الأميرة رشا يسري يكتب: ماذا تعني جولة السيسي وبن زايد في العلمين؟

فى خطوة تعكس عمق العلاقات الثنائية بين مصر والإمارات العربية المتحدة، أبرزت منصات التواصل الاجتماعى ومواقع الأخبار المحلية والإقليمية والدولية خلال الساعات الماضية قيام الرئيس عبدالفتاح السيسى بمرافقة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مشياً على الأقدام بين الناس فى جولة بمدينة العلمين الجديدة.

هذه الزيارة التى كسرت الأنماط البروتوكولية، حملت من جهة أخرى دلالات متعددة على عمق التعاون فى المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الرئيسين والبلدين والشعبين المصرى والإماراتى.

ففى ظل التعاون الوثيق، فقد ساهمت هذه الجولة على عفويتها فى دعم جهود الترويج للمشروعات السياحية والتنموية فى مصر، فى السواحل الشمالية بمصر باعتبارها وجهة سياحية رئيسية كبرى وواعدة فى البلاد.

وقد تضمنت الجولة زيارة لأماكن مهرجان العلمين، الذى يهدف إلى تعزيز الوعى بالمدينة كوجهة فنيّة وسياحية واستثمارية صاعدة بسرعة كبيرة على مسار صناعة الترفيه بمصر والمنطقة.

على ذلك فقد كان من اللافت للأنظار أن جولة الزعيمين حظيت باستقبال حافل من المواطنين والمصطافين العرب والأجانب، وقد حرص العديد منهم على التقاط الصور مع الزعيمين، مما أضفى على الأجواء طابعاً شعبياً وحميمياً للجولة بين الزعيمين والجماهير.

هذه اللحظات على عفويتها التى بدت عليها، كانت من ناحية أخرى رسالة واضحة مفادها أن العلمين الجديدة ليست فقط مشروعاً اقتصادياً، بل هى أيضاً مدينة آمنة، ورمز للتواصل الاجتماعى بين مختلف الأطياف والفئات، من المصطافين إلى السكان المحليين والعمال والموظفين الذين يخدمون قطاعاتها المختلفة فندقية كانت أو حكومية، واستثمارية.

إلى جانب ذلك، فقد أصبحت المدينة محط أنظار المستثمرين والسياح على حد سواء، بما عزز من مكانتها كوجهة عالمية جديدة فى منطقة البحر المتوسط، هذه المشاريع التى أقيمت فيها على نحو متصاعد وكبير فى وقت قياسى وفرت فرص عمل جديدة للمصريين وعززت من قيمة المنطقة، وتنميتها، مما ساهم إجمالاً فى رفع مستوى المعيشة للسكان المحليين، ودعّم الاقتصاد الكلى للبلاد.

إلى ذلك فالاستثمارات الإماراتية الضخمة فى مدينة العلمين الجديدة لعبت -ولا تزال- دوراً محورياً فى تعزيز الاقتصاد المصرى. فهى على تنوعها فى قطاعات متعددة، بدءاً من السياحة وصولاً إلى البنية التحتية والطاقة والخدمات، أرسلت رسالة جديدة لمجتمعات الأموال فى العالم بأن مصر مكان آمن لاستقبال استثماراتهم.

ومن خلال هذه الشراكات، تسعى مصر لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية وفى القلب منها تعزيز قطاع السياحة الذى يعد من الركائز الأساسية للاقتصاد المصرى. بهذه الطريقة، أصبحت مدينة العلمين الجديدة نموذجاً للنجاح فى استقطاب الاستثمارات وتحقيق التنمية على خارطة السياحة والاستثمار العالمية.

العلاقات بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والشيخ محمد بن زايد آل نهيان تتجاوز حدود العلاقات الرسمية التقليدية، لتعبر عن شراكة أخوية واستراتيجية عميقة بين البلدين. هذا الارتباط الوثيق تجسد فى العديد من اللقاءات المشتركة والتعاون المستمر فى القضايا الإقليمية والدولية التى تتقارب فيها وجهات النظر وتصل فى بعضها حد التطابق، مما يعكس تفاهماً شاملاً بين القيادتين.

دعم الإمارات لمصر فى مراحلها الحرجة من التنمية والإصلاح الاقتصادى يُعد مثالاً بارزاً على قوة هذه الشراكة، وهى تستثمر بشكل كبير فى مختلف القطاعات المصرية، مما ساهم فى تعزيز الاستقرار الاقتصادى بالبلاد.

إلى جانب ذلك، تجمع الزعيمين رؤية مشتركة حول ضرورة الاستقرار الإقليمى والتنمية المستدامة. هذه الرؤية تتجلى فى دعمهما المتبادل فى المحافل الدولية وتنسيق مواقفهما فى قضايا الأمن القومى. فالعلاقة الأخوية بين السيسى وبن زايد لا تعكس فقط توافقاً بين دولتين، بل تبرز كتحالف استراتيجى يسهم فى تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة.

الاستثمار الأجنبى، بما فى ذلك الاستثمارات الإماراتية، يُعد من العوامل الرئيسية لتعزيز الاقتصاد المصرى، بما يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة، وخلق فرص عمل جديدة، ونقل التكنولوجيا والمعارف الفنية المختلفة.

الاستثمارات الإماراتية فى مصر تشمل قطاعات متعددة مثل السياحة، العقارات، الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، وقد عززت التنوع الاقتصادى فى البلاد بما يقلل الاعتماد على القطاعات التقليدية.

هذه الاستثمارات التى تدعم البنية التحتية السياحية أثبتت التجربة أنها تسهم بشكل كبير للغاية فى تحسن جودة الحياة، فضلاً عما ساهمت فيه بتحسين التصنيف الائتمانى للبلاد، بما جعل مصر وجهة أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

علاوة على ذلك، فإن الاستثمارات الخارجية كثيراً ما كان لها دور بارز فى تعزيز العلاقات الثنائية وفتح الأبواب للتعاون الإقليمى والدولى فى مختلف المجالات.

مثل هذه الاستثمارات لا تعتبر بيعاً لمقدرات الدولة، كما يزعم بعض قصيرى النظر، بل هى شراكة عالية الإفادة لمصر تسهم فى تعزيز الاقتصاد وتعظيم القيمة المضافة.

على هذا النحو، نرى أمثلة واضحة على الاستثمارات الخليجية فى الأسواق العالمية مثل لندن وباريس، حيث تقوم دول مثل قطر، والإمارات، والسعودية بتوسيع حضورها الاستثمارى.

قطر، على سبيل المثال، استحوذت على القرية الأولمبية فى لندن بعد أولمبياد 2012، وتملك أيضاً حصة كبيرة فى برج شارد، بالإضافة إلى امتلاكها لمتجر هارودز الشهير.

الإمارات من جهتها تمتلك حصة كبيرة فى سيتى بنك بلندن، وتشارك فى تطوير ميدان ساوثبانك، بالإضافة إلى تشغيل فنادق جميرا الفاخرة فى العاصمة البريطانية.

السعوديون أيضاً يمتلكون عقارات فاخرة فى أحياء مثل ماى فير وكينسينجتون، بالإضافة إلى استثماراتهم فى فنادق ومرافق سياحية كبيرة فى باريس، ولم نجد فى أوروبا قصيرى رؤى يقولون إن ذلك يعد بيعاً لمقدّرات بلادهم.

هذه الأمثلة توضح أن الاستثمارات الخليجية فى الأسواق العالمية ليست جديدة، بل هى جزء من التوجه العالمى لتعزيز العوائد الاستثمارية وتنويع المحفظة الاستثمارية.

على نفس النحو، الاستثمارات الإماراتية فى مصر تفتح الأبواب لتعزيز الاقتصاد وتحقيق التنمية، ولا يمكن وصفها بأنها «بيع» لمقدرات الدولة بل هى شراكة استراتيجية لتحقيق المصالح المشتركة.