«مكتبة الإسكندرية».. 22 عاماً على عودة إشراق «شمس الثقافة»

كتب: كيرلس مجدي

«مكتبة الإسكندرية».. 22 عاماً على عودة إشراق «شمس الثقافة»

«مكتبة الإسكندرية».. 22 عاماً على عودة إشراق «شمس الثقافة»

«أشبه بقرص شمس يضىء للعالم ينغمس فى بحر العلم المطل عليه، وجانبها الآخر نُقش على جدرانه بكل اللغات كأنها أكبر بردية فى العالم للعلم والمعرفة» هكذا شيدت مكتبة الإسكندرية الجديدة التى افتتحت منذ 22 عاماً والتى فى قلب مدينة الإسكندرية التاريخية.

المبنى العريق الممتد من كورنيش الإسكندرية إلى شارع بورسعيد، يعد صرحاً معمارياً وثقافياً فريداً يعكس جمالية الماضى العريق وعبقرية التصميم الحديث، كونه يجمع بين بساطة الشكل ودقة التفاصيل، لتكون مركزاً عالمياً للمعرفة والثقافة، ومقصداً للسياح من مختلف بقاع العالم.

بمجرد الدخول من البوابة الرئيسية فى شارع بورسعيد تجد التماثيل الفرعونية شاهقة، وفى مدخل الساحة يوجد تمثال الإسكندر الأكبر وخلفه القبة السماوية، ويميناً مدخل قاعة المكتبة بينما يساراً يوجد مركز المؤتمرات.

يمر الزائر من البوابة الرئيسية ثم يجد أمامه عالماً من العلم والثقافة، أبواب عدة تقودك تجاه المتاحف والمعارض وأخرى تقودك إلى القاعة الرئيسية الكبرى، حيث يوجد تمثال الشاعر اليونانى السكندرى كفافيس، وبمجرد تجاوزه ترى ملايين الكتب، موزعة على طوابق عدة، تضم أقساماً مختلفة تغطى جميع مجالات المعرفة من الفنون والآداب إلى العلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى أقسام مخصصة للأبحاث والكتب النادرة والمخطوطات القديمة، ومئات أجهزة الحاسب الآلى، وبين هذا وذاك أعداد كبيرة يجرون أبحاثاً فى الكتب وآخرون يذاكرون دروسهم ما بين طلاب المدارس والجامعات.

حسام على، طالب بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، اعتاد الحضور بشكل مستمر إلى المكتبة كونها مجاورة للكلية، حيث يقضى أوقات الفراغ بين المحاضرات بها، يطلع على الكتب تارة وتارة أخرى يذاكر مستغلاً جمال المكتبة وهدوءها: «المذاكرة فيها ممتعة والمكان مريح للأعصاب من حيث التصميم الجميل وأنسياب أشعة الشمس، كل ده بيخلى المكتبة مكان مناسب للمذاكرة».

تقسم المكتبة إلى طوابق عدة، وبين الطابق العلوى والسفلى توجد آلات الطباعة القديمة، بالإضافة إلى مقاعد على هيئة كتاب، ناهيك عن لوحات تراثية بالخطوط العربية تثير إعجاب من يراها.

ذلك الإعجاب طغى على نفس مريم إيهاب، طالبة بكلية طب الأسنان، كانت تعيش خارج مصر قبل أن تعود مع أسرتها فى المرحلة الجامعية، لتقرر زيارة المكتبة بالتزامن مع عيد افتتاحها للمرة الأولى، لتندهش من التصميم ومختلف الكتب.

«سمعت كتير من بابا عن مكتبة الإسكندرية، لكن حقيقى رؤيتها كانت أجمل بكتير من اللى اتحكالى عنها وعرفت ليه الناس بتيجى لها من كل بلاد العالم»، هكذا تحكى «مريم» فى حديثها لـ«الوطن» بينما عيناها تتجولان فى كافة الاتجاهات لتستمتع بالنظر فى كل مكونات المكتبة.

ذلك الإبهار جاء نتيجة للتصميم المعمارى على شكل «قرص الشمس» الغارق جزئياً فى البحر المتوسط، وكأن المكتبة تحتضن تراث المعرفة والإشعاع الثقافى كما كانت فى العصور القديمة. فيُعبر هذا التصميم عن التواصل بين الماضى والحاضر، فهو يستلهم من المكتبة القديمة التى كانت إحدى عجائب الدنيا السبع، ولكن بروح العصر الحديث.

والجدران الخارجية للمكتبة مصنوعة من الجرانيت الأسوانى المنحوت، وهى تحمل نقوشاً رمزية تمثل «لغات وحضارات» مختلفة، ما يعزز دور المكتبة كمركز للتعددية الثقافية والتفاعل الحضارى. هذه النقوش هى مرآة للتنوع الفكرى والحضارى الذى تمثله المكتبة، حيث تجد كلمات ورموزاً من لغات عدة من بينها الهيروغليفية، والعربية، واليونانية. كما أن موقع مكتبة الإسكندرية المميز المطل على شاطئ البحر المتوسط، يمنح زوارها إحساساً بالهدوء والسكينة، مع إطلالات خلابة على البحر والأفق.

المكتبة تحتوى على مختبرات بحثية متطورة ومرافق تدعم التطور العلمى، ما يجعلها بيئة محفزة على الإبداع والابتكار.

كما أن الساحة الخارجية «البلازا» واحدة من أجمل أماكن المكتبة، فهى موطن استقبال الحفلات الكبرى كما أنها واجهة تصوير مميزة، إذ تحتوى على مجموعة من التماثيل والنصب التذكارية لشخصيات تاريخية وفكرية بارزة.

هذه التماثيل تذكر الزائرين بالعظمة الفكرية والثقافية التى تمثلها مكتبة الإسكندرية كرمز للمعرفة والفكر، التى من أبرزها تمثال «الإسكندر الأكبر»، الذى يرمز إلى مؤسس المدينة التاريخية.

على بعد أمتار تبرز معالم القبة السماوية، التى تُعد مركزاً تعليمياً متقدماً يعرض عروضاً فلكية وتفاعلية حول الكون والكواكب والنجوم، ، حيث تقدم عروض ثلاثية الأبعاد تتيح للزوار فرصة استكشاف الفضاء بطريقة مبتكرة وممتعة، مما يجذب الزوار من جميع الأعمار، خاصة الأطفال وعشاق الفلك.

وفى الجانب الأيسر يوجد مركز المؤتمرات الذى يحوى المسرح الكبير آخر صغيراً، بالإضافة إلى عدد من القاعات، تمثل جميعاً موطن الثقافة والفكر، إذ تحتضن تلك الأماكن آلاف الفعاليات الثقافية والفنية سنوياً بهدف خلق جيل واع ومثقف.

كل هذا جعل من المكتبة مركزاً عالمياً يجمع بين المعرفة، والثقافة، والفن، كما أن التصميم المعمارى الرائع الذى يدمج بين القديم والحديث، إلى جانب الأجواء الهادئة والمحفزة التى تحيط بالمكتبة، تجعلها وجهة لا تُنسى. ومع ما تحتويه من كتب، متاحف، ساحات خارجية، والقبة السماوية، تقدم المكتبة تجربة متكاملة للزوار من جميع أنحاء العالم.


مواضيع متعلقة