«مدبولي» في الصين.. لهذه الأسباب!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

مبكراً جداً -وبلا أى ميراث استعمارى- أدركت الصين أهمية أفريقيا وحتى قبل أن تصل إلى هذه المكانة الاقتصادية الهائلة.. فأسست مع الشركاء الأفريقيين عام 2000 وقبل ربع قرن «منتدى التعاون الصينى الأفريقى».. كانت الانطلاقة كبيرة ولافتة حضرها بخلاف قادة الصين 4 رؤساء أفارقة و80 وزيراً للخارجية وللتجارة يمثلون 44 دولة، فضلاً عن 15 منظمة أفريقية إقليمية.. عندئذ جرى هذا الإشهار الكبير الذى أكد بدء عصر جديد من التعاون الصينى الأفريقى بمعدل تجارة بينى سنوى يزيد قليلاً على الـ10 مليارات دولار ليتجاوز الـ30 ثم الـ60 بعد سنوات قليلة ويصل العام الماضى إلى 282 مليار دولار من التبادل التجارى!

لم يكن ما جرى مصادفة.. بل بناءً على دراسات ورؤية وتخطيط استراتيجى طويل الأجل أدركت به الصين أن فى أفريقيا ما يشجع على التعاون معها بخلاف الموقع المهم والثروات الهائلة، لكنها قارة بكر ستحتاج إلى مشروعات كبيرة فى البنية التحتية وعدد سكان متزايد كان فى العام المذكور أقل مما هو عليه الآن، لكن الدراسات المستقبلية تكون على معدل نسبة النمو وبها أدركت الصين أن 40٪ من سكان العالم سيكونون فوق أرض هذه القارة وبالتالى مستقبل التبادل والتعاون التجارى مع دولها سيكون مجدياً!

الأسباب السياسية موجودة أيضاً، فالقارة تمتلك 55 صوتاً فى الأمم المتحدة كلها تعترف بالصين الشعبية وحدها الممثل الوحيد للشعب الصينى والصين الواحدة وبالتالى لا يعترفون بتايوان كبلد مستقل ولا بالموافقة على عضويته بأى منظمة دولية!

اليوم الصين الشريك الأول مع أفريقيا وتوجد على أرض القارة 3000 شركة كلها فى مشروعات عملاقة بما سمح بأن تصل أرباح هذه الشركات العام 2022 لـ40 مليار دولار!! فضلاً عن قروض الصين لدول القارة التى تصل إلى 134 مليار دولار، أى ما يعادل 20 ٪ من مجمل ديون القارة!! بالطبع تتعامل الصين بنسب فائدة معقولة وبتسهيلات كبيرة لأنها تسعى لتعاون مشترك وحقيقى على الأرض وليس مجرد الحصول على فوائد وأرباح!

كل ما سبق وبلا مبالغة كان مفتاحه من مصر.. ليس فقط جغرافياً باعتبارنا بوابة أفريقيا وأكبر دولها ولكن لأننا فتحنا باباً لكل هذا التعاون وكل هذا الحضور بكوننا أول دولة عربية وأفريقية وشرق أوسطية تعترف بالصين الشعبية عام 1956 وقت أن كان ذلك محظوراً ويعد تحدياً للغرب!

الاعتراف فتح الباب لتدور الدائرة وتتوالى اعترافات دول العالم الثالث بالصين وهو ما لم تنسه الصين لمصر قط!

سياسياً كانت مصر بوابة أفريقيا للتحرر وهو ما قدرته أيضاً الصين.. حتى حدث تراجع فى العلاقات المصرية الصينية فترة من الفترات لتعود بعد 2014 بقوة لتتحول إلى علاقة شراكة استراتيجية وتكون الصين حاضرة فى المشهد التنموى المصرى ليصل حجم التبادل التجارى قبل أعوام إلى 19 مليار دولار! ويصل العام الماضى إلى 13.9 مليار دولار بسبب نجاح مصر فى خفض وارداتها من الخارج، لكن عدد الشركات الصينية يبلغ 2066 شركة بحجم أعمال يصل إلى 8 مليارات دولار!

كذلك تعمل الشركات الصينية فى مصر فى مشروعات شديدة الأهمية، منها العاصمة الإدارية وبعض مشروعات الجر الكهربائى، كما توجد منطقة «تيدا» فى العين السخنة بـ160 شركة ومصنعاً واستثمارات تصل إلى 3 مليارات دولار!!

بينما تتزايد طموحاتنا كمصريين فى الحصول على نسبة تليق بنا من السياحة الصينية.. بالطبع ارتفعت عما كانت عليه قبل 2014 التى كانت أقل من 60 ألف سائح صينى فى العام تصل اليوم إلى ما يزيد على ربع مليون سائح، لكنّ لدينا أملاً فى مضاعفة هذا الرقم إلى رقم أسطورى يغادر الصين كل عام يصل إلى 150 مليون مواطن!

لكل الأسباب السابقة تأتى أهمية الزيارة الحالية للدكتور مصطفى مدبولى للصين ممثلاً عن مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى فى المنتدى الصينى الأفريقى التاسع!