مجمع اللغة العربية: 40 لجنة للحفاظ على سلامة اللغة العربية ومواكبة التطور

مجمع اللغة العربية: 40 لجنة للحفاظ على سلامة اللغة العربية ومواكبة التطور
تعتز مصر بأنها البلد العربى الذى اقتحم ميدان المجامع اللغوية منذ بداية الربع الثانى من القرن العشرين، فبدأ ظهور مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1932، حين صدر مرسوم بإنشاء معهد باسم «مجمع اللغة العربية الملكى» على أن يكون تابعاً لوزارة المعارف، ومن أغراضه أن يحافظ على سلامة اللغة العربية، وأن يجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون فى تقدّمها، ملائمة على العموم لحاجات الحياة فى العصر الحاضر. وأن يقوم بوضع معجم تاريخى للغة العربية، وأن ينظم دراسة علمية للهجات العربية الحديثة، وأن يبحث كل ما له شأن فى تقدم اللغة.
وفى 6 أكتوبر سنة 1933، صدر المرسوم الملكى بتعيين الأعضاء العاملين بالمجمع، وعددهم 20 عضواً بواقع 10 من المقيمين بمصر، و5 من الشرقيين، و5 من المستشرقين، وفى يناير 1934 عقد المجمع الجلسة الأولى للدورة الأولى.
أُنشئ المجمع لتحقيق عدة أغراض، أهمها المحافظة على سلامة اللغة العربية، وجعلها وافية لمطالب العلوم والآداب والفنون، وملائمة لحاجات الحياة المتطورة، والنظر فى أصول اللغة العربية وأساليبها لاختيار ما يُوَسِّع أقيستها وضوابطها، ويُبَسِّط تعليم نحوها وصرفها، ويُيَسِّر طريقة إملائها وكتابتها، ودراسة المصطلحات العلمية والأدبية والفنية والحضارية، وكذلك دراسة الأعلام الأجنبية، والعمل على توحيدها بين المتكلمين بالعربية، وبحث كل ما له شأن فى تطوير اللغة العربية والعمل على نشرها.
وفى سبيل تحقيق هذه الأغراض عمد المجمع إلى إنشاء عدة لجان مختلفة، وهذه اللجان تتكون من أعضاء المجمع، يعاونهم خبراء من أساتذة الجامعات والباحثين المتخصصين فى مجال العمل بكل لجنة، وهم من العاملين الفنيين بالكادر الجامعى بالمجمع. وقد نهض المجمع بلجانه بعدد من المشروعات العلمية الكبرى ليقوم بتحقيق أهدافه وأغراضه، وكان من أهم هذه المشروعات وأكبرها المعجم الكبير، معجم لغة الشعر العربى، مشروع الرقمنة، والتطوير الإلكترونى.
وتتجاوز لجان المجمع 40 لجنة، ويعمل المجمع على وضع معاجم لغوية محررة على النمط الحديث فى العرض والترتيب، ومعاجم علمية اصطلاحية خاصة أو عامة ذات تعريفات محددة، بيان ما يجوز استعماله لغوياً، وما يجب تَجنبه من الألفاظ والتراكيب فى التعبير. كما يقوم المجمع بالإسهام فى إحياء التراث العربى فى اللغة والآداب والفنون، وسائر فروع المعرفة المأثورة، ودراسة اللهجات العربية قديمها وحديثها دراسة علمية، لخدمة الفصحى والبحث العلمى، ودراسة قضايا الأدب ونقده، وتشجيع الإنتاج الأدبى، بالتنويه به، أو بعقد ندوات ومسابقات فيه ذوات جوائز، أو بأى وسيلة أخرى. وإصدار مجلات أو نشرات أو كتب تحوى قرارات المجمع وأعماله وبحوث أعضائه وغيرهم، ما يتصل بأغراض المجمع، وتوثيق الصلات بالمجامع والهيئات اللغوية والعلمية فى مصر وخارجها.
تبوأت رئاسة المجمع اللغوى بالقاهرة شخصيات بارزة من أساطين اللغة وأعلام الفكر والأدب، فتولى رئاسة المجمع العديد من المفكرين، محمد توفيق رفعت باشا، وزير المعارف الأسبق، فكان أول رئيس له، وظل يشغل هذا المنصب حتى توفى فى سنة 1944، ثم تولى رئاسة المجمع الدكتور أحمد لطفى السيد، وزير المعارف الأسبق، والملقب بأستاذ الجيل، وظل رئيساً للمجمع حتى وفاته فى عام 1963، ثم الرئيس الثالث الدكتور طه حسين الذى انتخب رئيساً للمجمع سنة 1963، وظل فى هذا المنصب إلى أن لاقى ربه فى سنة 1973. وآلت رئاسته حالياً إلى الأستاذ الدكتور عبدالوهاب عبدالحافظ، الرئيس الأسبق لجامعة عين شمس، ومعه الدكتور عبدالحميد مدكور، الأمين العام.
وأسهم طه حسين إسهاماً فعالاً فى النهوض بالمجمع، فاشترك فى كثير من لجانه، مثل لجنة المعجم الكبير، وقد اختير مشرفاً عليها عدة سنوات عند إنشائها، لجنة اللهجات، لجنة الأدب، لجنة الأصول، لجنة الجغرافيا والتاريخ، لجنة الألفاظ والأساليب، لجنة نشر التراث القديم. ولم يقتصر عمله على اللجان العلمية، بل شارك فى النواحى الإدارية، فكان عضواً فى اللجنة الإدارية، ولجنة الخزانة، ولجنة تنظيم أعمال المؤتمر.
وأصدر المجمع على مدار تدشينه ما يزيد على 700 إصدار علمى متنوع، بينها المعاجم اللغوية والمعاجم العلمية والدوريات وتحقيق كتب التراث، وصولاً إلى إنشاء موقع خاص بالمجمع.
وفى عام 1956، أخرج المجمع الجزء الأول من المعجم الكبير، فى نحو خمسمائة صفحة، يشتمل على مواد حرف الهمزة. ثم توالى صدور الأجزاء الأخرى إلى أن صدرالجزء الـ17 هذا العام 2024. كما أنجز المجمع معجم لغة الشعر العربى: وهو معجم دلالى تاريخى، فى عالم الشعر عبر العصور التاريخية المختلفة. وهو أول عمل شعرى تُرتّبُ فيه الشواهد الشعرية بحسب أصول الكلمات، كما يعد أول عمل إحصائى يقوم برصد الصيغ الواردة بالفعل فى المادة الشعرية. وقد أُنجز من معجم لغة الشعر العربى الجزء الأول (حرف الهمزة) عام 2015، والجزء الثانى من المعجم (حرف الباء) أنجز المعدون تحرير مواده العلمية، وينتظر اعتماده من اللجنة العلمية.