إيمان مرجان تكتب: أبي.. رسول القراءة إلى بيتنا

كتب: الوطن

إيمان مرجان تكتب: أبي.. رسول القراءة إلى بيتنا

إيمان مرجان تكتب: أبي.. رسول القراءة إلى بيتنا

كان عمري وقتها 4 سنوات أو يزيد قليلا، كنا في بيت جدتي القديم بمدينة الزقازيق في محافظة الشرقية، كنت وأخوتي بانتظار قدوم أبي لقضاء إجازته الأسبوعية معنا، واكتشاف الهدية الجديدة التي يأتي بها إلينا، كنا نتراهن. اليوم أبي سيأتي بمجلد ميكي الذي طلبناه منه، أو مجلة علاء الدين الأسبوعية، وكنت دائما أربح الرهان ويأتي أبي بما توقعت.

كنت أكبر أخوتي، ولم يكن أيٌّ منّا قادرًا على القراءة بعد، كان صوت أبي الحنون نبراسنا نحو عالم الكتب، كان يُحكي لنا قصصًا من التاريخ والأساطير، ويُعلمنا دروسًا عن الحكمة والفلسفة، كان قارئا نهما وبئرا من المعرفة والثقافة لا ينضب، رغم قلة حظه في التعليم.

أبي -رحمة الله عليه- كان يرى أنّ القراءة مفتاح النجاح والسعادة، بإمكانها أن تُثري العقل وتُنمّي المهارات وتُوسّع الآفاق، كانت الجرائد أهم طقوسه اليومية، يقرأ ويُحلل ثم يشرح ويفنّد. كنا ننظر إليه فاغرين أفواهنا لا نعي شيئًا مما يقول، لكنه دون أن يدري نقل لنا حب القراءة والكتب، ودون أن يشعر جعل رائحة الورق المهترئ هي الأقرب إلى قلوبنا.

المكتبات العامة كانت بابًا آخر عزّز حب المعرفة داخلنا، دفعنا إليها والدي لننهل من العلم ما استطعنا سبيلا، لم أكن مضطرة لـ«تحويش مصروفي» لشراء كتاب جديد أو مجلة، أرفف كثيرة متراص عليها كتب في العلوم كافة، كنت أنهل منها في أي وقت وفي كل وقت.

بفضل والدي، أصبحت القراءة جزءًا مهما مني، ففي كلّ كتاب قرأته، أُعيد اكتشاف نفسي، وأُثري تجاربي، كان أبي جزءًا أصيلًا في رحلتي المعرفية، نتشارك الاهتمام ذاته، ونرى الكتاب صديقًا لا يُمل منه، ومُعلّمًا لا يُخطئ، وبحرًا لا ينضب، شكرًا أبي على كلِّ شيء.