أمين «هيئات الإفتاء في العالم»: تحديات العصر تتطلب مواكبة التغيرات والتفاعل معها بحكمة ومرونة

كتب: رؤى ممدوح

أمين «هيئات الإفتاء في العالم»: تحديات العصر تتطلب مواكبة التغيرات والتفاعل معها بحكمة ومرونة

أمين «هيئات الإفتاء في العالم»: تحديات العصر تتطلب مواكبة التغيرات والتفاعل معها بحكمة ومرونة

أكد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن تحديات العصر تتطلب توجيهاً دينياً قادراً على مواكبة التغيرات والتفاعل معها بحكمة ومرونة، مشيراً إلى أن المؤتمر العالمى التاسع للإفتاء يعزز دور الفتوى فى تحقيق التوازن بين السيادة الوطنية والالتزام بالأخلاق الإنسانية القويمة.

الفتوى تلعب دوراً حيوياً فى مكافحة الإرهاب وتدعم قيم السلام والتسامح.. ونسعى لإصدار فتاوى متخصصة توضح المواقف الشرعية حول استخدامات الذكاء الاصطناعى وتقديم إرشادات

وقال «نجم»، خلال حواره مع «الوطن»، إن الفتوى تلعب دوراً حيوياً فى مكافحة الإرهاب العالمى من خلال تقديم التوجيهات الدينية التى ترفض العنف والتطرف وتدعم قيم السلام والتسامح، منوهاً بأن تعاون المؤسسات الإفتائية على مستوى العالم يمكنه إصدار فتاوى موحدة ترفض الإرهاب وتدين الأعمال العنيفة.

 أجرت الحوار: رؤى ممدوح ما أهمية عقد المؤتمر العالمى التاسع للإفتاء فى هذه الفترة؟

- المؤتمر العالمى التاسع للإفتاء يعقد فى فترة زمنية تحمل أهمية كبيرة نظراً للتحديات المتسارعة والتحولات العميقة التى يشهدها العالم، فنحن نعيش فى عصر تتسم فيه الأحداث بالتعقيد والتداخل الشديد بين المجالات المختلفة على المستوى العالمى، سواء كانت اجتماعية أو تكنولوجية أو سياسية أو اقتصادية. وهذه الظروف تستدعى وجود توجيه دينى قادر على مواكبة هذه التغيرات والتفاعل معها بحكمة ومرونة.

ما الدور الذى تلعبه الفتوى فى إرساء منظومة القيم الأخلاقية؟

- تلعب الفتوى، كأداة توجيه دينى رئيسية، دوراً حيوياً فى إرساء منظومة القيم الإنسانية والأخلاقية المشتركة التى تحتاجها المجتمعات فى الوقت الحاضر أكثر من أى وقت مضى، وفى ظل العولمة والانفتاح على ثقافات وأفكار مختلفة يصبح تعزيز الفهم الصحيح للإسلام وأخلاقه ضرورة ملحة لمواجهة التحديات الأخلاقية والاجتماعية التى تفرضها هذه البيئة المتغيرة.

نعيش مرحلة تعكس الحاجة الملحة إلى استجابة دينية مبتكرة ومتجددة وتحقق دورها فى توجيه الأمة والعالم نحو مستقبل أفضل

ويأتى هذا المؤتمر ليعزز دور الفتوى فى تحقيق التوازن بين السيادة الوطنية والالتزام بالأخلاق الإنسانية القويمة، وهذا التوازن ضرورى لضمان احترام حقوق الإنسان والمبادئ الأخلاقية العالمية، مع الحفاظ على خصوصية كل دولة وثقافتها، من خلال تعزيز الوعى العالمى بأهمية الفتوى الرشيدة.

ويسعى المؤتمر إلى توجيه المجتمعات نحو تبنى القيم الأخلاقية التى تسهم فى بناء مجتمعات أكثر تماسكاً واستقراراً، علاوة على ذلك، يهدف المؤتمر إلى تفعيل دور المنظمات الدولية والإقليمية فى تعزيز وتنفيذ هذه القيم، ما يبرز أهمية الفتوى فى تحقيق السلم والاستقرار على مستوى العالم، هذا التوقيت بالذات يعكس الحاجة الملحة إلى استجابة دينية مبتكرة ومتجددة تسهم فى مواجهة التحديات المعاصرة وتحقيق دورها الريادى فى توجيه الأمة الإسلامية والعالم بأسره نحو مستقبل أفضل يستند إلى القيم الأخلاقية الراسخة.

كيف يمكن لورش العمل المنعقدة خلال المؤتمر الإسهام فى تعزيز دور القادة الدينيين؟

- ورش العمل المنعقدة خلال المؤتمر تلعب دوراً محورياً فى إبراز وتعزيز دور القادة الدينيين، من خلال توفير منصات تفاعلية وتدريبية تسهم فى تطوير مهاراتهم القيادية وتعزيز فهمهم للقضايا المعاصرة، وتقدم هذه الورش بيئة تعاونية يتمكن فيها القادة الدينيون من تبادل الأفكار والخبرات، ما يسهم فى بناء شبكة قوية من العلاقات المهنية والدينية التى تدعم عملهم فى مجتمعاتهم.

وتسهم ورش العمل فى تعزيز دور القادة الدينيين من خلال توفير تدريب متخصص على القضايا الأخلاقية المعاصرة وتحدياتها، وتتيح ورش العمل للقادة الدينيين فرصة للتعمق فى موضوعات مثل العولمة، التعددية الثقافية، والتحديات البيئية، وكيفية تقديم فتاوى تتماشى مع هذه القضايا، ويعمل هذا التدريب على تعزيز قدرة القادة الدينيين على تقديم إرشادات مبنية على فهم دقيق ومعاصر للتحديات التى تواجه مجتمعاتهم.

كيف يمكن التنسيق بين المؤسسات الإفتائية والقادة الدينيين لتعزيز القيم الأخلاقية؟

- التنسيق بين المؤسسات الإفتائية والقادة الدينيين يعد ضرورياً لتعزيز القيم الأخلاقية فى المجتمعات الإسلامية والعالمية، وهذا التنسيق يتيح تبادل الأفكار والخبرات بين مختلف المؤسسات والقادة الدينيين، ما يسهم فى تقديم فتاوى متسقة وموحدة تعزز من القيم الأخلاقية.

ومن خلال التعاون المشترك يمكن لهذه المؤسسات تقديم توجيهات تتماشى مع المبادئ الإسلامية، وتلبى احتياجات المجتمعات المعاصرة، أحد الأساليب التى يمكن من خلالها تعزيز هذا التنسيق هو إنشاء لجان مشتركة وفرق عمل متخصصة تركز على قضايا أخلاقية محددة، وهذه اللجان يمكن العمل على تطوير استراتيجيات مشتركة لتطبيق القيم الأخلاقية فى مختلف المجالات، مثل التعليم، الصحة، والعدالة الاجتماعية، فمن خلال العمل الجماعى يمكن تقديم حلول عملية ومبتكرة تعزز من القيم الأخلاقية فى المجتمع.

كما يمكن للتنسيق بين المؤسسات الإفتائية والقادة الدينيين الإسهام فى مواجهة التحديات الأخلاقية المشتركة مثل التطرف والإرهاب، وهو ما تقوم به الأمانة العامة لدور هيئات الإفتاء فى العالم، ومن خلال التعاون وتبادل المعلومات يمكن لهذه المؤسسات تقديم فتاوى توضح موقف الإسلام من هذه القضايا وتعزز من قيم التسامح والسلام، ويساعد هذا التنسيق فى بناء مجتمع أكثر استقراراً وتوازناً يعتمد على القيم الأخلاقية الإسلامية، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتنسيق تعزيز التوعية والتعليم حول القيم الأخلاقية.

فمن خلال تنظيم برامج تعليمية وورش عمل مشتركة يمكن للمؤسسات الإفتائية والقادة الدينيين نشر المعرفة حول القيم الأخلاقية وأهميتها فى الحياة اليومية، فهذا الجهد التوعوى يساعد فى بناء جيل جديد يعى أهمية القيم الأخلاقية ويعمل على تطبيقها فى حياته.

ما الدور المأمول للفتوى فى مكافحة الإرهاب العالمى؟

- الفتوى تلعب دوراً حيوياً فى مكافحة الإرهاب العالمى من خلال تقديم التوجيهات الدينية التى ترفض العنف والتطرف وتدعم قيم السلام والتسامح.

الدور المأمول للفتوى فى هذا السياق يتمثل فى توضيح الموقف الإسلامى الصحيح من قضايا الإرهاب والتطرف، ونشر الفهم الصحيح للتعاليم الإسلامية التى تحرم الاعتداء على الأبرياء وتدعو إلى العدل والرحمة، كما أن الفتاوى التى تصدرها المؤسسات الإفتائية يمكن أن تكون أدوات فعالة لتفكيك الفكر المتطرف من خلال تقديم بدائل دينية صحيحة ومعتدلة، فالفتاوى تسهم فى توعية الشباب بمخاطر التطرف وتوجيههم نحو فهم صحيح للإسلام يقوم على الوسطية والاعتدال.

ومن خلال التعاون بين المؤسسات الإفتائية على مستوى العالم، يمكن إصدار فتاوى موحدة ترفض الإرهاب وتدين الأعمال العنيفة، ما يعزز من الرسالة العالمية للإسلام كدين سلام، وهذه الفتاوى يمكن أن تدعمها حملات توعوية وبرامج تعليمية تهدف إلى نشر القيم الإنسانية والإسلامية الصحيحة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للفتوى أن تدعم الجهود الحكومية والدولية فى مكافحة الإرهاب من خلال تقديم إرشادات حول كيفية التعامل مع الجماعات المتطرفة، وتوفير الدعم النفسى للمتضررين من الإرهاب.

وكذلك التعاون مع السلطات الأمنية والاجتماعية يمكن أن يعزز من فاعلية الفتاوى فى مواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه.

ماذا عن إبراز الدور البنّاء للفتوى فى مكافحة التجاوزات الأخلاقية للذكاء الاصطناعى؟

- يمكن ذلك من خلال مناقشة وتقديم توجيهات شرعية حول استخدامات الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته فى المجتمع، كما يمكن تنظيم جلسات وورش عمل تركز على القضايا الأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعى، مثل الخصوصية، الأمان، والتحيز، وكيفية توجيه استخدام هذه التكنولوجيا بطرق تتماشى مع القيم الإسلامية، وإحدى الطرق التى يمكن للمؤتمر من خلالها تحقيق ذلك هى من خلال إصدار فتاوى متخصصة توضح المواقف الشرعية حول استخدامات الذكاء الاصطناعى، وتقديم إرشادات حول كيفية التعامل مع هذه التكنولوجيا بما يضمن الحفاظ على القيم الأخلاقية والإنسانية.

التواصل مع الجماهير

ورش العمل بالمؤتمر تقدم آليات لتطوير مهارات الاتصال والإعلام لدى رجال الدين، وفى عصر تتزايد فيه أهمية وسائل الإعلام الرقمية، يصبح من الضرورى للقادة الدينيين أن يكونوا قادرين على التواصل بفاعلية مع جمهورهم عبر مختلف المنصات، إذ تساعدهم ورش العمل فى اكتساب مهارات استخدام التكنولوجيا والتواصل الرقمى، ما يعزز من قدرتهم على نشر رسالتهم والوصول إلى جمهور أوسع.

كما تسهم ورش العمل فى تعزيز الوعى بأهمية التعاون والتنسيق بين المؤسسات الدينية والإفتائية على المستويين المحلى والدولى، من خلال مناقشات وجلسات عمل مشتركة، يتعلم القادة الدينيون كيفية العمل معاً لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز القيم الأخلاقية الإسلامية فى مختلف المجتمعات.


مواضيع متعلقة