنظمات الإرهابية التي تدعمها أجهزة مخابرات عالمية، بدأت بتنظيم "القاعدة" والآن "داعش". أكرر مرة أخرى الإعلام العسكري يجب أن يكون منتبهًا بقوة لهذه الحرب التي تُدار من قبل محترفين في العلوم العسكرية والطب النفسي وعلم النفس والإعلام وتكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي، هناك وحدات كاملة في المخابرات الأمريكية والإنجليزية تسمى وحدة الحرب النفسية. رد فعل الشؤون المعنوية والمتحدث العسكري كان في منتهى الاحترافية وخصوصًا نشر فيديوهات القتلى والتقرير التي تمت إذاعته عن العمل البطولي الذي قام به الشهداء والضباط الجنود البواسل الأبطال، لأن هذا يجعل الخصم يدرك أنه لم ينتصر ولم يحقق أي نجاح، الحروب النفسية يجب أن تُبادل الفكرة بالفكرة والمعلومة بالمعلومة ويجب أن يكون التكنيك أعلى والمعلومات أكثر.