أزمة دروز سوريا تدق ناقوسا بين دروز إسرائيل

كتب: أ ب

أزمة دروز سوريا تدق ناقوسا بين دروز إسرائيل

أزمة دروز سوريا تدق ناقوسا بين دروز إسرائيل

أثارت المأساة التي يعيشها دروز سوريا قلق أبناء الأقلية الدرزية في إسرائيل التي تعد من أكثر الأقليات الموالية للدولة. يطالب دروز إسرائيل السلطات اليوم، بمساعدة أشقائهم في سوريا المجاورة، بل إن بعضهم عرض المشاركة في المعارك الدائرة هناك إن تطلب الأمر. التزمت إسرائيل الحذر وظلت بمنأى عن الخوض في الحرب الأهلية السورية التي دخلت عامها الخامس، كما تجنب دروز سوريا التورط في الحرب إلى حد كبير. لكن بعد أن أقدم مسلحو تنظيم القاعدة على قتل ما يزيد على العشرين درزيًا بشكل وحشي في وقت سابق هذا الشهر فيما وصف بأنه الهجوم الأكثر دموية ضد أقلية عربية منذ اندلاع الصراع منتصف مارس 2011 ، تجد إسرائيل نفسها في مواجهة تحت ضغوط داخلية متزايدة للتحرك. غير أن ذلك سيؤدي بدوره لتدخل إسرائيل في الحرب السورية نيابة عن جماعة تعد موالية للرئيس السوري بشار الأسد وحكومته. أزمة دروز سوريا والمعضلة التي وجدت إسرائيل نفسها فيها بسبب التدخل المحتمل في الصراع، يزيد الأزمة السورية المركبة بالفعل، تعقيدا. ما يجري يلقي الضوء أيضًا على الدروز، تلك الطائفة الغامضة التي ظهرت في البداية كأحد طوائف الشيعة وتمكنت من الصمود في إقليم مضطرب بإعلان ولائها دوما للبلد التي يقيم فيه أتباعها، وأحيانا ما كلفها ذلك مواجهة دروز دولة أخرى في ساحة الحرب. وبالرغم من أن دروز إسرائيل طالما أعلنوا ولائهم المطلق للإسرائيليين- لدرجة صادمة نظرًا للصراع الدائر بين إسرائيل والعرب منذ عقود- وغالبا ما تكون لهم الحظوة ويتدرجون في الرتب العسكرية والمناصب السياسية، فإنهم يشعرون بالقلق أيضا إزاء مصير إخوانهم في أماكن أخرى. يقول أمير وهابي (38 عامًا) أحد دروز قرية دالية الكرمل شمالي إسرائيل، حيث الشوارع واشارات المرور تحمل اسماء الجنود الدروز الذين لقوا حتفهم وهم يحاربون في صفوف الجيش الإسرائيلي :" نحن ندين بالولاء لبلدنا وندين بالولاء لإخواننا". شوارع القرية ملونة بألوان العلم الإسرائيلي وأيضا بألوان علم الدروز الخمسة. يعيش حوالي 130 ألف من دروز إسرائيل في شمال البلاد، حيث خرج بعضهم إلى الشوارع مطالبين بالتحرك لمساعدة دروز سوريا. ويطالبون بأن تتوقف إسرائيل عن علاج مقاتلي المعارضة السوريين في مستشفياتها وبدلا من ذلك، تقدم المساعدة الطبية للدروز السوريين وتمدهم بالأسلحة والدعم الجوي ضد تقدم فرع القاعدة في سوريا، وهي جبهة النصرة. حتى أن بعضهم طلب أن يسمح للدروز السوريين بدخول إسرائيل بالآلاف إذا تطلب الأمر. وتصر الحكومة الإسرائيلية على أنها لن تسمح بأن يقتل الدروز لكنها امتنعت عن اتخاذ أي فعل. ومنذ بدء الانتفاضة ضد الأسد، تبدو استراتيجية إسرائيل هي أنه من الأفضل الانتظار فيما يقوم المتناحرون في الجوار بقتل بعضهم البعض بدلًا من الانتباه لإسرائيل، وهي العدو المشترك تقريبًا لكل الفصائل المتناحرة في سوريا. أيوب قرا، نائب وزير التعاون الإقليمي وأرفع درزي في حكومة إسرائيل، قال إن إسرائيل بثت بعض الرسائل خلف الكواليس تتضمن عدم الإضرار بالدروز. وأضاف "قرا"، أنه يعتقد أن قيام جبهة النصرة بالنأي بنفسها رسميا عن قتل المزارعين الدروز في محافظة إدلب شمال غرب سوريا منذ أسبوعين كان رسالة مفادها أن التحذير وصل. كعضو في حزب الليكود الحاكم، أصر "قرا" على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستمع إليه في هذا الشأن. قرا البالغ من العمر 60 عامًا وفقد شقيقين قتلا في المعركة أثناء خدمتهما في الجيش الإسرائيلي، أصر على أن تحالف الدروز "لا يمكن أن ينتهي على الحدود" مع سوريا". وقال "إذا تأذى الدروز، فسيتأذى مئات الآلاف الآخرين أيضا. وإذا كان علي أن أحمل السلاح وأقاتل هناك كما فعلت كجندي إسرائيلي، فسأفعل"، وكان ذلك في منزله في دالية الكرمل، أكبر قرية درزية في إسرائيل. وأضاف "أريد أن أرى من لن ينضم إلي، خاصة اليهود، عندما أسير إلى الحدود (السورية) مع آلاف الأنصار وهم يعرفون أن هناك إبادة جماعية تحدث على الجانب الآخر". ويقول قادة الدروز الإسرائيليين إن تحالفهم مع اليهود يرجع إلى وقت طويل قبل مساعدتهم على الفوز بالاستقلال في 1948. ويقدس الدروز شعيبا، وهو حما موسى، وتعد مقبرته في شمال إسرائيل واحدة من أكثر المواقع قداسة لديهم. كان العديد من يهود إسرائيل قد أعلنوا تضامنهم مع الدروز بالرغم من امتناعهم عن المطالبة بالتدخل العسكري. وحثت صحيفة "هآرتس" الليبرالية الإسرائيلية الحكومة في افتتاحية على "إنقاذ الدروز في سوريا". موتي يوغيف، النائب اليميني عن حزب البيت اليهودي قال إن "التعهد الإسرائيلي" المتبادل للدروز يسمو فوق تعقيدات التورط في الحرب السورية والمأزق الإنساني بمساعدة الأفراد الموالين للأسد الذين تعاونوا مع حزب الله عدو إسرائيل. كاتب الرأي رون بن يشاي، قال إن حزب الله وداعميه في إيران يستغلون الدروز للضرب على أوتار قلوب الإسرائيليين وجر البلاد إلى المعارك الدموية في سوريا. وكتب بن يشاي: "إنه عبث لا يفرزه سوى الشرق الأوسط." في هذه الأثناء حذر النائب الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، الذي أيد المعارضة السورية ضد الأسد، الأسبوع على تويتر من أي تدخل إسرائيلي. ربما كان الأشخاص الأكثر معاناة من هذا الوضع هم 22 ألف مواطن درزي يعيشون في منطقة الجولان الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والذين دأبوا على تعريف أنفسهم بأنهم سوريون على الرغم من إجادتهم للغة العبرية واندماجهم في المجتمع الإسرائيلي طيلة الحكم الإسرائيلي للمنطقة. لا يزال لهؤلاء الدروز أقارب في سوريا ومعبر القنيطرة المغلق كان يشكل بوابة للطلبة الذين يدرسون في العاصمة السورية دمشق، ومواكب الأعراس بل وحتى طريقا لصادرات التفاح السنوية. لكن عددًا قليلًا من دروز الجولان حصلوا على الجنسية الإسرائيلية - الخيار الذي منحته لهم إسرائيل عقب ضمها المنطقة عام1981 وأبدى البقية دعمهم في كثير من الأحيان لحكومة الأسد. العائلات المنفصلة عادة ما تتجمع في وادي الصراخ بين إسرائيل وسوريا حيث يتحدثون إلى بعضهم البعض عبر مكبرات الصوت. وتقول إحدى النكات القديمة إن السوريين على الجانب الإسرائيلي شكوا لأبناء عمومتهم عن صعوبة الحياة في إسرائيل، فيما أبدى المقيمون في الجانب السوري سعادتهم بالعيش في ظل الأسد، وكلاهما يعلم أنه كاذب. لكن مقتل الدروز حاليًا في سوريا أثار غضبًا ممزوجًا بالقلق وإدراكًا جديدًا بأن مستقبلهم يبدو أفضل ما دام مقترنًا بإسرائيل. ويقول هايل صفدي، 45 عامًا، درزي من مدينة مجدل شمس إن هناك مصلحة استراتيجية لإسرائيل لدعم 700 ألف درزي سوري. وكما أن إسرائيل قطعت وعدًا بمساعدة اليهود حول العالم، فهي تحمل المسؤولية ذاتها تجاه الدروز الموالين لها. وقال "الدروز شعب عدد سكانه محدود. لن ندير ظهرنا لشعبنا وهو يذبح هناك".