حقائق فى قضية أحمد منصور
ختمت مقالى أمس الأول بجريدة «الوطن» بعنوان «أحمد منصور ليس الأول» بأن ما يعنينى فى قصة التوقيف ما وراء الموقف، كواليسه ومعانيه ورسائله التى يحملها ويصدرها لنا. لذا سعيت بقدر طاقتى بعيداً عن كل ما صاحب الخبر من تزييف قادته الجزيرة وتعتيم مارسه الغرب، وتجهيل مارسناه للأسف فى إعلامنا، لفهم حقيقة ما يحدث سواء باستقصاء المعلومات من ألمانيا حيث الواقعة المثيرة للتساؤلات، أو من مصر حيث كان البحث عن إجابات.
ودعونا نبدأ القصة من أولها حين أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها منذ فترة فى القضية رقم «12057- قصر النيل»، بمعاقبة عدد من قيادات الإخوان، وهم محمد البلتاجى وحازم فاروق وصفوت حجازى ومذيع قناة الجزيرة أحمد منصور، بالسجن المشدد 15 عاماً، بتهمة تعذيبهم المحامى أسامة كمال وهتك عرضه بالقوة فى ميدان التحرير أثناء ثورة يناير 2011. وبصفته هارباً فقد قام الإنتربول المصرى بتوزيع نشرة بها اسم أحمد منصور على كل أجهزة الإنتربول فى العالم بشكل روتينى كما تقضى الإجراءات. وهو ما يعنى أن مصر لم تطلب من ألمانيا تسليمه أو توقيفه بشكل مباشر عبر مذكرة أرسلتها لألمانيا كما قيل. وهو ما تؤكده تصريحات أحمد منصور التى بثتها الجزيرة عقب الإفراج عنه حينما قال بالحرف: «لم يوقفنى أحد فى مطار سابقاً، هذه المرة أوقفونى بعد زيارة السيسى، وهذا سؤال يمكن أن تبحثوا عنه». وهو ما يعنى أن طرح اسم مصر والرئيس السيسى فى تلك القضية ليس به دليل من قبل منصور الإخوانى الذى طلب من الصحفيين البحث عنه رغم أن البينة على من ادعى وليس العكس.
إذن، إذا كانت مصر لم تتقدم بمذكرة لألمانيا للقبض على منصور وتسليمه لها، فلماذا ألقت ألمانيا الداعمة للإخوان القبض عليه؟
ما حدث أن أحمد منصور بث بتاريخ 27 مايو 2015 مقابلة فى برنامجه «بلا حدود» مع أمير جبهة النصرة «أبومحمد الجولانى». وهو أمر سهل لدويلة قطر التى تقوم مع السعودية بتمويل تلك الجبهة وغيرها من الحركات المتشددة بعلم الولايات المتحدة لإسقاط النظام السورى منذ 2011. وهو طبيعى لقطر التى يوجد فى عاصمتها المقر الوحيد فى العالم لحركة طالبان الباكستانية المتهمة بالإرهاب ووثيقة الصلة بالقاعدة! وهو طبيعى وحدث مع يسرى فودة وقت أن كان مذيعاً بالجزيرة والتقى بخالد شيخ محمد، وبن شيبة قبل إلقاء القبض عليهما من الـ«سى آى إيه» ومحاكمتهما بتهم الانتماء للقاعدة والاشتراك فى تفجير برجى التجارة عام 2001. وهو ما حدث مع تيسير علونى عام 2005 وسجن بسببه فى إسبانيا سبع سنوات. ألمانيا كررت فقط ما سبق فعله مع مذيعى الجزيرة لمعرفة المزيد من المعلومات عن «الجولانى» وجبهته من منصور الإخوانى الأوروبى على حد قوله. فكان استغلال نشرة الإنتربول المصرى الصادرة منذ شهور، لأن المعلومات تؤكد أن سفر منصور لبرلين ليس الأول منذ صدور الحكم لكنه الأول منذ إذاعة الحلقة فى نهاية مايو الماضى. ودليلى ما قاله منصور نفسه حين قال إنه عند احتجازه فى المطار لم يحقق معه أحد وقالوا له إنهم يريدون بعض المعلومات وليس التحقيق.
إذن، لماذا زج الجميع باسم مصر فى القصة؟ لأن اللعبة الحالية هى لعبة مخابرات. فالزج باسم مصر يحقق أكثر من هدف، يخدم قضية الإخوان وبخاصة مع التيقن من أن ألمانيا لن تسلم منصور ولن تحبسه. ويمنح الشك فى الأحكام الصادرة ضد الإخوان ليكون بيان الخارجية الألمانية -لا النائب العام- عقب الإفراج عن منصور بأنه تم تسريحه «لعدم كفاية الأدلة»!! أى أدلة؟ وفى أى قضية؟ المعلن أنها قضية تعذيب المحامى الصادر بها الحكم. وبالقياس تكون الرسالة «إن أدلتكم فى إدانة منصور غير كافية وكذلك أدلتكم فى إدانة بقية قيادات الإخوان؟!
عملية نظيفة 100%.
طبيعى ما سبق وأتفهمه فى حالة الحرب تلك، ولكن غير الطبيعى هو ما نشر بالصحافة والإعلام المصرى عن عمد أو جهل بتلك القضية.
يا رب مصر.