رسائل سرية ورموز غامضة.. كيف أفلت السنوار من قبضة الاحتلال لفترة طويلة؟

كتب: نرمين عزت

رسائل سرية ورموز غامضة.. كيف أفلت السنوار من قبضة الاحتلال لفترة طويلة؟

رسائل سرية ورموز غامضة.. كيف أفلت السنوار من قبضة الاحتلال لفترة طويلة؟

في الساعات الماضية، انتشرت أنباء اغتيال يحيى السنوار، قائد حركة حماس، ما أثار تساؤلات حول سر اختفائه الطويل عن أعين جيش الاحتلال، وكيف تمكن الرجل الأول في حماس من البقاء بعيدًا عن الترقب والملاحقة كل هذه الفترة؟ لتكشف صحيفة «وول ستريت جورنال»، أسرار أساليبه القديمة التي أعاد إحياءها، بعيدًا عن التكنولوجيا الحديثة، باستخدام الرسائل المكتوبة بخط اليد والرموز، إذ ابتكر نظامًا خاصًا للتواصل، أعاده إلى زمن طرق التشفير القديمة التي استخدمتها حضارات مثل بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة، فما الذي دفعه للعودة إلى هذه الأساليب؟

عادة قديمة استخدمها يحيى السنوار للتواصل

صحفية «وول ستريت جورنال» ذكرت في تقرير سابق، أنّ يحيى السنوار زعيم حركة حماس تجنب إجراء أي مكالمات هاتفية أو رسائل نصية أو أي شكل آخر من أشكال الاتصالات الإلكترونية قدر الإمكان حتى لا يتمكن جيش الاحتلال الإسرائيلي من تعقبه، واستبدل الهاتف بعادة قديمة واعتمد على نظام الملاحظات والرسائل المكتوبة بخط اليد والرموز، وأعتمد فيها على تسليم مذكرة من ساعٍ إلى آخر حتى تصل إلى الشخص المطلوب، وكانت تحتوي على رموز، استخدمها في إرسال رسائله إلى الوسطاء العرب الذين يدخلون غزة أو إلى عناصر حماس في الخارج.

تاريخ الرسائل المشفرة واستخدامتها

الرسائل والملاحظات المشفرة التي استخدمها يحيى السنوار هي عادة قديمة ظهرت لأول مرة قبل الميلاد، وتعود لعام 1900 قبل الميلاد عند العثور على أحد الاستخدامات الأولى للتشفير في كتابة الهيروغليفية غير الدارجة منحوتة على جدار قبر من المملكة القديمة في مصر، وفي العراق عندما كانت تسمى بلاد ما بين النهرين عُثر على بعض الرسائل المشفرة يعود تاريخها لعام 1500، وكانت عبارة عن بعض الألواح الطينية تضم كتابات مشفرة يُعتقد أنّها وصفات سرية لطلاء السيراميك، وهو ما قد يُعتبر أسرارًا تجارية في لغة اليوم، وفق موقع «ibm» المختص في فك الشفرات. 

وظهرت في تاريخ يعود لعام 650 قبل الميلاد، عندما استخدم الإسبرطيون القدماء نظام تشفير مبكر لتشفير ترتيب الحروف في اتصالاتهم العسكرية، تتم العملية عن طريق كتابة رسالة على قطعة من الجلد ملفوفة حول عصا سداسية من الخشب تُعرف باسم المنجل، عند لف الشريط حول منجل بالحجم الصحيح، تصطف الحروف لتكوين رسالة متماسكة؛ وعند فك الشريط، يتقلص نص الرسالة، لذا؛ يمكن اعتبار الحجم المحدد للمنجل مفتاحًا خاصًا. 

الرسائل المشفرة في العصور الوسطى

في عام 800 اخترع عالم الرياضيات العربي يعقوب بن اسحق الصباح الكِنْدي تقنية تحليل التردد لكسر الشفرات، وهو ما يمثل أحد أهم الاختراعات في مجال تحليل الشفرات، إذ يُستخدم تحليل التردد البيانات اللغوية مثل تردد بعض الحروف أو أزواج الحروف وأجزاء الكلام وبناء الجملة، للهندسة العكسية لمفاتيح فك التشفير الخاصة.

ظلت الرسائل المشفرة في حالة من التطور منذ ذلك الوقت، وتم تطوير الآت لكتابة الرسائل بشفرات معينة، مثل التي ظهرت عام 1917، عندما ابتكر الأمريكي إدوارد هيبرن أول آلة دوارة للتشفير من خلال الجمع بين الدوائر الكهربائية وأجزاء الآلة الكاتبة الميكانيكية لتشفير الرسائل تلقائيًا، هذه الآلة مكنت المستخدمين كتابة رسالة نصية عادية على لوحة مفاتيح الآلة الكاتبة القياسية وستقوم الآلة تلقائيًا بإنشاء شفرة بديلة، واستبدال كل حرف بحرف جديد عشوائي لإخراج النص المشفر، ويمكن فك تشفير النص المشفر عن طريق عكس دائرة الدوار يدويًا ثم كتابة النص المشفر مرة أخرى في آلة هيبرن الدوارة، ما ينتج عنه رسالة النص العادي الأصلية.

ظهرت تلك الآلة في أعقاب الحرب العالمية الأولى بداية القرن العشرين عام 1913، بسبب زيادة التشفير للاتصالات العسكرية، وأدى نحاج علماء التشفير الإنجليز في فك رموز البرقيات الألمانية إلى انتصارات محورية للبحرية الملكية، وظلت هذه الرسائل منذ ذلك الوقت مقتصرة على الحروب والتواصل العسكري.


مواضيع متعلقة