الذكاء الاصطناعي خير للبشرية.. ولكن

عبير فتحي

عبير فتحي

كاتب صحفي

أحسنت المملكة العربية السعودية حينما قررت استضافة القمة العالمية للذكاء الاصطناعى نهاية الأسبوع الماضى، التى عقدت فى الرياض لتؤكد للعالم أن العرب لم يصبحوا مجرد مستهلكين ومستوردين للتكنولوجيا الحديثة بل هم رواد وفاعلون فيها، خصوصاً بعد ما اتخذته المملكة من خطوات إيجابية لدخول عصر الذكاء الاصطناعى، متمثلة فى تدريسه فى المناهج بالمدارس المتوسطة والثانوية، والعمل به فى العديد من المصالح والهيئات والوزارات، بالإضافة إلى إنشاء مدينة نيوم، التى تعتبر من أهم المدن العالمية التى تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعى.

الذكاء الاصطناعى له العديد من الفوائد الجمة، التى سوف تنقل البشرية إلى حقبة جديدة لم تشهدها من قبل ولتحقق فيها من الإبداعات ما يفوق الخيال وما يعجز عن تصوره البشر، وتؤدى إلى طفرة عالمية جديدة فى الخدمات المقدمة للناس تجعل الكثير يعتقد أننا كنا قبل عصر الذكاء الاصطناعى نعيش فى العصور الحجرية، وللذكاء الاصطناعى العديد من المزايا المهمة، ومنها على سبيل المثال القدرة على استخراج المعلومات الدقيقة المطلوبة من بين ملايين المعلومات واستنباطها بشكل يفوق قدرات البشر، بالإضافة إلى استخدامها فى اتخاذ القرارات الاقتصادية الصحيحة والتوقعات لحركة الأسهم المستقبلية، وكذلك تحسين الخدمات الحكومية وتدريب ورفع المهارات البشرية وتنظيم الأوقات للطلاب والدارسين، والعديد من المزايا التى لا تعد ولا تحصى، والتى يمكن أن تحقق للبشرية إنجازات غير مسبوقة.. بالطبع هذه الفوائد الجمة ليست كلها خيراً وهناك على الجانب الآخر مشاكل عديدة قد تصيب الإنسانية بما لا يمكن أن نتخيله، وقد تؤدى إلى انهيارات بالجملة وسقوط دول واختفاء إمبراطوريات، والخوف أن ينقلب السحر على الساحر لأن هذه مخاطر رهيبة، فمنها أن هذا الذكاء الاصطناعى ممكن أن يؤدى إذا وقع فى أيدى جماعات شريرة ومتطرفة أن يتم استخدامه فى صناعة القنابل البيولوجية مثلاً، كما يمكن أن يخلط بين الواقع والخيال بشكل لا يمكن تصوره، ويقدم رسائل انهزامية تؤثر على الروح المعنوية للشعوب، فعلى سبيل المثال تم نشر فيديو للرئيس الأوكرانى زيلينسكى وهو يعلن هزيمة بلاده من روسيا، ولا يمكن للشخص العادى أن يشك لحظة فى إذا ما كان الفيديو غير صحيح، أو على خلاف الواقع أو الحقيقة، وهناك من يرى أن الرئيس بايدن هو عبارة عن روبوت يستخدم الذكاء الاصطناعى بسبب حالة بايدن الصحية المتدهورة، أيضاً يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى فى عمل هجمات سيبرانية تصيب أجهزة أى دولة بالشلل التام وتوقف العمل فى البنوك والبورصات، بالإضافة إلى المشاكل التى يمكن أن تحدثها بالنسبة لحقوق الملكية الفكرية، فهناك روبوتات سوف تحل محل الفنانين والمبدعين لتقديم أعمال فنية، وبالطبع سوف يؤدى ذلك إلى كثير من المشاكل الأخلاقية حيث نرى فنانين يقدمون أعمالاً مخلة وما هم بفاعلين لها.. ولكن الروبوتات هى التى قامت بذلك، وسوف يؤدى إلى فقدان ما لا يقل عن 40% من الوظائف المتاحة حالياً فى سوق العمل، والذى سوف يؤدى إلى أن يفقد مئات الملايين من البشر أعمالهم التى يتحصلون من خلالها على قوت يومهم، بالطبع نحن لسنا ضد استخدام الذكاء الاصطناعى ولكن الخوف كل الخوف من هذه الأضرار التى لا يمكن أن تتحملها البشرية وتؤدى إلى أكبر انهيار فى التاريخ، ولذلك ندعو دول العالم جميعها أن يتفقوا ولو مرة واحدة فى تاريخهم وأن يضعوا القوانين والنظم والإطارات والقواعد التنظيمية والأخلاقية والقانونية لتنظيم آلية العمل بالذكاء الاصطناعى، ويتم تطبيقها على الجميع، الدول العظمى قبل الصغرى، حتى تنجو البشرية من كارثة محققة.. ترى هل يمكن أن يحدث هذا؟! فإن لم يحدث نقول على الدنيا السلام.