حرب «الطلاق والزواج الثانى» تشتعل بين الكنائس

حرب «الطلاق والزواج الثانى» تشتعل بين الكنائس
أشعلت مطالبات الأقباط بالطلاق والزواج الثانى حرباً بين الكنائس، فبينما تلتزم الكنيسة الأرثوذكسية بالنص الإنجيلى بأنه «لا طلاق إلا لعلة الزنا»، تتمسك الكنيسة الكاثوليكية بأنه «لا طلاق» إطلاقاً، فيما قالت كنيسة الروم الأرثوذكس عبر دراسة كنسية للأنبا نيقولا أنطونيوس، مطران طنطا وتوابعها للروم الأرثوذكس، المتحدث باسم الكنيسة بمصر، إنه يوجد كلمة «تسريح» فى الإنجيل وإن المسيح لم يقل «لا طلاق إلا بعلة الزنا»، كما أباح الزواج الثانى.
وقال المطران نيقولا «إن الكنيسة تنظر للزواج على أنه مبدئياً غير قابل للحل، وتعتبر فسخه خطيئة، والكنيسة رغم إدانتها الخطيئة فهى تساعد الخطاة، إذ تمنحهم فرصة أخرى، بإباحتها فسخ الزيجة الأولى، والزواج الثانى».
وأضاف «نيقولا»، فى بيان له تحت اسم «لماذا تسمح الكنيسة الأرثوذكسية بالزواج الثانى؟»، أن الكنيسة تنظر إلى فسخ الزواج كتساهل استثنائى ولكنه ضرورى للخطيئة البشرية، إنه فعل تدبير كنسى ومن محبة الله للبشر، لكن الكنيسة وهى تساعد الرجل والمرأة على النهوض بعد السقطة، تعلم تماماً أن الزواج الثانى لا يمكن أن يكون مثل الأول، لذا فإن جُزءاً من الاحتفالات التى تشير إلى الفرح فى خدمة الإكليل يجرى إلغاؤها وتُستبدل بصلوات التوبة، والزواج الثالث غير مستحب لديها، أما الرابع فهو مرفوض كلياً منها.
وأشار مطران طنطا إلى أن قرار الكنيسة بعدم منعها الزيجة الثانية، تحذو حذو الآباء القديسين الذين لا يمنعون الزيجة الثانية، وعلى ذلك حددوا فى قوانينهم أن الذين يطلبون الزيجة الثانية ينبغى أن يوضعوا تحت قانون كنائسى لأنهم لم يحفظوا العفاف المأمور به المسيحيون، وأن يُقتصر فى طقس أكاليلهم على بعض القطع والصلوات التى فى طقس الإكليل الأول، فالزيجة الثانية لدى الآباء القديسين هى من أجل الضعف البشرى على أن تفرض على من يشترك فيها عقوبة كنائسية، أما الثالثة فقد اعتبرت فى قوانينهم لوثة جسدية للجسد ولا تسمح بها الكنيسة إلا بعد قانون كنسى أثقل من الزيجة الثانية، وما فوق ذلك من زيجة رابعة لا فرق بينها وبين تكثير الزوجات لهذا مُنعت الزيجة الرابعة منعاً قطعياً.
واستشهد «نيقولا» بأقوال القديس باسيليوس الكبير الذى يقول: «الذين تزوّجوا للمرّة الثانية يوضَعون تحت عقوبة كنسيّة لمدة سنة أو سنتين، والذين تزوَّجوا للمرَّة الثالثة لمدة ثلاث سنين أو أربع، ولكن لنا عادة أنّ الذى يتزوّج للمرّة الثالثة يوضع تحت عقوبة لمدة خمس سنوات، ليس بقانون وإنّمَا بالتقاليد» (القانون 160 و82 و45)، كما استشهد بقول القديس غريغوريوس النزينزى الذى يقول: «الزواج الأوّل شريعة، والثانى تسامح، والثالث تعدٍّ.. أمّا الرابع فأشبه بسلوك الخنازير» (160 و82 و45).
وعن سبب العقوبات، قال «نيقولا» إنها تعود لأن الكنيسة كانت ترى فى الزواجات المتعدّدة علاج ميل جانح نحو شهوة الجسد لا يتلاءم والأخلاق المسيحية، وأن القديسين استندوا إلى أقوال بولس الرسول فى رفض رسامة من يتزوج ثانية فى الكهنوت.
وقال مينا أسعد، مدرس الدفاع اللاهوتى بمعهد دراسات الكتاب المقدس التابع للكنيسة الأرثوذكسية، إن ما ساقه الأنبا نيقولا خاطئ حول وجود خطأ فى تعريب «الإنجيل»، وعدم وجود «لا طلاق إلا لعلة الزنا»، حيث إن هناك 36 من الآباء ومنهم غير الأرثوذكس ويتحدثون اللغة اليونانية، وعدد من المجامع أقرت وقالت «لا طلاق إلا لعلة الزنا»، أبرزها مجمع القية الذى قال «لا طلاق إلا لعلة الزنا (خلقدونى)»، وهو مجمع ينتمى إلى نفس كنيسة الروم الأرثوذكس، حيث نص المجمع قائلاً: «قوانين مجمع القية (ترولو) القسطنطينية الثالث 680م حضور 170-389 أسقفاً».
واستشهد أسعد، فى بيان له أمس، بآيات من القرآن الكريم منها قوله عز وجل: «وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف»، ليؤكد أن ما استند إليه مطران الروم الأرثوذكس فى تعريب كلمة الطلاق، غير صحيح، لأنه حسب المعاجم العربية فإن التسريح يأتى بعد الطلاق.
فى سياق متصل، طالبت حركة «أقباط 38»، المطالبة بالطلاق والزواج الثانى، البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بإصدار قرار بابوى بوقف بدء العمل بالقانون الجديد للأحوال الشخصية للأقباط داخل الكنيسة والمزمع بدء العمل به فى يوليو المقبل، وطرحه لحوار مجتمعى.
وقالت الحركة، فى خطاب أرسلته للبابا، موقع من نادر الصيرفى، مؤسس الحركة، حصلت «الوطن» على نسخة منه، «إن القانون المزمع تطبيقه سيحطم الأسرة المسيحية، وبه كوارث دستورية وعوار فى الصياغة، واستحالة فى الإثبات، ويعتبر تحقيراً من قدسية الزواج، وضاراً بسمعة القبطيات وشرفهن، إذ يعتبر من تترك زوجها زانية أمام الكنيسة والقانون، كما يدفع القانون الأزواج للسقوط فى الشك القاتل ويفتح التلفيق على مصراعيه، ويقضى على مستقبل الأطفال».
وأضافت الحركة أن القانون ليس خفياً على أحد أنه غير متوافق عليه بل مرفوض من جميع الطوائف المسيحية على خلاف ما ادعى البعض، والقانون ينتزع سيادة الدولة، واختصاص السلطة التشريعية واستقلال القضاء، مشيرة إلى أن هيبة الكنيسة ستكون محل سخرية المجتمع الداخلى والخارجى.
ولفتت الحركة إلى أنها تؤيد اختصاص الكنيسة بكل أمور الزواج سواء بالمنح أو المنع، ولكن سلطة الكنيسة تأتى عقب فصل القضاء وليس قبله، وأن الكنيسة لها الحكم بأن التطليق لا يلزمها بالزواج حتى إن كانت متعسفة فى استخدام هذا الحق.
واتهمت الحركة الكنيسة فى ذات الوقت بأنها تصدر سنوياً للمجتمع مئات الآلاف من مرتكبى جرائم الأسرة والفشلة والمدمنين والزناة والعاطلين وأطفال الشوارع، وأن الحركة رصدت حالة من غضب شعب الكنيسة ومراكز قوى مسيطرة ومهيمنة على القرار الكنسى، واضعين البابا فى مواجهة الأقباط بزعم أنهم يدافعون عن الإيمان المستقيم، إلا أنهم يدافعون عن مصالحهم ويستخدمون اسم الكنيسة فى استفزاز وقهر الإجماع العام.