جمهورية الحقوق والحريات.. سياسيون وحقوقيون: مصر تعيد صياغة «ملف حقوق الإنسان»

جمهورية الحقوق والحريات.. سياسيون وحقوقيون: مصر تعيد صياغة «ملف حقوق الإنسان»

جمهورية الحقوق والحريات.. سياسيون وحقوقيون: مصر تعيد صياغة «ملف حقوق الإنسان»

«الوطن» تستعرض الملف الحقوقي بعد مناقشة قانون الإجراءات الجنائية ومرور 3 سنوات على إطلاق الاستراتيجية الوطنية 

تواجه الدولة المصرية تحديات داخلية وخارجية تهدد استقرارها، لكنها تسير بخطوات ثابتة وواثقة نحو تعزيز حقوق الإنسان والحريات، ولا يمكن لأحد أن يتجاهل ما مرت به مصر خلال العشر سنوات الماضية، حيث بدأت القيادة السياسية عقب ثورة 2013 معالجة مرحلة الوهن التى مرت بها مصر بعد أحداث 2011، مروراً بتأسيس الجمهورية الجديدة، ووصولاً إلى دستور 2014 الذى عزز من الحقوق والحريات، وعملت القيادة السياسية بجدية لتطبيق مفهوم «حقوق الإنسان» على أرض الواقع بعيداً عن الشعارات وذلك بإرادة وطنية خالصة بعيداً عن الضغوط الغربية والتدخلات الدولية. ففى السنوات الماضية، اتخذت الدولة المصرية خطوات كبيرة، منها إصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ثم إلغاء حالة الطوارئ، ثم إطلاق الحوار الوطنى، كما توسعت القيادة السياسية فى العفو الرئاسى الذى لم يعد يقتصر على المناسبات الوطنية فقط، كما عملت الدولة أيضاً على إعداد مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية بعد سبعين عاماً من إصدار القانون الحالى.

وقبل أشهر قليلة على جلسة المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان فى مصر والمقرر عقدها فى جنيف فى شهر يناير 2025، وبالتزامن مع الذكرى الثالثة لإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وإلغاء مد حالة الطوارئ.

استضافت «الوطن» عدداً من النواب والقيادات الحزبية والحقوقية، لتستمع منهم إلى تقييمهم لوضع حقوق الإنسان والمجال الحقوقى فى مصر، كيف يرون هذا الوضع، وما يصبون إليه خلال الفترة المقبلة.

وتحدث فى هذا الشأن، النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، والنائب الدكتور طلعت عبدالقوى عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى ورئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، والنائب عاطف مغاورى رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع بمجلس النواب، والنائب طارق الخولى عضو لجنة العفو الرئاسى ووكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، وعبدالجواد أحمد عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ورئيس المجلس العربي لحقوق الإنسان.

حقوق الإنسان ونظرة الغرب

استهل النائب طارق رضوان، كلمته بالإشادة بالخطوات التى اتخذتها مصر لتعزيز ملف حقوق الإنسان من النواحى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبناء القدرات فى ظل التحديات الكثيرة التى مرت بها مصر، سواء فى مجال الأمن القومى أو التنمية المجتمعية، مشيراً إلى أن ملف حقوق الإنسان كان أداة تُستخدم من قبل بعض الدول فى أوروبا أو الولايات المتحدة للهجوم أو استخدامه كعصا للتأثير على مصر فى العديد من قراراتها، والضغط عليها فى ملفات أخرى قبل ثورة الثلاثين من يونيو 2013.

وأضاف رئيس «حقوق إنسان النواب»: لا ألوم الغرب فى استخدام هذه الأسلحة، ولكن وجب عليهم ألا يقوموا بعرض أنفسهم على أنهم شركاء لمصر فى حل مشكلاتها، ففى الحديث عن تحديات الأمن القومى، نجد أن مصر خاضت حرباً ضد الإرهاب بالوكالة، فى ظل التحديات التى مرت بها، وحمت دول الاتحاد الأوروبى من الهجرة غير الشرعية، رغم أن مصر كانت تطالبهم بمدها بمساعدات تقنية لمراقبة الهجرة غير الشرعية والتعامل معها، لأن مصر لم تكن هى المقصد من هذا الملف، بل هى دولة معبر يتم استخدامها وسيلة، واكتفى الغرب فقط بشكر مصر فى نهاية عام 2017 عند إعلانها أنها خالية من الهجرة غير الشرعية.

وتابع «رضوان» أنه عندما نتحدث عن ملف اللاجئين، يجب أن نعرف أن مصر من أكثر الدول التى استقبلت أعداداً كبيرة من اللاجئين خلال العشر سنوات الماضية، بدءاً من ثورات الربيع العربى فى 2011، فاستقبلت مصر لاجئين من اليمن وسوريا والعراق وليبيا، وأصبح اللاجئون يعيشون فى أحياء كاملة داخل مصر، كل هذا يحدث فى ظل حالة من التوتر والتحديات على حدود مصر، وفى ظل كل تلك الأوضاع وضعت مصر رؤية واستراتيجية واضحة للتعامل مع ملف حقوق الإنسان من المنظور المصرى.

وأردف «رئيس حقوق النواب»: لا يجب على الغرب النظر إلى ملف حقوق الإنسان من زاوية التنظير فقط، لأن الملف يختلف من دولة لأخرى بناءً على تقدمها العلمى والثقافى ومستوى الرخاء البشرى المتمثل فى خدمات مرفقية وبنية تحتية وجودة تعليمية أو صحية، ولذلك من المهم أن ندرك أن مصر تعمل على إعادة بناء نفسها من جديد بعدما شهدت ثورتين وتغيير عدة أنظمة سياسية، بدءاً من ثورة 2011، مروراً بالمرحلة الانتقالية ثم مرحلة حكم الإخوان، وبعدها ثورة التصحيح 2013 عندما أدرك الشعب أن هؤلاء أجندتهم سيطرة حكم الفصيل الواحد على الدولة، وبعدها أعقب ذلك تعديل الدستور فى 2014، والذى نص على العديد من المحاور التى تمس الإنسان وحقوقه وهى الحقوق التى تم تعزيزها فى تعديلات الدستور فى 2019، وأعقبتها العديد من التشريعات التى تمخضت عن مجلس النواب فى الفصل التشريعى الأول (2016-2020). ومن ثم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى سبتمبر 2021، والتى شملت أربعة محاور، كما تم إلغاء حالة الطوارئ وإطلاق الحوار الوطنى، الذى أسفر عن قائمتين من التوصيات، أهمها كان قانون الإجراءات الجنائية الجديد.

قانون الإجراءات الجنائية الجديد

تابع «رضوان»: أود أن أشيد بمجلس النواب «منبر التشريع فى مصر» الذى أخذ على عاتقه بالتوازى مع إطلاق الحوار الوطنى، العمل على صياغة قانون جديد للإجراءات الجنائية، ومن المتوقع أن تسهم اللجنة المشتركة من اللجنة الدستورية والتشريعية وهيئة مكتب لجنة حقوق الإنسان فى صياغة هذا القانون، الذى سبق أن أُحيل من الحكومة فى 2017 وتم إعادة إحالة النظر فيه مع بداية الفصل التشريعى الثانى من مجلس النواب، ثم عكفت اللجنة الفرعية على إعادة صياغة هذا القانون، ونقوم الآن فى هذه اللجنة المشتركة بتدقيق مشروع القانون والتوافق على المواد التى كان بها خلاف، سواء مع نقابة المحامين من ناحية، أو الجهات ذات الصلة التى طلبت تعديل بعض مواد القانون، ومع بداية انطلاق فعاليات دور الانعقاد الخامس، سيكون هذا القانون جاهزاً للمناقشة فى دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب، ونتمنى إقراره قريباً.

طارق رضوان: تأثير قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيكون كبيراً فيما يتعلق برفع الحقوق والحريات في الداخل وتأثيره الإيجابي على الملف في الخارج

وأضاف رئيس «حقوق الإنسان بالنواب»: تأثير هذا القانون سيكون كبيراً فيما يتعلق برفع الحقوق والحريات فى مصر داخلياً وتأثيره الإيجابى على ملف حقوق الإنسان فى مصر فى مجلس حقوق الإنسان الدولى أو المنظمات ذات الصلة التى تتعامل مع هذا الملف، أو لمصر فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان بشكل عام، ولكن أعتقد أنه مع إقرار هذا القانون، سيكون هناك إنهاء للعديد من التحديات التى ذكرناها، سواء كانت فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، أو تحديداً فى المحور الأول المعنىّ بالحقوق والحريات، وأعتقد أنه مع إقرار هذا القانون، سيتم إنهاء ما يزيد على ثمانين أو تسعين فى المائة من المحور الأول، وسنرى إنجازات أو انعكاسات هذا فى التقرير الصادر عن وزارة الخارجية بصفتها الأمانة الفنية للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، حيث قد صدر التقرير الثانى، ومن المتوقع أن يصدر التقرير الثالث فى منتصف شهر نوفمبر، ولكن انعكاسات هذا القانون ستظهر جلياً عند إطلاق الوزارة للتقرير الرابع.

 

العفو الرئاسي

بدأ النائب طارق الخولى حديثه قائلاً: فيما يتعلق بالوضع الحقوقى، لا يمكن إغفال تأثير ما يجرى حالياً من انتهاكات لحقوق الإنسان من بعض الأطراف الدولية، والتى تجلت بوضوح من خلال الحرب الدائرة الآن على غزة، والتى تم من خلالها الكشف عن ازدواجية المعايير الفاضحة التى تتشدق بها بعض الأطراف حول حقوق الإنسان، وتستغلها دول بعينها لتحقيق أغراض سياسية محددة، مثلما حدث فى دول تفككت وتلاشت تماماً من على الخريطة تحت هذا الضغط، وكان المدخل الرئيسى لها ملف حقوق الإنسان.

طارق الخولي: مصر أدركت مبكراً أن حقوق الإنسان مسألة وطنية دون تدخل خارجي

وأردف عضو لجنة العفو الرئاسى: من ناحية أخرى، كان هناك إدراك مصرى مبكر لمسألة تثبيت مؤسسات الدولة المصرية أن حقوق الإنسان مسألة وطنية خالصة، دون تدخل من أى طرف خارجى، فوضعت مصر أجندة وطنية خاصة بها فى هذا الشأن، ولم تسمح بدخول أى طرف بالضغط عليها فى هذا الأمر، ولو تتبعنا التطور الزمنى فى ملف حقوق الإنسان فى مصر بدءاً من عام 2016 مع الحوار الوطنى الذى تمخض عنه إنشاء لجنة العفو الرئاسى، والتى تولت مهمة مراجعة حالات الشباب المحبوسين، وبعدها تم إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان التى تهدف إلى مأسسة هذا الملف والتنسيق بين الجهات المختلفة، لوجدنا أن هذه الجهود أسفرت عن وضع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى وضعت الحكومة والقيادة السياسية أمام التزام بتنفيذ جدول زمنى لتطوير ملف حقوق الإنسان، سواء فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية أو الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى حقوق الشباب وذوى الإعاقة والمرأة.

وأشار وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إلى أن إحدى القضايا التى واجهتها لجنة العفو الرئاسى كانت مسألة الحبس الاحتياطى، وهو أمر أصبح عائقاً أمام إطلاق سراح العديد من المحبوسين، ومن هنا كانت الحاجة إلى تعديل المواد المتعلقة بالحبس الاحتياطى، وهى نقطة كانت محل نقاش مستفيض داخل الحوار الوطنى، وأدت إلى وضع رؤية جديدة لمسألة الحبس الاحتياطى، من خلال جلسات متتابعة، تتضمن تخفيض مدد الحبس وتوسيع البدائل المتاحة له والتعويض، فى نقاش مستفيض ضمن قانون الإجراءات الجنائية الجديد.

وتابع «الخولى» أنه تم وضع رؤى لذلك فى نقاش مجتمعى، بحضور كافة الأطراف المعنية، بما فى ذلك النيابة العامة، ومجلس القضاء الأعلى، ونقابة المحامين، وذلك للوصول إلى أفضل صيغة لمسودة قانون الإجراءات الجنائية التى ستعرض على البرلمان قريباً من خلال جلساته العامة فى نقاش يعبِّر عن جميع الأطراف، ورسالة طمأنينة لجميع الأطراف التى سيطبق عليها هذا القانون، وخصوصاً أنه يلقب بالدستور الثانى، وأنه متعلق بتفاصيل إرساء العدالة وتطبيقاتها على أى مجتمع.

وأكد عضو لجنة العفو الرئاسى أن ما تم من خطوات على مدار الفترة الماضية من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ولجنة العفو الرئاسى، والقرارات الرئاسية بالعفو عن المحبوسين، والقرارات التى صدرت عن النائب العام مؤخراً بإخلاء سبيل عدد من المحبوسين احتياطياً، كل هذا يخلق حالة من المناخ العام، تعطى خطوات ثابتة ومتقدمة فى ملف حقوق الإنسان، وتعطى أملاً فى مزيد من الخطوات التى ترسخ كافة التحديات فى ملف حقوق الإنسان، وتعمل على تطويرها بشكل كبير ومتسارع.

 

الحقوق والحريات

من جانبه، قال عبدالجواد أحمد إن تناول الإعلام للمناخ الحقوقى فى مصر يُظهر تغييراً نوعياً فى ملف حقوق الإنسان، مشيراً إلى أنه قبل 2010 كان هذا الملف يمثل بعض الحساسية، ولم يكن متاحاً بشكل كامل للإعلام، سواء المكتوب أو المرئى، وكان يتناول هذه القضايا من زوايا محدودة، ولكن الآن نشهد تناولاً مفتوحاً للموضوع، وهذا مؤشر إيجابى، ولذلك إذا أردنا تقييم ملف حقوق الإنسان فى مصر، سنجد أن الإعلام اليوم لا يضع سقفاً لمناقشة مؤسسات حقوق الإنسان، كما يجب الأخذ فى الاعتبار عند مناقشة ملف حقوق الإنسان فى مصر النظر إلى التحديات التى تواجه مصر، وهى نقطة مهمة فى منطقة مليئة بالصراعات كالسودان، وليبيا، واليمن، وسوريا، وغزة، فهذه التحديات تفرض علينا تقييماً واقعياً للوضع.

وأضاف عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: عند تقييم ملف حقوق الإنسان فى مصر، نحتاج أيضاً إلى تقسيم مراحل حقوق الإنسان فى مصر: قبل عام 2010، ومرحلة ما بين 2010 و2013، ومرحلة من 2013 حتى الآن، فأنا كمحامٍ وحقوقى وعضو فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، شاركت فى العديد من الاجتماعات الدولية، لتقييم حالة حقوق الإنسان فى مصر، وأرى أن هناك تقدماً ملموساً فى الوضع الحقوقى بمصر، خاصة بعد عام 2013، وذلك وليد مبادرات وطنية، ويجب التفرقة بين نظرة الغرب التى لها أهداف سياسية أخرى من خلال استخدام حقوق الإنسان للتدخل فى الشأن الداخلى كما كان يحدث فى مرحلة ما قبل 2010، وأعتقد أن هناك مؤشرات إيجابية وتغيراً نوعياً فى الملف الحقوقى فى مصر.

عبدالجواد أحمد: هناك رغبة حقيقية في تحسين أوضاع حقوق الإنسان.. والملف يشهد تقدماً ملموساً

وتابع رئيس المجلس العربى لحقوق الإنسان: حقوق الإنسان كانت فى الماضى تُستخدم كذريعة للتدخل فى الشئون الداخلية للدول، لكن الوضع تغيّر مع وجود إرادة وطنية، حيث تم تأسيس اللجنة العليا لحقوق الإنسان لإعداد روشتة وطنية دون تدخلات خارجية، كما أن أبرز ما فى هذه المرحلة هو الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، والذى جاء كإرادة وطنية خالصة دون ضغوط خارجية، وتناول الحوار العديد من القضايا الحساسة مثل الحبس الاحتياطى، وكشف عن مشكلات تتعلق بالتشريع والتطبيق وحتى الوعى لدى المحامين.

وأكد «عبدالجواد» أن وجود الإرادة السياسية والتشريعية فى البرلمان يسير بالتوازى مع هذه الجهود، مما يُعد مؤشراً إيجابياً على رغبة مصر فى تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وفى النهاية، الإصلاحات الحالية تُظهر أن هناك مسارات متعددة لتحسين الوضع الحقوقى فى مصر، سواء من خلال التشريع أو المبادرات الرئاسية أو الحوار الوطنى، كما كانت هناك جهود كبيرة فى منظومة إصلاح العدالة فى مصر، فقد شهدت نقابة المحامين لأول مرة تعديلاً مهماً فى دستور 2014، وهذا الفضل يعود إلى الشعب المصرى العظيم، فنقابة المحامين ليست مجرد نقابة أو منظمة مجتمع مدنى، بل هى تمثل ضمانة لكفالة الحق فى الدفاع، سواء عن المتهمين أو المجنى عليهم أو غيرهم، وعندما يضع الدستور المصرى باباً جديداً باسم «المحاماة»، فإنه يؤكد حرصه على ضمان المحاكمة العادلة، وهذه أول مرة تحدث فى الدساتير العربية وحتى الدولية، حيث لم تهتم أى دولة أخرى بإفراد باب للمحاماة، ولذلك نحن حريصون وسعداء جداً بأن يكون هناك باب للمحامين، كما يوجد باب للقضاة، لأننا شركاء فى تحقيق العدالة، والنص الذى يتحدث عن تمتع المحامين بكافة الضمانات والحماية القانونية التى يتمتع بها القضاة هو خطوة مهمة فى مجال حقوق الإنسان فى مصر.

واستكمل عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: قانون الإجراءات الجنائية هو الضمانة الدستورية والقانونية التى تنظم مسألة أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته بحكم نهائى، عندما يعمل البرلمان على تعديل القانون بأكمله، ويضمن وجود ضمانات لمراحل المحاكمة العادلة والمنصفة وفق المعايير الدولية، فهذا يمثل تقدماً كبيراً، كما أن تضييق استخدام الحبس الاحتياطى بمبادرات، مثل المبادرة الرئاسية والحوار الوطنى، يشير إلى اتجاه إيجابى للدولة فى هذا المجال، كما أن تعديلات قانون الحبس الاحتياطى فى عام 2006 تمثل أيضاً نقطة مضيئة، حيث تم إقرار مبدأ التعويض للمحبوسين احتياطياً، وذلك بعد مناقشات كبيرة، ويكمل المشرع المصرى هذا التوجه، حيث يتم إقرار الحق فى التعويض للمحبوس احتياطياً فى حالة عدم ثبوت إدانته.

وأضاف رئيس المجلس العربى لحقوق الإنسان: عندما نتحدث عن التقاضى على درجتين، فهذا أمر عظيم لمصر، إذ يسمح بمحاكمة الشخص مرتين لضمان العدالة، كذلك، وجود بدائل للحبس الاحتياطى يمثل تقدماً اقتصادياً واجتماعياً كبيراً، ورغم وجود بعض الاعتراضات، إلا أن ذلك يعكس مناخاً صحياً للنقاش، حيث إن اللجنة التشريعية فى البرلمان قامت بدور كبير فى تلقى الملاحظات والنظر فى بعض المواد مجدداً، ما يعكس حرص البرلمان على إقرار قوانين عادلة، كما أن الفرصة لا تزال متاحة لأى جهة أو فرد لإبداء رأيه خلال الجلسات العلنية، سواء من خلال أعضاء البرلمان أو النقابات أو الحوار الوطنى.

وشدد «عبدالجواد» على أن هذا الإصلاح التشريعى هو جزء من جهود مصر فى تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وأنه شخصياً يشعر بالفخر بما تحقق ويشكر البرلمان المصرى على إتاحة الفرصة للمجلس القومى لحقوق الإنسان للتعاون فى هذا الشأن.

 

حقوق الجمعيات الأهلية

أما النائب طلعت عبدالقوى، فوصف دستور 2014 بأنه نقلة نوعية فى بناء الدولة المصرية، رغم الظروف القاسية والصعبة التى خرج فيها، حيث تناول جميع الحقوق والحريات فى مواده، منها الرعاية الصحية والحق فى التعليم ذات الجودة ودعم التعليم والبحث العلمى، مروراً بالمواد المتعلقة بمواد حقوق المرأة التى نقلت المرأة من فصيل مهمش فى الدولة المصرية يحصل على مزايا عادية جداً، قائلاً: يكفى أن أذكر الحقوق السياسية التى حصلت عليها المرأة، والتى تجاوزت نسبتها فى البرلمان 28% أو أكثر، والذى يعد مسألة محورية.

وأضاف عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى: إذا تحدثنا عن المادة 81 من الدستور فإنها تتحدث عن ذوى الهمم، والمادة 82 فهى تتعلق بالشباب وتمثيلهم، أما المادة 83 فهى تتعلق بالمسنين ورعايتهم، وقد صدر قانون لحماية المسنين تماشياً مع هذه المادة، ناهيك عن المجالس القومية المستقلة، مثل المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للطفولة، وعندما نتحدث عن المرحلة التالية، نجد أن موضوع الحوار الوطنى كان جامعاً وأشاد به الجميع، وشرفت بعضوية مجلس أمنائه، والذى بدأ بدعوة من الرئيس السيسى فى يوليو 2022، وكان البعض يشكك فى جدوى الحوار الوطنى، لكن الرئيس أكد أن الهدف هو وضع خريطة طريق واضحة، كما أن الحوار الوطنى لم يُشكل بقرار من الحكومة أو الرئيس، بل تشكل ذاتياً عبر مجلس النواب.

طلعت عبدالقوى: الحوار الوطنى لم يُشكَّل بقرار من الحكومة أو الرئيس بل تشكل ذاتياً عبر مجلس النواب

وتابع رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية: عندما بدأنا العمل على تشكيل الحوار الوطنى، كنا نتلقى آراء متباينة من جميع الأطراف، لكننا اتفقنا جميعاً على مصلحة الوطن، وبعد حوار مستمر لأكثر من عامين، أعددنا حواراً مجتمعياً واسعاً شمل كل أطياف المجتمع المصرى، بما فى ذلك 65 حزباً سياسياً، والمجالس القومية، والجمعيات الأهلية، والنقابات العمالية والمهنية، وقمنا بتقسيم المحاور إلى ثلاثة: «سياسى، اقتصادى ومجتمعى» بناءً على مطالب الناس، حيث تلقينا حوالى 196 ألف توصية وقسمناها إلى محاور سياسية، واقتصادية، ومجتمعية.

وأردف «عبدالقوى»: فى المحور السياسى ناقشنا عدة قضايا هامة، مثل نظام الانتخابات ومجلس النواب واستراتيجية حقوق الإنسان، وفى المحور المجتمعى، تحدثنا عن التعليم والصحة وتمثيل الأسرة المصرية، بالإضافة إلى الهوية والثقافة المصرية والقضية السكانية، وفى المحور الاقتصادى، تناولنا قضايا الفقر والاحتكار والصناعة والسياحة والزراعة، وفى أول مرحلة أرسلنا إلى الرئيس 135 توصية، الذى بدوره أحالها إلى الحكومة لتنفيذها، وقد أصدرت الحكومة خطة تنفيذية لتفعيل تلك التوصيات، وبناءً على توجيهات الرئيس تم عقد اجتماع هام لمناقشة قضية الحبس الاحتياطى فى الحوار الوطنى الذى أُصدر 24 توصية حيث تم الاتفاق على 20 منها وأربع توصيات أُخذت فى الاعتبار.

واستكمل عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى: بخصوص التوصيات، فقد شكلت الحكومة لجنة تنسيقية برئاسة المستشار محمود فوزى، وزير شئون المجالس النيابية والتواصل السياسى، تضم سبعة أعضاء، حيث أشارك فى هذه اللجنة، ونقوم بتنظيم جلسات بين اللجنة التنسيقية والوزراء المعنيين لتفعيل التوصيات، ووضع خريطة الطريق من أجل تقديم السياسات إلى البرلمان بعد إعدادها.

وحول موضوع الحبس الاحتياطى، قال رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية: كان من ضمن الموضوعات التى طرحناها منذ بداية الحوار الوطنى، ولم يكن هذا الموضوع وليد اليوم، بل تزامنت مناقشته مع مناقشة البرلمان لقانون الإجراءات الجنائية، وهو قانون ضخم يشمل مواد حساسة، وخلال جلساتنا والتى كانت من بينها جلسة استمرت لمدة 12 ساعة، ناقشنا عدة مواضيع رئيسية تتعلق بالحبس الاحتياطى، منها: (مدة الحبس الاحتياطى، بدائل الحبس الاحتياطى، التعويضات عن الحبس الاحتياطى، والآثار المترتبة على الحبس الاحتياطى)، وانتهينا إلى مجموعة توصيات جادة تم رفعها إلى رئيس الجمهورية، ويحسب لمجلس النواب دعوته فى اجتماع لجنة الشئون التشريعية، ممثلين عن الحوار الوطنى إلى حضور جلسات حول قانون الإجراءات الجنائية، ومن ضمنها الحبس الاحتياطى.

حرية تكوين الجمعيات الأهلية

أشار «عبدالقوى» إلى أنه بالنسبة لنقطة العمل الأهلى، كان لدينا قانون رقم 84 لسنة 2002، الذى تم إصداره فى ظروف معينة بعد دستور 2014، وصيغت المادة 75 التى تمنح المواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أسس ديمقراطية، وتحصل على الشخصية الاعتبارية وتعمل بحرية ولا يتم حلها إلا بحكم قضائى، ولا تمارس الجمعيات أنشطة سياسية أو عسكرية، وبعد ذلك صدر قانون 70 لسنة 2017 فى ظل ظروف غير مستقرة فى الدولة المصرية، وكان له بعض المواد التى لم تكن مُرضية للمجتمع الأهلى، لذا فى يناير 2019، وبعد مؤتمر الشباب، أصدر الرئيس قراراً بوقف العمل بالقانون السابق وتوجيه الحكومة لإصدار قانون جديد، وتم تنظيم حوار مجتمعى على مستوى الجمهورية، ونتج عنه قانون 149 لسنة 2019، الذى بدأ يعالج العديد من المشكلات المتعلقة بالقانون السابق، ومع ذلك، بعد خمس سنوات من تطبيق القانون، ظهر بعض المشكلات، فعلى سبيل المثال، طلبنا تعديل المادة 17 الخاصة بالإعفاءات والمزايا، حيث كنا نتلقى تخفيضات فى الكهرباء والمياه والغاز بموجب قانون 84 لسنة 2002، لكننا فقدنا هذه الميزة فى قانون 149 لسنة 2019.

وأضاف رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية: ناقشنا موضوع العقوبات وأعدنا النظر فيها، كما تحدثنا عن الأمور المتعلقة بالتأسيس والفترات الزمنية المتعلقة بالمساعدات والمنح الأجنبية، التى تستغرق وقتاً طويلاً، وقدمنا تعديلات وافق عليها الحوار الوطنى، وهى تمهيد لبدء الحكومة فى تنفيذها وتحويلها إلى تشريعات، فمصر مرت بفترة أعتبرها فترة جيدة من أنشط مراحل العمل الأهلى، والرئيس أعلن عن عام 2022 عاماً للمجتمع المدنى، وهذه نقلة نوعية كبيرة وغير مسبوقة، ومن بين مفاجآت الرئيس أيضاً كانت المبادرة الخاصة بتأسيس التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى الذى جاء بناءً على قرار رئيس الجمهورية.

وأكد عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى: الحوار الوطنى مستمر، وهذا سيكون سياسة دولة فى المستقبل، حيث يستمر الحوار وتظهر نتائجه بشكل إيجابى، لأنه ينبع من فكر ورؤية الناس، وقد اتفقنا على وضع لائحة نظام أساسى للحوار أو لائحة تنظيم العمل، ولا يوجد لدينا مسألة التفويض، فنحن نختلف ونتفق حتى يحدث التواصل إلى توافق، وبالمناسبة توافقنا تقريباً فى جميع القضايا باستثناء قضيتين: نظام الانتخابات لمجلس النواب، وبعض القضايا الأخرى الأخيرة، والحوار ينتقل الآن إلى موضوعات مهمة مثل الدعم النقدى والتبرعات العينية، وهذه مسألة مهمة جداً بالنسبة للمجتمع الأهلى، حيث وصل عدد الجمعيات إلى 36 ألف جمعية، ونسعى لزيادة العدد وتحسين الجودة، ودعم الجمعيات وتعاون الدولة معها مهم.

 

ازدواجية معايير الغرب

قال النائب عاطف مغاورى إن ملف حقوق الإنسان بدأ ملتبساً، خاصة فى الربع الأخير من القرن الماضى، مع دخول الثقافة الغربية وظهور مراكز حقوق الإنسان، التى كانت فى بعض الأحيان مدخلاً للتدخل فى شئون الدول على مدار التاريخ، حيث كانت هناك تجارة الرقيق التى حوربت كمدخل للتوسع الاستعمارى، وكانت الدعوات الغربية فى مصر تهدف إلى التدخل السياسى عبر مؤسسات حقوق الإنسان، ولم تكن هذه المؤسسات تخضع لقوانين الجمعيات، مما أدى إلى الخلط بين العمل الحقوقى والسياسى.

وتابع رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع: لاحظنا وعانينا من سحب الكوادر الحزبية من الأحزاب إلى ما يسمى بحركة حقوق الإنسان، التى كانت تقدم الكثير من المزايا وتحقق مكاسب متعددة، فكانت تمنح العضو أو المشارك القدرة على التعبير عن كل ما يريد قوله فى الحزب، مع وعود بمزيد من المزايا والرحلات، وهكذا بدأ تفريغ الأحزاب والقوى السياسية من كوادرها لصالح حقوق الإنسان، حتى وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيها هذه الظاهرة تمثل ضغطاً كبيراً على الإرادة المصرية.

وأردف «مغاورى»: مع التطور وبعد ثورة 25 يناير 2011، حدث تغيير نوعى، وتم تصحيح المسار فى 30 يونيو 2013، حينما استعادت مصر هويتها، فمصر عاشت فترة إرهاب، ولكن الدولة المصرية لم تنقسم، رغم محاولات بعض القوى لخلق انقسام خلال تلك الفترة، وحاول الغرب تنظيم حوار بين الأطراف غير الشرعية والشرعية، كما يحدث فى كثير من البلدان العربية، ولكن القيادة المصرية رفضت هذا الأمر فى 30 يونيو وما بعدها، وواجهت مصر الإرهاب بقوة، وكان هناك تخطيط لإنشاء إمارة إسلامية فى سيناء، على غرار مؤتمر الحسنة فى عام 1968، ولكن أبناء سيناء رفضوا تلك المخططات وقتها وأعلنوا ولاءهم لمصر أمام وكالات الأنباء العالمية.

عاطف مغاورى: نعيش مرحلة حقيقية لبناء ثقافة تمكن المواطن من معرفة حقوقه وواجباته

ولفت رئيس «برلمانية التجمع» إلى أن مصر تمكنت من مواجهة الإرهاب داخلياً وعلى حدودها، وواجهت منصات إعلامية كانت تحاول التشكيك فى شرعية الوضع، لكن مصر صمدت، واستعادت عضويتها فى الاتحاد الأفريقى، رغم محاولات بعض القوى الأوروبية الطعن فى شرعية نظام 30 يونيو، وهنا سأستعين بتعبير رئيس وزراء إحدى الدول الأوروبية، حينما سُئل عن حقوق الإنسان، فقال: «حينما تتعارض حقوق الإنسان مع سلامة الوطن، فلا أحد يحدثنى عن حقوقه».

وأضاف رئيس «برلمانية التجمع»: نحن لا نحتاج نصوصاً بقدر ما نحتاج إلى حياة دستورية حقيقية، والدستور ملىء بالقيم والمبادئ القانونية والحريات، لكن كيف نحول هذه النصوص إلى حياة واقعية، وهنا يأتى دور المؤسسات، مثل المجالس التى تهتم بمراعاة الفئات المختلفة، سواء كانوا أصحاب الهمم أو النساء أو الأطفال، هذه المجالس تساعدنا فى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ونحن نعيش مرحلة مخاض حقيقية لبناء ثقافة حقوق الإنسان، ليست فقط ثقافة للنخبة، بل ثقافة لكل فرد فى المجتمع، حتى يتمكن المواطن العادى من معرفة حقوقه وواجباته.

ثقافة حقوق الإنسان والمبادرات التنموية

التقط عبدالجواد أحمد أطراف الحديث قائلاً: أعتقد أننا بحاجة إلى سؤال أنفسنا، إذا كنا تحدثنا عن أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، فهل المواطن يمتلك الوعى والثقافة الكافية لممارسة حقوقه؟ هنا تكمن الحاجة إلى تغيير استراتيجياتنا وأهدافنا، خاصةً فى المجتمع المدنى، كما أن الإعلام بحاجة إلى دور أكبر فى تبسيط وترجمة كل هذه المؤشرات الإيجابية للمواطن، ليستطيع رؤية الإنجازات الحقيقية التى تتحقق فى مصر، لذلك أتمنى أن تتبنى جريدة «الوطن» حملة لتوعية المواطنين بهذه المؤشرات الإيجابية.

وتابع عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: أن «حياة كريمة» والتحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى يبذلان جهداً كبيراً فى النجوع والكفور فى كل شبر على أرض مصر، هذه الجهود تأتى فى إطار التنمية، وليست فقط من الحكومة، بل من القطاع التنموى الأهلى، مستعيناً بكلمة الرئيس السيسى: «إوعوا تفتكروا إن الحكومة هتقدر تعمل كل حاجة.. الدولة مش هتقدر تعمل كل حاجة»، وبالتالى تأتى مسئولية جميع الأطراف كشركاء فى الوطن، ولذلك أتمنى أن نترجم معاً كل ما يتم من جهود، سواء من القطاع الخاص، أو المجتمع المدنى، أو المجالس الوطنية، أو الدولة، بشكل متجرد، ليتم ترجمتها كخطوة نحو تمكين ممارسة المزيد من حقوق الإنسان.

وتحدث الدكتور طلعت عبدالقوى عن دور المبادرات الرئاسية فى تعزيز حقوق الإنسان، قائلاً: عندما نتحدث الآن عن المبادرات، فمصر كانت تعانى من مشكلة كبيرة، وهى ارتفاع نسبة الوفيات نتيجة التهاب الكبد الفيروسى «سى»، الذى أودى بحياة العديد من المواطنين، خاصة الشباب، وكانت نسبة الوفيات بسببه تتراوح بين 6 و10%، ولكن بعد مبادرة «100 مليون صحة»، تم القضاء على فيروس «سى» بشكل نهائى، وصرّحت منظمة الصحة العالمية بأن مصر أصبحت خالية من فيروس «سى»، وهذا يعد تحولاً كبيراً جداً.

وتابع عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى: من بين المبادرات المهمة الأخرى الكشف المبكر عن عدد من الأورام، والقوافل الطبية للكشف المبكر عن أمراض مثل سرطان الرحم وسرطان البروستاتا، وذلك بالتعاون بين الاتحاد العام للجمعيات الأهلية والاتحاد الإقليمى مع وزارة الصحة والمبادرات الرئاسية، وكل هذه الجهود تسهم فى توفير الحقوق الصحية للمواطن، وهى حقوق أساسية، والمبادرات هذه أحدثت طفرة كبيرة، وساعدت فى تحسين الأوضاع الصحية بشكل واضح.

وأردف رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية: أما عن التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، فقد بدأت فلسفة التحالف فى مارس 2022، حيث اجتمعت مجموعة كبيرة من الجمعيات مع الاتحاد العام، وجلسنا معاً واتفقنا على بروتوكول أو ميثاق ينص على تبادل البيانات والخبرات، والعمل على مشروعات مشتركة، وفى نهاية هذا العام تم إنفاق حوالى 12 مليار جنيه خلال هذه الفترة، واستفاد منها 30 مليون مواطن، حيث حصل 25 مليوناً منهم على دعم غذائى فى شكل وجبات جاهزة وجافة، و5 ملايين آخرين استفادوا من خدمات مختلفة، وأُطلقت أيضاً العديد من المبادرات التنموية، ومنها مبادرة لدعم 100 ألف فلاح مصرى من صغار الفلاحين لزراعة 150 ألف فدان قمح، بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية، وبما أن هناك حاجة ملحة لتوفير الغذاء محلياً، فقد كانت هذه المبادرة تهدف إلى رفع مستوى الإنتاج الزراعى وتقليل الاعتماد على الخارج، والمبادرات مستمرة حالياً، وتهدف إلى استهداف 500 ألف مزارع لزراعة مليون فدان، وهذه المبادرات تمت من خلال التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، والذى صدر له قانون رقم 171 لسنة 2024، الذى ينظم العمل الأهلى ويشمل 36 كياناً و29 جمعية ومؤسسة و7 شخصيات بارزة.

واستكمل «عبدالقوى»: الهدف من هذه الاستراتيجية هو تعزيز دور العمل الأهلى فى مصر، ونحن بصدد إعداد تقييم شامل لدور العمل الأهلى فى مصر، حيث نود معرفة مدى مساهمته فى مجالات الصحة والتعليم ومكافحة الفقر والبطالة وحماية المستهلك، وسنقوم أيضاً بإطلاق يوم خاص للعمل الأهلى والاجتماعى لعرض دور المجتمع المدنى وما يقدمه، كما أننا بحاجة إلى نشر ثقافة العمل الأهلى وتنميته، وعدم استغلاله ضد الدولة، وذلك مع التركيز على دور التحالف الوطنى فى تعزيز الوعى والقوانين المنظمة، فالدور الفعال للمجتمع المدنى ضرورى جداً فى مسار التنمية، ويجب العمل على تعزيز الوعى بين المواطنين وتوفير المعلومات الصحيحة وتسويق المبادرات بشكل جيد.

وأضاف «عبدالقوى»: أخيراً، لا بد من متابعة تطور المشروعات وتجنب التسرع فى اتخاذ القرارات، كما أود أن أؤكد أهمية الحوار المجتمعى فى صياغة القوانين، حيث تعيش القوانين التى يتم التفاوض عليها مع المجتمع بشكل أفضل، وكذلك نحتاج أيضاً إلى تعزيز دور الأحزاب السياسية والجمعيات فى هذا الحوار وتبادل الآراء.

الحقوق السياسية ودور الأحزاب

وتحدَّث النائب عاطف مغاورى عن دور الأحزاب السياسية، مشيراً إلى أن فكرة الحوار الوطنى والدعوة له لم تكن فى خطاب رسمى أو مناسبة، ولكن جاءت فى مناسبة إفطار الأسرة المصرية، التى أطلقنا عليها «اللحظة الحميمية»، حيث بذلنا جهداً لاستعادة الطيور المهاجرة بعد «30 يونيو»، وكانت هناك اختلافات بين بعض شركاء التحالف، حيث تباعدت وجهات النظر، ومنهم من شرد تماماً، وكان حفل الإفطار فرصة لاستعادة هؤلاء فى إطار الأسرة المصرية.

واستكمل رئيس «برلمانية التجمع» أن دور الأحزاب والعمل الحزبى مهم جداً، فخلال أربع دورات انعقاد فى مجلس النواب التى شاركت فيها مارسنا الحق الحزبى، ولكن من منطلق الحرص على المصلحة العامة للدولة. قد نرفض ما نراه غير مناسب، وندعم ما نجد فيه إيجابية، ولذلك فإن تفسير رؤيتى فى مجلس النواب يتلخص فى أن كتلة المعارضة الحالية ليست ثابتة، بل متحركة حسب الموضوع والظروف، قد نجد نواباً يمارسون أشكالاً من المعارضة أو يوافقون على مواقف معينة، مما يعكس حيوية المجلس، وأنا لست ضد زيادة عدد مقاعد النواب كما يرغب البعض، لكن يجب أن تكون هناك اعتبارات لكفاءة الأداء، فلا نريد أن يتحول مجلس النواب إلى مجالس محلية، حيث يكون هناك ضعف فى الأداء.

وأشار إلى أنه إذا كان من حقوق الإنسان الحق فى إنشاء الأحزاب السياسية فإنه ينبغى أن يراعى فى إنشائها «الوجود» لأن لدينا الآن عدداً كبيراً من الأحزاب، ومعظم تلك الأحزاب حسب عناوينها المعلنة «لا توجد» لأنه كان مستأجراً إيجاراً مؤقتاً من أجل الحصول على الترخيص وانتهى، وأصبحت لدينا رخص أحزاب للبيع والإيجار، وهو أمر خطير على العمل الحزبى والأمن القومى، لأنه من الممكن أن تأتى قوى معادية تحصل على الرخصة وتكون فى نص القانون «حزباً شرعياً»، ولذلك يجب على كل من لا يلتزم بالدستور ووضع لائحة ونظام داخلى أن يتوقف لأنه فقد شرطاً من شروط وجوده.

المجالس المحلية وممارسة العمل السياسي

قال الدكتور طلعت عبدالقوى: أعتقد أن المجالس المحلية تلعب دوراً مهماً فى حل مشاكل المواطنين، لكن يجب أن تركز على المستوى المحلى بدلاً من أن تصبح جزءاً من البرلمان، لذلك من المهم الإسراع فى إقرار قوانين الإدارة المحلية والمجالس الشعبية المحلية بشكل منفصل، أما بالنسبة لتمويل الأحزاب السياسية فإن الدعم الحكومى للأحزاب ليس عيباً، فالأحزاب تحتاج إلى تمويل لممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها، والحكومة يمكنها أن تسهم فى تمويل الأحزاب بشكل يضمن قدرتها على القيام بدورها بشكل فعال.

وتابع رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية: بالنسبة للنظام الانتخابى لمجلس النواب، من المؤكد أنه سيكون هناك تشريع فى دور الانعقاد الأخير، وقد اتفقنا فى الحوار الوطنى على أن جميع التوصيات التى لم نتوافق عليها ستُرسل كما هى إلى رئيس الجمهورية، سواء كان هناك اقتراح واحد أو أكثر، فقد كان هناك خلاف حول النظام الانتخابى، وكانت هناك ثلاثة آراء: الأول، الإبقاء على النظام الحالى الذى يتضمن 50% قائمة و50% نسبة و5% يعينها رئيس الجمهورية، والثانى كان يقترح نظاماً نسبياً يتضمن 15 قائمة، وكل قائمة تتكون من 40 مرشحاً، أما الرأى الثالث فكان يدمج بين النظامين الحالى والنظام النسبى مع نظام فردى.

وقد انتهى المشاركون فى ندوة «الوطن» إلى أنه مع الإشادة بكل ما اتخذته الدولة المصرية من إجراءات وخطوات وقرارات لتعزيز حالة حقوق الإنسان خلال السنوات الماضية، فإن العمل جارٍ من أجل استكمال المسيرة، لأن حقوق الإنسان حالة تراكمية وليست متوقفة على اللحظات الراهنة فقط، لأن مفهوم حقوق الإنسان مفهوم واسع، ويتشعب تحته الكثير من الأمور، مؤكدين أن ما اتخذ ما كان ليكون واقعاً دون إرادة وطنية حقيقية تراعى الصالح العام والحالة المصرية الخاصة بعيداً عن الشعارات أو استيراد رؤى ونظريات خارجية لا تفيد المواطن المصرى البسيط الذى هو الشغل الشاغل للقيادة السياسية فى ظل التحديات الداخلية والخارجية على جميع المستويات.


مواضيع متعلقة