د. شوقى علام يكتب: آمال وأهداف المؤتمر التاسع لدور وهيئات الإفتاء

د. شوقى علام يكتب: آمال وأهداف المؤتمر التاسع لدور وهيئات الإفتاء
- «الإفتاء العالمى»
- الفتوى والبناء الأخلاقى
- حياتنا اليوم وعالمنا المعاصر
- المقترحات الإيجابية
- «الإفتاء العالمى»
- الفتوى والبناء الأخلاقى
- حياتنا اليوم وعالمنا المعاصر
- المقترحات الإيجابية
يأتى انعقاد المؤتمر التاسع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، والذى تشهده القاهرة فى أواخر يوليو من عام 2024 تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، وبرعاية كريمة من السيد عبدالفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، الذى يُعقد تحت عنوان «الفتوى والبناء الأخلاقى فى عالم متسارع»، وذلك بمشاركة ما يزيد على وفود مائة دولة، وبحضور كبار العلماء والمفتين والوزراء وأهل الفكر والبيان والإعلام من سائر أنحاء العالم.
وبمشاركة أممية عالية المستوى من عدد من الهيئات الدولية، خطوة شرعية حضارية مهمة لمناقشة أهم الموضوعات والخصائص التى تتميز بها الحضارة الإنسانية، التى تتعلق تعلقاً تاماً بحياة الإنسان على هذه الأرض، ألا وهو القيم والأخلاق فى حياتنا اليوم وعالمنا المعاصر، تقييماً وتصوراً لأزمة العالم الأخلاقية، وارتباط مجال الإفتاء بذلك الأمر، وبياناً للحلول والمقترحات الإيجابية فى هذا المجال الحيوى، وذلك انطلاقاً من الشريعة الإسلامية وما توافق عليه البشر جميعهم من المشتركات القيمية والأخلاقية وحقوق العدل والمساواة، وما حثّت عليه الشرائع السماوية، وأقرته القوانين الدولية.
والمنطلقات الفكرية والمرجعية الشرعية التى تنطلق منها أعمال المؤتمر فى هذا العام هى أهمية القيم والأخلاق كمرجعية حاكمة للنشاط الإنسانى الفردى والجماعى على هذه الأرض فى كل زمان ومكان، ودور الفتوى فى هذا المجال، فأزمتنا اليوم أزمة أخلاقية فى المقام الأول، لا بد من بذل الجهود لتجاوزها، والأمة الإسلامية بما تملكه من مصابيح النور الإلهى والشريعة المتكاملة مؤهلة للقيام بدورها فى عالم اليوم، وقد كانت القاهرة على الدوام وما زالت بما تمثله من ثقل شرعى وحضارى وسياسى مؤهلة لتحريك وتفعيل هذا الدور، ومؤتمر هذا العام يمثل نقطة انطلاق إحيائية عالمية فى هذا المجال.
والناظر إلى آليات عمل المؤتمر فى هذا العام وفعالياته وأطروحاته الفكرية فى ندواته المقترحة وورش عمله وجلساته، يلحظ فيه وجود عدة محاور رئيسية تمثل أهدافه وتطلعاته التى يعمل على تحقيقها، وذلك انطلاقاً من مجال الإفتاء وما يتفرّع عنه، فمن ذلك: «توصيف المشكلة وحقيقتها» من النظرة التصورية التى تسعى إلى رصد وتقييم واقعنا المعاصر والتحديات العالمية المتعلقة بالقيم والأخلاق، ومقياس تراجعها فى حياة الإنسان، وطغيان قيم العولمة السلبية فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والآثار المدمّرة لذلك المسلك على مستوى الفرد والأسرة والمجتمعات والسلوك الإنسانى كله، ومحاولة خلق نموذج جديد للمبادئ والقيم، يحكم النشاط الإنسانى الفردى والجماعى، يتم الترويج له وفرضه على الإنسان.
مناقشة الأسباب والعوامل التى أدّت إلى تكوين هذا الواقع وبروز هذه المشكلة، ومحاولة حصرها، ومعرفة أسبابها ومظاهرها الاقتصادية والفكرية والسياسية والاجتماعية، وبيان عقبات وتحديات البناء الأخلاقى كمنهج علمى لمعرفة الأبعاد الصحيحة لها، وذلك من خلال آليات وورش عمل يشارك فيها السادة العلماء والمختصون من علماء الاجتماع والسلوك الإنسانى ورواد الإعلام وأصحاب الخبرات المجتمعية، لتكوين صورة كلية شاملة لهذه المسألة.
ثم الانطلاق بعد ذلك من خلال مجال الإفتاء ودور الفتوى لوضع التصورات الممكنة للحلول الإيجابية والمبادرات الحية الواقعية التى تعمل على إعادة إحياء المنهج الأخلاقى الإلهى فى حياة الفرد والمجتمع، وبيان المرجعيات الفكرية التى تعمل على تحقيق هذا الهدف، ومواجهة المحاولات التى تعمل على تحييد معانى الشرائع السماوية وقيمها من المجتمعات البشرية، وتدمير البناء الأخلاقى ونشر النسبية لمعنى الأخلاق وتكوين عقليات تؤمن بهذا كمنهج حياة.
وكذلك يتميز مؤتمر هذا العام بإصدارات شرعية فكرية تمثّل نبراساً ومرشداً ومرجعية فى طريق إحياء منظومة القيم والأخلاق وتفعيل المعانى الصحيحة لدين الإسلام؛ فمن ذلك الموسوعة العلمية للتديّن الصحيح والتدين المغشوش، وقد احتوت على رؤية متكاملة وبيان تام لموضوع القيم والأخلاق وتداخلاته، وبيان المنظومة القرآنية للأخلاق والقيم وكيفية إسقاطها وتطبيقها فى حياتنا اليومية.
وكذلك إصدار خاص يتعلق بأخلاقيات العلم والتكنولوجيا يهتم ببيان كيفية المحافظة على القيم الإنسانية النبيلة فى ظل هذا التطور الهائل من مظاهر التواصل الاجتماعى ومجالات الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته، والضوابط الشرعية والأخلاقية لهذه الأمور، التى لا تختص بالمسلم فقط، بل تمتد لتشمل مظلتها جميع أفراد الجنس البشرى، مع ترجمة هذه الإصدارات إلى اللغات الحية والعمل على نشرها فى ربوع العالم.
ويركز المؤتمر فى عامه هذا على بيان دور الفتوى لنشر قيم العدل والحرية والمساواة وحق الإنسان فى العيش، ومقاومة خطاب الكراهية والعنف وسفك الدماء، وذلك من خلال إبراز جوانب المأساة الإنسانية التى يعيشها قطاع غزة، نتيجة ازدواج المعايير فى التعامل وغياب الضمير تحت وطأة منطق القوة، وغياب القيم الإنسانية، والتواصل مع الهيئات الأممية والمؤسسات العاملة والجامعات فى العالم، لبيان هذا الواقع والعمل على إصلاحه.
ومن جهود مؤتمر هذا العام، التى تُعد استكمالاً لما تم من النجاحات فى الأعوام السابقة من حيث دور مجال الإفتاء فى بيان صحيح الدين، ما يتعلق بدور ومكانة الفتوى فى إرساء مبادئ القيم الحاكمة وإحياء مكارم الأخلاق، وذلك فى حياة الفرد والأسرة والمجتمع، وبيان عدم انفصال تديّن الإنسان عن هذه المبادئ، مع إبراز نموذج الهدى المحمدى لنبينا الكريم، صلى الله عليه وسلم، للتأسى به.
وبيان الارتباط التام بين معانى الأخلاق والقيم ومقاصد الشريعة الإسلامية، وتجسّد هذه المحاور والفعاليات والأهداف إدراكاً من الأمانة العامة لدور الإفتاء، لواقعنا المعاصر، وموقع أمتنا ومجتمعاتنا من هذا الواقع، وقياماً بالواجب الشرعى والوطنى، وتلبية لحاجة الجنس البشرى الروحية والفكرية فى عالم طغت عليه المادية، فكانت هذه الجهود والأهداف نموذجاً علمياً حضارياً سوف تكون له ثماره الإيجابية بإذن الله عز وجل.
* مفتى الديار المصرية
رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم يتميز مؤتمر هذا العام بإصدارات شرعية فكرية تمثّل نبراساً ومرشداً ومرجعية فى طريق إحياء منظومة القيم والأخلاق وتفعيل المعانى الصحيحة لدين الإسلام؛ فمن ذلك الموسوعة العلمية للتديّن الصحيح والتدين المغشوش، وقد احتوت على رؤية متكاملة وبيان تام لموضوع القيم والأخلاق وتداخلاته، وبيان المنظومة القرآنية للأخلاق والقيم وكيفية إسقاطها وتطبيقها فى حياتنا اليومية.د. شوقى علام* يكتب: آمال وأهداف المؤتمر التاسع لدور وهيئات الإفتاء9 سنوات فى مواجهة الفتاوى المتطرفة.. آليات بحثية للرصد والمتابعة.. ومؤتمرات لمد جسور التواصل والحوار والتعايش إنشاء إدارة للفتاوى «الشفوية والهاتفية والمكتوبة والإلكترونية» بعشر لغات.. و«مرصد الجاليات» للقضاء على الفوضى الإفتائية ومواجهة التعصب ضد الإسلام فى الغربشهدت دار الإفتاء المصرية تطوراً كبيراً على كافة المستويات، وحققت نجاحات كبيرة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، مواكبة بذلك العصر من حيث التلاحم مع الموضوعات والقضايا المعاصرة، وفى مجال التحوُّل الرقمى الذى بدأته مبكراً ونمَّته بشكل كبير مع ظهور جائحة كورونا العالمية لتقديم خدماتها الإفتائية إلى كافة البقاع على مدار الـ9 سنوات الماضية.
ونجحت دار الإفتاء فى تحويل قاعدة العمل بالدار من الأفراد إلى العمل المؤسسى، فأصبحت مؤسسة رائدة ذات مرجعية فقهية إسلامية رائدة فى صناعة الفتوى والعلوم الشرعية، يلجأ إليها الأفراد والمؤسسات محلياً وإقليمياً وعالمياً.
وكانت الدار حاضرة بقوة فى المحافل الدولية والعلمية والملتقيات الفكرية حول العالم، واستطاعت أن تقدم خطاباً علمياً رصيناً وأميناً نسجته من خلال الفهم الصحيح والإدراك العميق لمعطيات الواقع المعيش، ومقاصد الفقه الصحيح وغاياته، وانطلق علماء الدار إلى مختلف بلدان المعمورة لتقديم يد العون والدعم للمسلمين، ومد جسور التواصل والحوار مع غير المسلمين، وفتح آفاق التعاون والتآلف والتعايش بين أبناء الحضارات والأمم المختلفة.
وأنشأت دار الإفتاء فى الخامس عشر من ديسمبر عام 2015 الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم بالقاهرة، بحضور أكثر من 80 دولة، ويتم من خلال هذه الأمانة بناء استراتيجيات مشتركة بين دُور الإفتاء الأعضاء لمواجهة التطرف فى الفتوى وصياغة المعالجات لمظاهر التشدد فى الإفتاء، والتبادل المستمر للخبـرات بين دُور الإفتاء الأعضاء والتفاعل الدائم بينها، ووضع معايير وضوابط لمهنة الإفتاء وكيفية إصدار الفتاوى تمهيداً لإصدار دستور للإفتاء يلتـزم به المتصدرون للفتوى، ووصل أعضاء الأمانة إلى الآن ستين دولة.
وقامت الدار بإعداد أكثر من 150 من الدورات التدريبية للمبعوثين لتدريبهم على مهارات الإفتاء والعلوم الإفتائية والأدوات اللازمة من أجل نشر صحيح الدين بمنهجية علمية وسطية منضبطة تلبية للاحتياجات المتزايدة للجاليات المسلمة حول العالم، وإيفاد القوافل الخارجية فى سبيل التعاون وتبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء فى العالم.
وأنشأت الدار مرصد الجاليات المسلمة لخلق آلية بحثية لتحقيق الرصد والمتابعة الرصينة لأوضاع الجاليات الإسلامية فى الخارج، وتهدف الدار من خلاله إلى القضاء على حالة الفوضى الإفتائية بين الأقليات المسلمة فى الغرب والتى تتسبب فى موجات من التعصب ضد الإسلام.
ولم تتوقف الدار عند هذا الأمر، ومن منطلق إيمانها بأهمية التطوير بصفة عامة والتطوير الإدارى بصفة خاصة، والعناية بالعنصر البشرى، وضمان تلبية حاجة المستفتين، توسعت الدار فى إنشاء مجموعة مختلفة من الإدارات والأقسام الجديدة لضمان الوصول إلى كافة شرائح الأمة داخلياً وخارجياً، فأنشأت مجموعة من الإدارات لضمان وصول رسالتها لأكبر شريحة ممكنة من المسلمين، منها إدارة الفتاوى الشفوية، والفتاوى الهاتفية، والمكتوبة، والإلكترونية بعشر لغات، وإدارة الحساب الشرعى، وإدارة التعليم عن بُعد لتدريب المبتعثين على الفتوى، والترجمة، والموقع الإلكترونى، ومجلة دار الإفتاء، إضافة إلى إدارة فض المنازعات.
ومنذ عام 2016، قررت دار الإفتاء عقد مؤتمر عالمى سنوى فى القاهرة، يضم أكثر من 100 دولة لمواجهة الفتاوى المتطرفة، ومناقشة أبرز القضايا التى تُعد محل اهتمام بالنسبة للمسلمين فى شتى بقاع الأرض، لتستهل تلك الخطوة بعقد مؤتمرها الدولى الأول يومى 17 و18 أكتوبر تحت عنوان «التأهيل العلمى والافتائى»، والمؤتمر الثانى بعنوان «دور الفتوى فى استقرار المجتمعات»، والثالث تحت شعار «التجديد فى الفتوى بين النظرية والتطبيق»، والمؤتمر الرابع «التجديد فى الفتوى بين النظرية والتطبيق»، وفى العام الخامس بعنوان «الإدارة الحضارية للخلاف الفقهى»، والمؤتمر السادس «مؤسسات الفتوى فى العصر الرقمى.. تحديات التطوير وآليات التعاون»، والمؤتمر السابع «الفتوى وأهداف التنمية المستدامة»، والمؤتمر الثامن «الفتوى وتحديات الألفية الثالثة»، وأخيراً المؤتمر التاسع، الذى تنطلق أعماله اليوم ويحمل شعار «الفتوى والبناء الأخلاقى فى عالم متسارع». إحدى الجلسات السابقة لمؤتمر الإفتاء العالمى «صورة أرشيفية»أزهريون ودعاة: سيرسّخ المعانى الصادقة لمفهوم حقوق الإنسان وزير الأوقاف: يسعى إلى استنهاض همّة العلماء والباحثين.. و«جمعة»: سيضع حداً لفوضى الفتاوى وفق أسس ومعايير علميةأشاد دعاة وأزهريون ووزراء بدور المؤتمر العالمى للإفتاء فى ما يتعلق بجوانب الفتوى وآلياتها ومغزاها. وأكد الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، أنّ مؤتمر «الفتوى والبناء الأخلاقى فى عالم متسارع» الذى تُنظمه دار الإفتاء فى الفترة من 29 إلى 30 يوليو 2024 برعاية من الرئيس عبدالفتاح السيسى، يُسهم فى نشر الوعى الدينى والفكرى وتصحيح المفاهيم المغلوطة، لافتاً إلى أن غياب القيم والأخلاق الإنسانية والدينية يحتاج إلى وقفة من صانعى القرار والقيادات الدينية، وأن تدهور منظومة القيم والأخلاق يُهدد السلم الاجتماعى والأمن الدولى.
وأشار «الأزهرى»، فى بيان أمس، إلى أن المؤتمر يسعى إلى استنهاض همّة العلماء والباحثين وأصحاب الرأى والفكر فى العالم لبعث هذا الأمل والقيام به فى الواقع، لأن المؤسسات الدينية والإفتائية تستطيع أن تلعب دوراً مهماً فى قضية الإصلاح الأخلاقى وترسيخ المعانى الصادقة لمفهوم حقوق الإنسان، التى تنبثق فى الأساس من المقاصد العليا للأديان. وتابع: «يمثل ريادة مصرية، حيث تقوم دار الإفتاء بحشد هذا العدد من الخبراء والعلماء من جميع أنحاء العالم، مما يبرز المكانة الرفيعة للدار ودورها الإصلاحى والتنويرى فى الداخل والخارج، وأنهم يملكون الآليات وأدوات التأثير التى تمكنهم من إحداث حراك إيجابى فى العالم فى مجال القيم الأخلاقية والروحية لتسود العالم كله».
من جانبه، قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء فى الأزهر الشريف، إن «المواطنين اكتووا بنار فتاوى الضلال التى زعزعت أمن واستقرار المجتمعات، وأشاعت الكراهية بين الناس، وبرّرت القتل والذبح، وحوّلت حياة الناس إلى جحيم، مما يجعلنا فى أمس الحاجة إلى مثل هذه المؤتمرات، التى تناقش هذه الظاهرة بصورة علمية للخروج بنتائج قابلة للتطبيق على أرض الواقع»، مضيفاً: «مؤتمر الإفتاء سيضع حداً لفوضى الفتاوى وفق أسس ومعايير علمية منضبطة، وأساليب تتماشى مع متطلبات العصر وتواكب التطور الحادث فيه».
وقال الداعية الإسلامى الحبيب الجفرى، إن المؤتمر دليل على أن مصر هى المرجعية السنية الوحيدة، وأن مصر الأزهر هى منارة العلم، مشيراً إلى أن دار الإفتاء لها تجربة تدريب المفتين منذ عهد الدكتور على جمعة المفتى السابق، حيث قامت بتدريب المفتين، وجاء الدكتور شوقى علام واستكمل نشر الفتوى بعدة لغات أجنبية.
من جهته، أشاد الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بجهود دار الإفتاء، مثمّناً الجهود التى يبذلها الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية والأمين العام لهيئات الإفتاء فى العالم. وتابع: «ارتباط الفتوى بالبناء الأخلاقى، هذه هى قصة الدين الصواب أو الوسطية الصحيحة، لأن الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، ما بُعث إلا لإتمام مكارم الأخلاق وليس للعبادات، فانتباه دور وهيئات الإفتاء فى العالم تحت ريادة وأمانة دار الفتوى المصرية وممثلها، سماحة المفتى هو الوجه المستنير للوسطية فى العالم».
وقال الشيخ خالد الجمل، الداعية الإسلامى والخطيب بالأوقاف، إن المؤتمر، الذى تستضيفه مصر، يأتى فى توقيت مهم جداً وحسّاس للغاية وله دلالات مهمة، إذ إن شعاره «الفتوى والبناء الأخلاقى» يبعث برسالة على الصعيدين الدولى والدعوى، وهى أن صحة الفتوى لا تنفصل عن مكارم الأخلاق. وتابع: «هنا يجب أن أشير إلى ما أكدته القيادة السياسية وما تدعمه توجّهات المؤسسات الدينية الثلاث الأزهر والأوقاف والإفتاء، لاسيما فى مؤتمرها هذا، وهو حرصها الدائم على دعم القضية الفلسطينية بكل ما تستطيعه فى إطار الشرعية الدولية والأسس، التى سيؤكدها هذا المؤتمر المبارك للإفتاء».
ولفت «الجمل» إلى أن أهم ما سيُحققه هذا المؤتمر العالمى التاسع للإفتاء، هو قطع الطريق على تلك الأصوات التى قد تسوق للهمجية والتطرّف فى الفتوى بغير أسس علمية، وبعيداً عن جماعة المسلمين المعتبرة، حيث قال تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، مضيفاً: «فليس كل من جمع وحفظ العلم يصلح للفتوى، إنما للفتوى معايير خاصة يجب أن يراعيها المفتى فى فتواه قد لا تتوافر فى تلك الجماعات التى تصدر فتاواها العشوائية دون ضوابط علمية، لذلك فإن الفتوى الصحيحة تكون فى عصرنا الحالى من خلال مؤسساتنا الدينية الموقّرة، حيث دائماً ما تحاول تلك الجماعات المتطرّفة تسويق فتاواها التى تخدم فى المقام الأول تلك الأجندات السياسية الخاصة لها، حتى لو نتجت عن ذلك إشاعة الهمجية والفوضى والعنف والتطرف، بما يضر بسمعة الإسلام». الأزهرى جمعة الجندىالمؤتمر العالمى للإفتاء
تنظمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، التى تأسست عام 2015
انطلقت النسخة الأولى للمؤتمر فى شهر أكتوبر من عام 2016
يشارك فى المؤتمر علماء ومفتون ووزراء من أكثر من 104 دول
يشهد المؤتمر مشاركة أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، وعددهم 85 عضواً
سيشهد المؤتمر إطلاق أول ميثاق إفتائى عالمى للقيادات الإفتائية والدينية فى صُنع السلام ومكافحة خطاب الكراهية وحل النزاعات
أهداف المؤتمر تتمحور حول تعزيز الوعى والتفاهم العالمى بأهمية الفتوى الرشيدة
تعزيز دور المنظمات الدولية والإقليمية فى تمكين الأخلاق والقيم الإنسانية وتنفيذها
تعزيز التوازن بين السيادة الوطنية للدول والالتزام بالأخلاق الإنسانية القويمة
إبراز الأرضية الأخلاقية المشتركة للتعاون بين مؤسسات الفتوى والمنظمات الدولية
يتضمن مؤتمر الإفتاء العالمى مناقشة 3 محاور رئيسية
تُعقد على هامش المؤتمر عدة لقاءات واجتماعات وورش عمل
أبرز الشخصيات فى المؤتمر الدكتور عبدالرحمن الزيد نائب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى، والدكتور قطب سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامى
سيشهد المؤتمر إطلاق أول ميثاق إفتائى عالمى للقيادات الإفتائية والدينية فى صُنع السلام ومكافحة خطاب الكراهية وحل النزاعاتد. إبراهيم نجم: المؤتمر يعزز دور الفتوى فى تحقيق التوازن بين السيادة الوطنية والالتزام بالأخلاق القويمةأمين «هيئات الإفتاء فى العالم»: تحديات العصر تتطلب مواكبة التغيرات والتفاعل معها بحكمة ومرونة نعيش مرحلة تعكس الحاجة الملحة إلى استجابة دينية مبتكرة ومتجددة وتحقق دورها فى توجيه الأمة والعالم نحو مستقبل أفضلأكد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن تحديات العصر تتطلب توجيهاً دينياً قادراً على مواكبة التغيرات والتفاعل معها بحكمة ومرونة، مشيراً إلى أن المؤتمر العالمى التاسع للإفتاء يعزز دور الفتوى فى تحقيق التوازن بين السيادة الوطنية والالتزام بالأخلاق الإنسانية القويمة. وقال «نجم»، خلال حواره مع «الوطن»، إن الفتوى تلعب دوراً حيوياً فى مكافحة الإرهاب العالمى من خلال تقديم التوجيهات الدينية التى ترفض العنف والتطرف وتدعم قيم السلام والتسامح، منوهاً بأن تعاون المؤسسات الإفتائية على مستوى العالم يمكنه إصدار فتاوى موحدة ترفض الإرهاب وتدين الأعمال العنيفة.
أجرت الحوار: رؤى ممدوح ما أهمية عقد المؤتمر العالمى التاسع للإفتاء فى هذه الفترة؟
- المؤتمر العالمى التاسع للإفتاء يعقد فى فترة زمنية تحمل أهمية كبيرة نظراً للتحديات المتسارعة والتحولات العميقة التى يشهدها العالم، فنحن نعيش فى عصر تتسم فيه الأحداث بالتعقيد والتداخل الشديد بين المجالات المختلفة على المستوى العالمى، سواء كانت اجتماعية أو تكنولوجية أو سياسية أو اقتصادية. وهذه الظروف تستدعى وجود توجيه دينى قادر على مواكبة هذه التغيرات والتفاعل معها بحكمة ومرونة.
ما الدور الذى تلعبه الفتوى فى إرساء منظومة القيم الأخلاقية؟
- تلعب الفتوى، كأداة توجيه دينى رئيسية، دوراً حيوياً فى إرساء منظومة القيم الإنسانية والأخلاقية المشتركة التى تحتاجها المجتمعات فى الوقت الحاضر أكثر من أى وقت مضى، وفى ظل العولمة والانفتاح على ثقافات وأفكار مختلفة يصبح تعزيز الفهم الصحيح للإسلام وأخلاقه ضرورة ملحة لمواجهة التحديات الأخلاقية والاجتماعية التى تفرضها هذه البيئة المتغيرة.
ويأتى هذا المؤتمر ليعزز دور الفتوى فى تحقيق التوازن بين السيادة الوطنية والالتزام بالأخلاق الإنسانية القويمة، وهذا التوازن ضرورى لضمان احترام حقوق الإنسان والمبادئ الأخلاقية العالمية، مع الحفاظ على خصوصية كل دولة وثقافتها، من خلال تعزيز الوعى العالمى بأهمية الفتوى الرشيدة، ويسعى المؤتمر إلى توجيه المجتمعات نحو تبنى القيم الأخلاقية التى تسهم فى بناء مجتمعات أكثر تماسكاً واستقراراً، علاوة على ذلك، يهدف المؤتمر إلى تفعيل دور المنظمات الدولية والإقليمية فى تعزيز وتنفيذ هذه القيم، ما يبرز أهمية الفتوى فى تحقيق السلم والاستقرار على مستوى العالم، هذا التوقيت بالذات يعكس الحاجة الملحة إلى استجابة دينية مبتكرة ومتجددة تسهم فى مواجهة التحديات المعاصرة وتحقيق دورها الريادى فى توجيه الأمة الإسلامية والعالم بأسره نحو مستقبل أفضل يستند إلى القيم الأخلاقية الراسخة.
كيف يمكن لورش العمل المنعقدة خلال المؤتمر الإسهام فى تعزيز دور القادة الدينيين؟
- ورش العمل المنعقدة خلال المؤتمر تلعب دوراً محورياً فى إبراز وتعزيز دور القادة الدينيين، من خلال توفير منصات تفاعلية وتدريبية تسهم فى تطوير مهاراتهم القيادية وتعزيز فهمهم للقضايا المعاصرة، وتقدم هذه الورش بيئة تعاونية يتمكن فيها القادة الدينيون من تبادل الأفكار والخبرات، ما يسهم فى بناء شبكة قوية من العلاقات المهنية والدينية التى تدعم عملهم فى مجتمعاتهم. وتسهم ورش العمل فى تعزيز دور القادة الدينيين من خلال توفير تدريب متخصص على القضايا الأخلاقية المعاصرة وتحدياتها، وتتيح ورش العمل للقادة الدينيين فرصة للتعمق فى موضوعات مثل العولمة، التعددية الثقافية، والتحديات البيئية، وكيفية تقديم فتاوى تتماشى مع هذه القضايا، ويعمل هذا التدريب على تعزيز قدرة القادة الدينيين على تقديم إرشادات مبنية على فهم دقيق ومعاصر للتحديات التى تواجه مجتمعاتهم.
كيف يمكن التنسيق بين المؤسسات الإفتائية والقادة الدينيين لتعزيز القيم الأخلاقية؟
- التنسيق بين المؤسسات الإفتائية والقادة الدينيين يعد ضرورياً لتعزيز القيم الأخلاقية فى المجتمعات الإسلامية والعالمية، وهذا التنسيق يتيح تبادل الأفكار والخبرات بين مختلف المؤسسات والقادة الدينيين، ما يسهم فى تقديم فتاوى متسقة وموحدة تعزز من القيم الأخلاقية. ومن خلال التعاون المشترك يمكن لهذه المؤسسات تقديم توجيهات تتماشى مع المبادئ الإسلامية وتلبى احتياجات المجتمعات المعاصرة، أحد الأساليب التى يمكن من خلالها تعزيز هذا التنسيق هو إنشاء لجان مشتركة وفرق عمل متخصصة تركز على قضايا أخلاقية محددة، وهذه اللجان يمكن العمل على تطوير استراتيجيات مشتركة لتطبيق القيم الأخلاقية فى مختلف المجالات، مثل التعليم، الصحة، والعدالة الاجتماعية، فمن خلال العمل الجماعى يمكن تقديم حلول عملية ومبتكرة تعزز من القيم الأخلاقية فى المجتمع.
كما يمكن للتنسيق بين المؤسسات الإفتائية والقادة الدينيين الإسهام فى مواجهة التحديات الأخلاقية المشتركة مثل التطرف والإرهاب، وهو ما تقوم به الأمانة العامة لدور هيئات الإفتاء فى العالم، ومن خلال التعاون وتبادل المعلومات يمكن لهذه المؤسسات تقديم فتاوى توضح موقف الإسلام من هذه القضايا وتعزز من قيم التسامح والسلام، ويساعد هذا التنسيق فى بناء مجتمع أكثر استقراراً وتوازناً يعتمد على القيم الأخلاقية الإسلامية، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتنسيق تعزيز التوعية والتعليم حول القيم الأخلاقية. فمن خلال تنظيم برامج تعليمية وورش عمل مشتركة يمكن للمؤسسات الإفتائية والقادة الدينيين نشر المعرفة حول القيم الأخلاقية وأهميتها فى الحياة اليومية، فهذا الجهد التوعوى يساعد فى بناء جيل جديد يعى أهمية القيم الأخلاقية ويعمل على تطبيقها فى حياته.
ما الدور المأمول للفتوى فى مكافحة الإرهاب العالمى؟
- الفتوى تلعب دوراً حيوياً فى مكافحة الإرهاب العالمى من خلال تقديم التوجيهات الدينية التى ترفض العنف والتطرف وتدعم قيم السلام والتسامح. الدور المأمول للفتوى فى هذا السياق يتمثل فى توضيح الموقف الإسلامى الصحيح من قضايا الإرهاب والتطرف، ونشر الفهم الصحيح للتعاليم الإسلامية التى تحرم الاعتداء على الأبرياء وتدعو إلى العدل والرحمة، كما أن الفتاوى التى تصدرها المؤسسات الإفتائية يمكن أن تكون أدوات فعالة لتفكيك الفكر المتطرف من خلال تقديم بدائل دينية صحيحة ومعتدلة، فالفتاوى تسهم فى توعية الشباب بمخاطر التطرف وتوجيههم نحو فهم صحيح للإسلام يقوم على الوسطية والاعتدال. ومن خلال التعاون بين المؤسسات الإفتائية على مستوى العالم، يمكن إصدار فتاوى موحدة ترفض الإرهاب وتدين الأعمال العنيفة، ما يعزز من الرسالة العالمية للإسلام كدين سلام، وهذه الفتاوى يمكن أن تدعمها حملات توعوية وبرامج تعليمية تهدف إلى نشر القيم الإنسانية والإسلامية الصحيحة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للفتوى أن تدعم الجهود الحكومية والدولية فى مكافحة الإرهاب من خلال تقديم إرشادات حول كيفية التعامل مع الجماعات المتطرفة، وتوفير الدعم النفسى للمتضررين من الإرهاب. وكذلك التعاون مع السلطات الأمنية والاجتماعية يمكن أن يعزز من فاعلية الفتاوى فى مواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه.
ماذا عن إبراز الدور البنّاء للفتوى فى مكافحة التجاوزات الأخلاقية للذكاء الاصطناعى؟
- يمكن ذلك من خلال مناقشة وتقديم توجيهات شرعية حول استخدامات الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته فى المجتمع، كما يمكن تنظيم جلسات وورش عمل تركز على القضايا الأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعى، مثل الخصوصية، الأمان، والتحيز، وكيفية توجيه استخدام هذه التكنولوجيا بطرق تتماشى مع القيم الإسلامية، وإحدى الطرق التى يمكن للمؤتمر من خلالها تحقيق ذلك هى من خلال إصدار فتاوى متخصصة توضح المواقف الشرعية حول استخدامات الذكاء الاصطناعى، وتقديم إرشادات حول كيفية التعامل مع هذه التكنولوجيا بما يضمن الحفاظ على القيم الأخلاقية والإنسانية.التواصل مع الجماهيرورش العمل بالمؤتمر تقدم آليات لتطوير مهارات الاتصال والإعلام لدى رجال الدين، وفى عصر تتزايد فيه أهمية وسائل الإعلام الرقمية، يصبح من الضرورى للقادة الدينيين أن يكونوا قادرين على التواصل بفاعلية مع جمهورهم عبر مختلف المنصات، إذ تساعدهم ورش العمل فى اكتساب مهارات استخدام التكنولوجيا والتواصل الرقمى، ما يعزز من قدرتهم على نشر رسالتهم والوصول إلى جمهور أوسع. كما تسهم ورش العمل فى تعزيز الوعى بأهمية التعاون والتنسيق بين المؤسسات الدينية والإفتائية على المستويين المحلى والدولى، من خلال مناقشات وجلسات عمل مشتركة، يتعلم القادة الدينيون كيفية العمل معاً لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز القيم الأخلاقية الإسلامية فى مختلف المجتمعات.
الفتوى تلعب دوراً حيوياً فى مكافحة الإرهاب وتدعم قيم السلام والتسامح.. ونسعى لإصدار فتاوى متخصصة توضح المواقف الشرعية حول استخدامات الذكاء الاصطناعى وتقديم إرشادات لضمان الحفاظ على القيم الإنسانية