الدكتور جهاد الحرازين يكتب: متى تتوقف آلة القتل الإسرائيلية؟

كتب: الوطن

الدكتور جهاد الحرازين يكتب: متى تتوقف آلة القتل الإسرائيلية؟

الدكتور جهاد الحرازين يكتب: متى تتوقف آلة القتل الإسرائيلية؟

الأوضاع فى قطاع غزة كارثية، وأكبر من نكبة الشعب الفلسطينى فى عام 1948، فلم يعد هناك مكان آمن فى ظل وقوف أعداد الشهداء على مشارف الـ40 ألف شخص وأكثر من 93 ألف مصاب، وأكثر من 20 ألف مفقود، فى ظل عملية استهداف متواصل ومتكرر، وسط تدمير كامل للبنية التحتية، وبعد 10 أشهر من القتل والصواريخ المستمرة، فما سقط على قطاع غزة يوازى 5 قنابل نووية مثل التى تم إطلاقها على مدينتى هيروشيما ونجازاكى فى اليابان فى الحرب العالمية الثانية على يد الولايات المتحدة الأمريكية.

ما يحدث يندى له جبين الإنسانية، وسط عدم القدرة على وقف نزيف الدم الفلسطينى، وسط سد آذان إسرائيل عن أى شىء فى البلاد، وتمعن دولة الاحتلال فى تنفيذ إبادة ضد الشعب الفلسطينى، على الرغم من أن إسرائيل دائماً تتغنى بأنها الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط وجيشها جيش أخلاقى، وللأسف فإن الحكومة التابعة لدولة الاحتلال لا ترغب فى وقف الحرب لأسباب شخصية ومصالح سياسية، لذلك أعتقد أنها ستستمر لفترة طويلة، إذا لم يجد جديد.

الأوبئة فى غزة موجودة منذ بداية الحرب، بجانب سلاح التجويع والتعطيش ومنع إدخال المساعدات الصحية، كما تم تدمير المبانى الطبية واستهداف شبكات المياه والصرف الصحى والكهرباء والمواصلات، ليتم تدمير كافة مقومات الحياة، وتفشت الأوبئة مؤخراً فى قطاع غزة للأسف، وسط انتشار أمراض معوية وجلدية ووجود شلل الأطفال، وهذا الفيروس الأخير أصاب الإسرائيليين أيضاً فمن لم يمت بالصواريخ سيموت بأى سبب آخر.

توقف الحرب غير مرتبط بقرار من رئيس الحكومة نتنياهو، خاصة أنه يتعرض لضغوط من الأحزاب اليمينية فى الائتلاف الذى يترأسه، ومنهم وزير المالية بتسلئيل سموتريش، والأمن القومى الإسرائيلى إيتمار بن غفير. وبسبب رغبته فى البقاء فى السلطة يريد نتنياهو استمرار الحرب، حتى إنه لم يعد يعبأ بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية أو حتى القضاء على الفصائل الفلسطينية الهدف الذى لم يتحقق على مدار كل هذه الأشهر.

ونتنياهو يريد استمرار الحرب حتى تكون ورقة ضاغطة لاستمراره فى الحكم حتى عام 2026، لذا فإن توقف الحرب فى غزة مرتبط بأهداف شخصية لرئيس الحكومة، وقد تعرضه للمحاكمة فى ظل اتهامات بالفساد والرشوة بدأت قبل أحداث طوفان الأقصى من الأساس، ويستمر النظر فيها أمام القضاء الإسرائيلى، بجانب مسئوليته عما حدث فى 7 أكتوبر أمام الإسرائيليين، لذا يريد تحقيق أى انتصار ولو مؤقت من أجل حشد المواطنين خلفه، كما يريد أن يستمر فى الحكم حتى 2026 وسط الائتلاف التابع له، بجانب رغبة فى إعادة هيبة الجيش الإسرائيلى التى أصبحت فى الحضيض. نتنياهو لديه عقيدة عسكرية تتمثل فى زيادة الضغط على الشعب الفلسطينى من أجل أن يستعيد المحتجزين، وفشل فى هذا ولكنه مستمر فيه، ولم يتم استعادة المحتجزين إلا فى نوفمبر، فيما ذلك فشل فشلاً ذريعاً غير مسبوق.

ربط نتنياهو إعادة الإعمار بإشراف إسرائيلى وعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولمسنا أن كل مرة يكون فى مرحلة التوصل لوقف المفاوضات لكن نتنياهو يعطل المفاوضات، لأنه يخشى من تهديدات وزيرى ماليته والأمن القومى بترك الحكومة، وهكذا سينفرط عقد الائتلاف الحاكم، وسط تصريحات من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية دائماً بأن نتنياهو يقف وراء عرقلة الصفقات.

الحديث عن قوة دولية فى غزة مستقبلاً هو حديث سابق لأوانه، فإسرائيل لم تحدد الوقت الذى سيتوقف فيه الهجوم على الفلسطينيين، كما أن أى قوة دولية يجب أن تكون بالتوافق مع الفلسطينيين حتى يتم العمل بشكل متصل، وكذلك من أجل تأكيد السيادة الفلسطينية على الأراضى الفلسطينية، ويجب الرجوع للسلطة الفلسطينية، لأن القوى الدولية ستكون شرطياً لإسرائيل، فالحديث الصحيح هو وجود قوى متعددة الجنسيات، بوجود قوات فلسطينية ضمن إطار متكامل يدعمه حل سياسى، مع التأكيد على وحدة الأراضى الفلسطينية فى غزة والقدس والضفة، وهذا لن يكون قبل إعلان إسرائيل وقف الحرب، وسيكون عن طريق ضغط دولى لوقف الحرب والجرائم المستمرة من قبل إسرائيل.


مواضيع متعلقة