محمود فوزي السيد يكتب: ماجدة الرومي وكاظم الساهر «في حب مصر» موهبة رسم خريطة حفلات «العلمين»

عندما وقفت السيدة ماجدة الرومى على خشبة مسرح مهرجان العلمين تتغنى فى حب مصر وهى محتضنة لعلم مصر وتقول: «سعيدة إن أنا بمصر اللى بحبها.. مصر اللى برتاح فى حضنها.. فرحانة بسماها وأرضها وأهلها وفنها.. الله يديم إلى الأبد مجد مصر».

وعندما وجَّه كاظم الساهر رسالته فى حب مصر التى ألقاها على الجميع فى حفله هو الآخر فى مهرجان العلمين قائلاً: «شكراً إن مصر حولت هذه المنطقة من مدينة حرب وألغام إلى مهرجانات ثقافية رائعة بهذا المستوى العظيم الكبير».

مشاعر صادقة كنا شهداء عليها خرجت من قلب فنانين كبيرين بعفوية شديدة مصدرها الوحيد مكانة خاصة لبلد يعشقانه فى قلبيهما.

فلكل منهما قصته الخاصة التى يرويها عن الحب المتبادل مع الجمهور المصرى منذ سنوات طويلة؛ يعلمان أهمية مصر وشعبها فى صناعة جزء كبير من تاريخهما الفنى الطويل؛ حفلاتهما هنا دائماً ما تلقى صدى عربياً واسعاً؛ مسارح ممتلئة عن آخرها بجمهور يعى جيداً قيمة الفن المحترم ويقف خلفه مسانداً بكل الإمكانيات والدعم.. وهو طبعه؛ يؤمنان أن العبور إلى آذان وقلوب الجمهور العربى كاملاً لا يأتى إلا من بوابة الجمهور المصرى.. وهو قدره.

وقفت السيدة ماجدة الرومى تتغنى بأيقونة الأغنيات الوطنية لعبدالحليم حافظ «أحلف بسماها وبترابها» أحد إبداعات الراحلين عبدالرحمن الأبنودى وكمال الطويل؛ غنتها وهى محتضنة لعلم مصر تعبيراً منها عن تقدير يتبعه حب ثم فرحة بلقاء كل هذا الجمهور فى مهرجان يثبت يوماً بعد الآخر أنه على الطريق الصحيح للتربع على عرش وقمة المهرجانات الثقافية والفنية فى المنطقة رغم أنه يعيش عامه الثانى فقط؛ ولأكثر من ساعة ونصف وبصحبة المايسترو المصرى العالمى نادر عباسى غنت أيقونة الغناء اللبنانى السيدة ماجدة الرومى كما لم تغنِّ منذ سنوات فى مصر؛ علمت بمجرد صعودها على المسرح أنها أمام ليلة استثنائية فى مكان تحول من مدينة ألغام إلى وجهة سياحية عالمية، وهو ما قالته أثناء وجودها على المسرح.

وقبلها بيوم واحد كان الفنان الكبير كاظم الساهر على موعد مؤجل منذ سنوات للقاء الجمهور المصرى الذى وصفه بأن علاقته به «علاقة عجيبة» وأنه كان دائماً المدافع عنه واحتضنه منذ قدومه إلى مصر لأول مرة فى العام 1995 فى حفل ليالى التليفزيون؛ لم ينسَ كاظم الساهر ما فى قلوب الجمهور المصرى من تقدير وحب له فراح يبدع فى غناء أغنياته التى يحفظها الجمهور عن ظهر قلب وظل يرددها خلفه؛ حتى جاء الوقت لغناء رائعته «أشكيك لمين» التى قدمها كأول لحن لكلمات باللهجة المصرية يقدمها فى تاريخه، وكان ذلك فى العام 1998 من كلمات الشاعر الكبير الراحل عبدالوهاب محمد؛ وهى الأغنية التى حققت ومازالت تحقق النجاح مع كل مرة يقدمها فيها الساهر، سواء أمام الجمهور فى مصر أو فى كل حفلاته فى أنحاء العالم العربى.

ليلتان أرى فيهما تجسيداً لأحد أهداف مهرجان بلدنا «مهرجان العلمين» الذى يمضى فى طريق صحيح نحو التحول إلى وجهة منشودة لكل المطربين العرب كما كانت مهرجانات مصر الثقافية والفنية طوال تاريخها.. ثم تأتى تلك الليالى لإثبات موهبة القائمين على وضع أجندة حفلات المهرجان وقدرتهم الكبيرة على صناعة ورسم خريطة تتحمل فى ملامحها وخطوطها العريضة مهمة الحفاظ على الهوية الموسيقية العربية بوجود نجوم كبار ومطربين من العيار الثقيل أمثال ماجدة الرومى وكاظم الساهر؛ جنباً إلى جنب مع المطربين الشباب ومطربى «البوب» و«التراب» وفرق موسيقى «الأندر جراوند» لتحقيق التوازن ما بين الأصالة والحداثة على خشبة مسرح واحد، وهى مهمة لو تعلمون عظيمة وتتطلب بالتأكيد شهوراً طويلة من التفكير والعمل والتنفيذ حتى تحقق كل هذا الإبهار لمهرجان لا تُترك فيه أى تفصيلة كبيرة كانت أو صغيرة للصدفة.