حتى تخفف الحكومة آثار قرار رفع الدعم

حسين القاضى

حسين القاضى

كاتب صحفي

قرر المختصون بوزارة البترول والمالية مراجعة وتحديد أسعار بيع بعض المنتجات البترولية، وبدراسة الظروف الاقتصادية العالمية وفى القلب منها تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، التى أدت إلى ارتفاع أسعار خام برنت بصورة مذهلة، وفى ضوء إجراءات الإصلاح الاقتصادى ومنها إجراءات تحرير سعر الصرف، قرر المختصون زيادة أسعار البنزين والسولار، وصار القرار حديث الشارع المصرى، لما يترتب عليه من زيادات جديدة فى أسعار المواصلات وكافة السلع والمنتجات الغذائية، يضاف إلى الصعوبات السابقة التى تحملها المواطن، وأثرت على ظروف معيشته فى ظل المعاناة الاقتصادية الشديدة.

هناك تطورات خطيرة شهدها ملف النفط والطاقة العالمى منذ سنوات، لا سيما أن سوق النفط العالمية كغيرها من الأسواق مرتبطة ببعضها، حيث إن تأثر سعر النفط العالمى سيؤثر على أسعار المنتجات البترولية فى العالم كله، ومن الطبيعى أن تتأثر مصر -كبقية دول العالم- بهذه الارتفاعات، كما أن الحرب الغاشمة على غزة وما صاحبها من توترات فى البحر الأحمر وتأثر حركة الملاحة والشحن، أكدت المخاوف العالمية من أزمة الطاقة واتساع الصراع، وتفاقم أزمة الوقود عالمياً.

جهود الدولة المصرية وكيف تتحمل الدولة عبئاً مالياً بدعم المواد البترولية، وقدرتها على توفير المنتجات المحلية، وقدرتها على ضبط الأسواق والرقابة الصارمة التى تقلل من أثر رفع الدعم، سؤال محل نقاش وحوار بين المتخصصين، فرفع الدعم عن المواد البترولية لم يكن غريباً ولا مفاجئاً، وهو قرار حكومى تطبقه الحكومة المصرية تباعاً، فليس فى الأمر غرابة أو مفاجأة، وفى عهد حكم الإخوان كانوا يرون عدم رفع الدعم خيانة للوطن.

ويختلط الأمر فى كل مرة يتم فيها رفع الدعم، فهناك المتحمس الانفعالى، وهناك من يدافع عن القرار جملة، وهناك من يعترض على القرار دون أن يقدم بديلاً، وهناك من يقارن الوضع فى مصر بعدد من الدول الأخرى التى تتشابه ظروفها مع مصر، فأسعار البنزين فى دول فقيرة كالهند وزيمبابوى ووسط أفريقيا وأوغندا وبوروندى، ودولة مثل نيجيريا، وهى أكبر مصدر للبترول فى أفريقيا، وبمقارنة أيضاً بين سعر البنزين والسولار فى تونس وعمان ولبنان والجزائر والعراق والمغرب، يتبين من الأرقام المنشورة وتعليقات الخبراء أن ارتفاع أسعار المواد البترولية فى هذه الدول ربما يفوق مصر، وأن هذه الدول رفعت الدعم، باعتباره الحل الأمثل الضرورى، بديل الاقتراض، والمقارنات وإن كانت دالة على صحة الإجراءات من الحكومة، إلا أنها لا بد أن تراعى كافة الجوانب والاختلافات والظروف.

لست متخصصاً فى الملف الاقتصادى، وإنما أكتب كمواطن يريد التقدم والنهضة لوطنه، ويريد وضع الأمور فى نصابها بعيداً عن الحماس والتهويل، وبعيداً عن التبرير والتجميل، وكمواطن يرى بعينيه الظروف المعيشية الصعبة التى يعانى منها المواطن، وكيف أن هذه الظروف تحتاج إلى من يطبطب على المواطن، ويخفف من أزمته، ويفتح له أُفقاًً من التسهيل والتيسير ورفع المعاناة، وأرى أن المشكلة ليست فى رفع الدعم بذاته، وإنما فى قضية ضبط الأسواق، وفى أهمية مراقبة التجار، وفى أهمية التخفيف عن المواطن فى مصالح أخرى متعددة، وفى الضرب بيد من حديد على من يستغلون هذا الوضع للتكسب من ورائه، وما إلى ذلك، وفى المقابل فإن أى تكلفة يجب أن يكون لها عائد يقابل النفقات، حيث يمثل بند الدعم خسارة على الدولة، والغرض الأساسى من رفع الدعم إجراء تصحيحات للتشوهات السعرية، فالدعم يؤدى بالتبعية إلى سوء تخصيص الموارد، كما أن رفع الدعم يحتاج إجراءت موازية صارمة لضبط الأسواق، وتخفيف المعاناة، لتقليل آثار القرار على المواطن.