حروب غزة (2)

عمار على حسن

عمار على حسن

كاتب صحفي

بعد ثلاث حروب شنّتها إسرائيل على غزة منذ انسحاب الجيش الإسرائيلى منها فى عام 2005، قامت تل أبيب فى صباح يوم 12 نوفمبر 2019 باغتيال قائد المنطقة الشمالية فى سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامى فى غزة، بهاء أبوالعطا، فردت الحركة بعملية استمرت بضعة أيام أطلقت عليها «معركة صيحة الفجر»، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية، وردّت إسرائيل بغارات جوية على قطاع غزة أودت بحياة 34 فلسطينياً، وجرح أكثر من 100 آخرين، بينهم نشطاء فى سرايا القدس، وأعداد كبيرة من المدنيين.

وبعد أقل من عامين، وإثر استيلاء مستوطنين على بيوت الفلسطينيين فى حى الشيخ جراح بالقدس، أطلقت المقاومة عملية سمّتها «سيف القدس»، وردّت إسرائيل بعملية سمّتها «حارس الأسوار». وفيما أغارت الطائرات الإسرائيلية على القطاع وقصفت عدة أبراج سكنية، وأعلنت عن تدمير نحو 100 كيلومتر من الأنفاق فى غزة، أطلقت المقاومة نحو أربعة آلاف صاروخ على مستوطنات وبلدات ومدن إسرائيلية، بعضها وصل مداه إلى 250 كيلومتراً، واستهدف مطار رامون.

وارتقى فى هذه الحرب، التى انتهت بوساطة دولية، 250 شهيداً فلسطينياً وجرح أكثر من خمسة آلاف آخرين، بينما قُتل 12 إسرائيلياً وأصيب 330 آخرون.

وفى يوم الجمعة الخامس من أغسطس 2022 اغتالت إسرائيل قائد المنطقة الشمالية لسرايا القدس فى غزة، بعد اعتقال القيادى البارز فى حركة الجهاد الإسلامى فى جنين بالضفة الغربية بسام السعدى.

وأطلقت إسرائيل على هذه العملية اسم «الفجر الصادق»، معلنة أنها لن تستهدف سوى حركة الجهاد، التى ردّت بعملية سمّتها «وحدة الساحات»، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، معلنة أن المعركة تُدار من غرفة مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكرى لحركة فتح)، وأنها قصفت تل أبيب ومطار بن جوريون وأسدود وبئر السبع وعسقلان ونتيفوت وسديروت.

وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين فى هذه المعركة، وفق بيان وزارة الصحة فى قطاع غزة 24، بينهم 6 أطفال، فى حين أصيب 203 بجروح مختلفة.

وجاءت بعدها معركة «طوفان الأقصى» التى انطلقت فى 7 أكتوبر 2023، حين شنّت المقاومة الفلسطينية هجوماً غير تقليدى على مستوطنات غلاف غزة، بدأته بإطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل، لتغطى تسلّل نحو ألف من مقاتلى النخبة فى كتائب القسام، براً وبحراً وجواً، إلى المستوطنات القريبة من قطاع غزة، واستولوا على ثمانية مواقع عسكرية فى معبر بيت حانون (إيريز) وكفار عزة وقاعدة زيكيم العسكرية ومستوطنات ناحل عوز وبئيرى وماغن وقاعدة رعيم العسكرية، وأسروا مئات الإسرائيليين، بينهم عشرات الضباط والجنود، فيما قتلوا 1200، وأصابوا أكثر من 3 آلاف.

بعد أن استفاقت إسرائيل شنّت حرباً واسعة على قطاع غزة سمّتها «السيوف الحديدية»، قتلت فى يومها الأول ثلاثمائة فلسطينى وأصابت أكثر من ألفين آخرين، ثم أحكمت الحصار على القطاع بقطع الماء والكهرباء، وإغلاق جميع المعابر والمنافذ المؤدية إليه، وهدّدت بضرب أى شاحنات إغاثة للقطاع، مما أدى إلى خروج غالبية المستشفيات فى القطاع عن الخدمة وانتشار مجاعة حادة شمال غزة، أودت بحياة كثيرين.

بعدها اجتاحت القوات الإسرائيلية القطاع براً من شماله وجنوبه وحاصرت الكثير من المستشفيات ومراكز إيواء النازحين، ودمّرت غالبية المبانى بغارات جوية مستمرة، عبر قصف عشوائى، وأحزمة نارية، ومجازر أُبيدت فيها عائلات بأكملها، وسط شهداء زادوا على أربعين ألفاً، أغلبهم من الأطفال والنساء، فيما جُرح ما يربو على مائة ألف، وتم تدمير آلاف البيوت، وتشريد سكان القطاع، فى محاولة لإجبارهم على الهجرة خارج أرضهم.