د. آمنة نصير: تعرضنا لـ"ردة" على يد التيارات الدينية

كتب: وائل فايز

د. آمنة نصير: تعرضنا لـ"ردة" على يد التيارات الدينية

د. آمنة نصير: تعرضنا لـ"ردة" على يد التيارات الدينية

قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن استعادة المرأة لكامل حقوقها يتطلب تركيز تجديد الخطاب الدينى على عدل الله للمرأة وتعاليم الإسلام بشأنها، إضافة إلى أهمية توافر إرادة سياسية ومجتمعية وعدم الرضوخ للموروثات والتقاليد البالية، وأشارت إلى أن التيار السلفى أعاد المرأة للوراء عقوداً طويلة. ■ البعض يتساءل ماذا قدم الإسلام للمرأة؟ - الإسلام أنصف المرأة ومنحها كل حقوقها، فكانت المرأة الصحابية تشارك فى الحروب، ومعلمة، وراوية أحاديث ومربية ومحاربة وطبيبة وشاعرة وتشارك فى المبايعة، فالمرأة المسلمة شاركت فى بيعة العقبة الأولى وسميت بـ«بيعة النساء» تعظيماً للمرأة، وعلى سبيل المثال السيدة أم هانئ استجار بها رجل فأجارته، والرسول عليه الصلاة والسلام دعمها وأيدها فى موقفها. ■ ما الفارق بين المرأة فى عهد النبوة وعصرنا الراهن؟ - المرأة المعاصرة لم تحصل على نصف الحقوق التى كانت تتمتع بها المرأة فى العهد النبوى، ولو قيّمنا المرأة منذ عصر النبوة إلى اليوم سنجد أننا أهملنا الحقوق التى أقرها الدين وغضضنا الطرف عن سنة الرسول فيما يتعلق بجوانب المرأة. ■ ألا توجد مؤشرات حالياً لتبوؤ المرأة المكانة اللائقة بها؟ - كل المؤشرات التى أراها فى المجتمع تحتاج لكثير من الوقت حتى تتغير الثقافة المجتمعية بما يليق، ويواكب المستجدات العصرية، والمرأة حالياً تتفوق على الرجل فى كثير من المجالات، وهى مؤهلة لتقلد المناصب والعمل فى العديد من المواقع، ومن حيث الشرع هى مستخلفة فى الأرض، حيث قال الله تعالى: «إنى جاعل فى الأرض خليفة» فهذا يشمل الرجل والمرأة معاً.[FirstQuote] ■ فيما تكمن مشكلة المرأة؟ - حتى تتبوأ المرأة المكانة اللائقة بها، فالأمر لن يقتصر على تجديد الخطاب الدينى فقط، وإنما لا بد من إرادة سياسية ومجتمعية، ودون ذلك لن يتغير واقع المرأة شيئاً فلا بد من تغير ثقافى وتعديل نظرة المجتمع للمرأة، إضافة إلى نظرتها هى لنفسها. ■ هل تغيير وضع المرأة يحتاج إلى قانون؟ - التغيير لن يصنعه قانون أو جرة قلم وإنما الأمر يتطلب نشر ثقافة إيجابية تجاه حقوق المرأة من حيث مكانتها واستطاعتها، وتغيير نظرة المجتمع للمرأة يحتاج لوقت طويل، ولا بد من العمل على مرتكزات تجديد الخطاب الدينى، والثقافى، والتواصل عبر وسائل الإعلام والتركيز على دور المسجد والكنيسة. ■ ما الذى أدى إلى اتساع الهوة بين الرجل والمرأة؟ - أمور كثيرة ساهمت فى اتساع الهوة بين الرجل والمرأة، ومنها العرف والموروث الثقافى، والتفسيرات الخاطئة فى كل الشرائع السابقة وليست فى الإسلام فقط، وفى كل الحضارات الإنسانية لم يكن هناك إنصاف للمرأة. ■ البعض يتهم الإسلام بأنه سبب تراجع دور المرأة؟ - الإسلام أنصف المرأة، ولكن لا يوجد تطبيق على أرض الواقع، ولا يغيب عن ذهنى أنه فى الديانات المختلفة لم يكن وضع المرأة أفضل بل أسوأ كاليهودية والحضارة الرومانية. ■ ما موقف المرأة حيال ذلك؟ - المرأة خذلت نفسها بسبب خنوعها وتأقلمها مع الواقع، ورضوخها للذل والظلم، وغضت الطرف عن حقها، وقبلت بالأمر الواقع. ■ ما المطلوب فى تجديد الخطاب الدينى حيال المرأة؟ - لا بد من إنصاف الخطاب الدينى للمرأة، والخطاب الحالى ليس منصفاً للمرأة، سواء فى مسجد أو كنيسة، ففى المسيحية يقال: «إن الرجل هو رأس البيت». ■ كيف يفعل الخطاب الدينى؟ - حتى الآن الجميع يدور فى فلك هذا المصطلح دون الدخول فى تطبيقاته على أرض الواقع، ولا بد من تضافر المناخ العام فى تغيير الثقافة المجتمعية تجاه الآراء البالية فى حق المرأة، ولا بد من تركيز الخطاب الدينى فى المساجد على الأسلوب التوعوى وإيقاظ الضمائر والتأكيد على حق المرأة سواء الزوجة، أو الأخت، أو الابنة، أو الأم، وأنا أتساءل منذ فترة هل الفكر الإسلامى والتأهيل الجامعى فى جامعة مثل الأزهر يمكن المرأة من تأهيل أولادها وبناتها بحيث لا يغتربون عن المستجدات ولا يقتلعون من جذورهم، وما زلت أردد هذا الكلام ولا أجد رداً عليه. ■ ما حجم تأثير التيارات الدينية على المرأة؟ - بلاشك تسرب الفقه وثقافة وموروث دول الجوار، بسبب الهجرة الكثيفة لهذه الدول فى العقود الأخيرة وتأهيل عدد من الدعاة فى دول الجوار، ونقلوا عن عمد وإصرار هذه الثقافة إلى أرض مصر ونجحوا بحكم أن العقلية المصرية تقدس أى فعل أو قول يأتى من الأراضى المقدسة، وفى الوقت نفسه الشعب المصرى يعانى الأمية الأبجدية والدينية معاً، وتقبلوا خطاب من لقبوا أنفسهم بالسلفيين وهم لا يعرفون شيئاً عن السلفية، ما أضر كثيراً بحقوق المرأة. ■ تقصدين أن المرأة تراجع دورها على يد تلك التيارات؟ - المجتمع كله شهد «ردة» على يد تلك التيارات، والمرأة حالياً على يد من لقبوا أنفسهم بالسلفية وهم ليسوا كذلك، المرأة عادت بسببهم 200 سنة للوراء.[SecondQuote] ■ هل المرأة تحصل على حقها فى مسألة الميراث مثلاً؟ - الرجل لم ينصف المرأة فى كثير من المواقف مثل الميراث لدرجة أن بعض الرجال لا يعترفون بحق المرأة فيه، بسبب العرف الاجتماعى والموروث الثقافى ولا يطبقون قول المولى عز وجل «ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف» كما يخالفون قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «النساء شقائق الرجال». ■ يستند البعض فى النيل من المرأة إلى قول الرسول: «النساء ناقصات عقل ودين»؟ - هذا من الفهم الخاطئ للدين، فقول الرسول «النساء ناقصات عقل ودين» ليس قاعدة شرعية وإنما مزحة ومداعبة للمرأة التى تغيرت ثقافتها من مكة إلى المدينة، والرسول لم يقصد بذلك الإساءة للمرأة وإنما قصد تأثرها بالنواحى الفسيولوجية، وأنا أرجو عدم استخدام النصوص الدينية بصورة غير صحيحة ما أوجد عداوة ومخاصمة بين المرأة والدين. ■ ما ملاحظاتك على المرأة؟ - أرفض اتجاه الكثير من النساء إلى تطبيق القوانين الغربية التى لا تتفق فى كثير من نصوصها مع الدين الإسلامى ■ هل كان للمرأة دور فى التاريخ الإسلامى؟ - هناك قرابة 100 شيخة من الإسلام فى علوم الحديث واللغة والقراءات والروايات، وكثير من المشايخ والعلماء تتلمذوا على يد فقيهات وعالمات، واليوم فى جامعة الأزهر وغيرها من الجامعات توجد عالمات فى شتى فروع العلم ولهن أيادٍ بيضاء فى الحضارة الإسلامية. ■ ما الذى تطلبه المرأة حالياً؟ - المرأة ينقصها كل شىء، وحقوقها مسلوبة، فلا توجد امرأة تتولى منصب رئيس جامعة أو نائب رئيس جامعة أو غيرهما من المناصب، ونحن نعيش فى مجتمعات ذكورية وهذا ناتج عن حالة الاضطراب التى نحياها بين ما وفد إلينا من موروثات وفقه واصطدامه مع الحضارة المصرية التى تشكلت عبر آلاف السنين، وتميزت بالوسطية فى التعامل مع قضايا المرأة دون إفراط. ■ هل للأزهر دور فى هذا الشأن؟ - بالتأكيد غياب دور الأزهر عن حماية ثقافة الوسطية أمام هذا الفكر الوافد الذى دعمته قنوات فضائية متطرفة بتحريمها مشاركة المرأة فى الانتخابات أو التفاعل مع الحياة السياسية والسعى إلى دخول البرلمان وحتى مشاركتها فى الأنشطة الحياتية والإدارية والتنموية، وكانت نتيجة هذا التضييق والاستهتار بحقوق المرأة حدوث حالة من الاضطراب فى المفهوم الحقيقى لتلك الحقوق التى يقرها الدين.