المرأة العربية والسياسة

عمار على حسن

عمار على حسن

كاتب صحفي

نسمع دوماً كلاماً معتبراً عما يعيق تقدم المرأة فى العمل العام، متكئات على العوامل التقليدية التى نسمعها دوماً، عن دور «الثقافة الذكورية» و«التصور الدينى المغلوط»، والمتاعب الاجتماعية الملقاة على عاتق النساء، والسياق المشبع بقيم وأفكار تقليدية تقود إلى تهميش المرأة، ومنظومة القوانين... إلخ. وهى كلها عوامل معروفة ومفهومة، ولا يمكن إنكارها، لكن تكرارها على هذا النحو لا يجعلنا قادرين على الوصول إلى حل سريع نسبياً لهذه المعضلة، لأن فرص تغيير هذه الأسباب تحتاج إلى وقت طويل.

لكن الأمر لا يقتصر على هذا، فهناك عناصر أخرى، لا بد من أخذها فى الاعتبار، بل من الضرورى أن يحدث هذا، لأن تأثيرها مباشر على تهميش المرأة فى الحياة السياسية العربية، بل العالمية، بنسب ودرجات متفاوتة. وهذه العوامل هى:

1- عدم ثقة المرأة فى بنات جنسها أو نوعها، ففضلاً عن قلة النسوة اللائى يتقدمن للعمل العام، فإن المبادرات منهن والمترشحات لأى انتخابات، بدءاً من الأندية الرياضية وحتى البرلمانات والرئاسة مروراً بالنقابات والجمعيات، لا يحظين بتصويت مفرط للنساء، رغم مشاركتهن الواسعة فى عملية الاقتراع، متفوقات على الرجال فى هذا مرات كثيرة.

2- ضعف وجود المرأة فى المؤسسات التى تنتج النخبة السياسية البرلمانية والوزارية العربية أو ما دون هذا قليلاً، وهى المؤسسة العسكرية والشرطية والقضاء والأحزاب السياسية والهيئات الاقتصادية والثقافية البارزة والتكوينات الاجتماعية التقليدية، حيث إن أغلبها يسيطر عليها الرجال، إما بحكم طبيعة المهمة والتاريخ المؤسسى أو ما تواتر عليه الفعل فى القرنين الأخيرين خصوصاً. أما بالنسبة للمؤسسة الجامعية، فحتى إن كان حضور المرأة فيها كبيراً، فهى ممزقة بين التدريس وما عليها من أعباء حيال أسرتها، وبذا لا يتوافر لديها وقت كاف لعمل عام.

3- رضيت بعض النساء بممارسة الدور السياسى الخفى، أو الذى يجرى من خلف الستار، وهى مسألة بدأ دارسو النظم السياسية، ولا سيما المهتمون بدراسة صناعة القرار السياسى والإدارى، ينشغلون بها. فهناك نساء ساهمن فى صناعة السياسة فى بلدانهن لكونهن زوجات الملوك والرؤساء والأمراء والوزراء، وكانت هذه المساهمة بارزة، رغم أنها غير رسمية، ولا تتعدى أحياناً التأثير النفسى على متخذ القرار. لكن لا تؤخذ هذه المساهمة فى الحسبان فى معرض تقييم الدور السياسى للمرأة بشكل عام، وفى العالم كله.

4- هناك تأثير عن بُعد للثقافة العالمية برمتها حيال الدور السياسى للمرأة، يتفاوت من مجتمع إلى آخر، فالمرأة لم تأخذ كامل حقوقها السياسية حتى فى المجتمعات الديمقراطية. فمثلاً لم تتولَّ امرأة حتى الآن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، والنساء اللائى تقدمن إلى القيادة، مثل تاتشر فى إنجلترا وميركل فى ألمانيا، يُنظر إليهن، حتى فى الثقافة الاجتماعية الغربية نفسها، باعتبارهن مختلفات، وليس أدل على هذا من إطلاق وصف «المرأة الحديدية» على الأولى، وكأن المخيلة أو العقل الجمعى أضاف إليها شيئاً صلباً من الطبيعة ليجعلها لائقة لمنصبها، أما ميركل فيتم التعامل معها كقديسة، أى امرأة زاهدة فى أداء دورها الأنثوى، وفق الثقافة نفسها.

5- هناك من يزيح المرأة تحت دعاوى أنها قد خُلقت لأداء دور حياتى معين، وفيه تتميز عن الرجل، ثم تتكامل معه ولا تصارعه. وهذا فيه قدر من الصواب لكنه يتعلق بالمهنة، أو التخصص وتقسيم العمل، أحياناً، لكن الدور العام لا يجب أن تكون فيه تفرقة على أساس النوع.