إفطار الصائمين على الطرقات.. "ربنا ما يقطع للمصريين عادة"

إفطار الصائمين على الطرقات.. "ربنا ما يقطع للمصريين عادة"
فى جميع أيام شهر رمضان تتحول الشوارع المصرية إلى موائد مفتوحة أمام السائرين والعابرين قبيل أذان المغرب، حيث يتسارع آلاف الشباب والمسنين لنيل ثواب إفطار الصائمين فى رمضان بعصائر ومأكولات خفيفة غير مكلفة يبتغون بها رضا الله عز وجل فى شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله.تابعت «الوطن» قيام اثنين من المواطنين الذين يعتادون إفطار الصائمين على الطرق بداية من تحضير الياميش والعصائر وحتى توزيعها على المارة وركاب السيارات بالطريق الدائرى.
فرغ من عمله ثم توجه إلى المسجد ليصلى العصر، قبل أن يتوجه إلى محل «الزلابية» فى أحد شوارع بولاق الدكرور الضيقة، ليشترى 2 كيلو جرام، اشتراها بثمن مخفض بعد أن نما إلى علم صاحب المحل بأن الزلابية ستوزع على الصائمين مع أذان المغرب بعد 3 ساعات، أخرجها من الزيت ثم وضعها فى العسل ثم قام بتصفيتها قبل أن يغلفها جيداً، يغادر كامل سيد كامل (26 سنة) المحل، متوجهاً إلى شقته فى قرية المعتمدية لاستكمال باقى مستلزمات عملية إفطار الصائمين على الطريق الدائرى بصحبة والد زوجته، يقوم الاثنان بتعبئة عصير التمر هندى فى زجاجات بلاستيكية فارغة، وتعبئة التمر الجاف فى أكياس صغيرة، فيقومون بوضع 5 تمرات فى كل كيس، ثم ينتهون من عملية التعبئة ويضعون المشروبات والتمر والزلابية فى شنط بلاستيكية، ويهمون للخروج من المنزل ويستقلون «توك توك» أخذه «كامل» من صديق له ليقضى به أموره فى هذا اليوم، يتحرك «التوك توك» ببطء بسبب المطبات الأرضية التى تملأ الشارع، ثم ينعرج نحو شارع ناهيا الذى يعج بالكثير من سيارات الأجرة وسيارات النصف نقل، الشارع غير ممهد، وبه الكثير من المطبات والكسور التى أحدثتها شركة الغاز الطبيعى قبل توصيل الغاز إلى أهالى المنطقة بعد شهور قليلة على رصف الشارع.
تمر 25 دقيقة ويصل كامل إلى الطريق الدائرى، ويصعد إليه عبر طريق فرعى فى الجانب الأيمن من الطريق، فى اتجاه محور صفط اللبن، ويقف أعلى كوبرى شارع ناهيا، ليقابل الصائمين الذين سينزلون على السلم المؤدى إلى الشارع، والآخرين الموجودين فى السيارات لحظة توقفها، فى هذه المنطقة المكتظة بالسكان، 10 دقائق فقط قضاها «كامل» ووالد زوجته، وزعا خلالها 4 زجاجات من التمر هندى وما يقرب من حوالى 30 كيس تمر جاف و2 كيلو زلابيا على الصائمين، فى تقليد مصرى أصيل، يتجدد فى كل شهور رمضان من كل عام بغية الحصول على ثواب إفطار الصائمين.
يقول كامل السيد، سائق ومندوب مبيعات سابق: «أشارك فى العمل الخيرى حتى أشعر أننى أقدم شيئاً إيجابياً بالإضافة إلى تحسين صورة الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: للصائم فرحتان؛ فرحة عند فطرة وفرحة عند لقاء ربه، وعندما أعطى أى أحد تمر أو عصير بيكون فرحان جداً، أنا بجرب الإحساس دا لما بكون على الطريق أو مسافر فى أى محافظة، ووقتها بكون سعيد جداً، وهذا العمل يؤدى إلى تحقيق ألفة بين الناس، ويخلق محبة بينهم، فى شهر رمضان الناس بتكون قريبة جداً من بعضها».
يضيف كامل «المساهمة فى إفطار الصائمين قبيل أذان المغرب ليست مكلفة على الإطلاق، رغم النتائج الإيجابية التى يحدثها فى النفوس لكنه أمر يجعل الناس قريبة من بعض ويسلموا على بعض، والمواطنون يتعاونون مع بعضهم فى إفطار الصائمين، يعنى صاحب محل الزلابية لما بيعرف أن الموضوع رايح فى الخير، بياخد تمن التكلفة وأحياناً ما بياخدش فلوس». فيما يقول الرجل الخمسينى، الذى يصاحبه فى رحلته ووالد زوجته، فرغلى عمر إبراهيم، موظف بجامعة القاهرة «بعد الانتهاء من تعبئة الياميش والعصير نخرج فوراً إلى الطريق الدائرى ونختار مكاناً مزدحماً بالسيارات حتى نوزع على أكبر قدر ممكن من الصائمين المسافرين أو العائدين من العمل» وأوضح «فرغلى» أن «مصر تتميز بهذا الجانب الخيِّر النابع من الإيمان العميق لدى هذا الشعب، ربنا بيمن علينا بالخير دايماً، وعندما أقوم بعمل ذلك أشعر وقتها بالرضا والسعادة، وأى حد يجرب يجرى ورا الناس عشان يفطرهم وياخد الثواب سيشعر بحجم السعادة الكبيرة، شهر رمضان به خير كثير، ويا ريت الشهور كلها تكون زى رمضان لأن علاقة الناس بتكون أحسن فى هذا الشهر الفضيل».