لأول مرة.. تقرير الطب الشرعى لـ"فرج فودة": مات أثناء نقله للمستشفى

كتب: إمام أحمد

لأول مرة.. تقرير الطب الشرعى لـ"فرج فودة": مات أثناء نقله للمستشفى

لأول مرة.. تقرير الطب الشرعى لـ"فرج فودة": مات أثناء نقله للمستشفى

من بين 29 شهادة فى القضية، كانت أقوال الشاهد التاسع هى «الأكثر أهمية»، إلى جانب شهود واقعة الاغتيال، الشاهد أشرف على محمد، أمين الشرطة، الذى أمسك بالمتهم الأول. «أشرف» الذى يبلغ 22 عاماً فى شهادته أمام النيابة، أوضح أنه أثناء وجوده بالمنطقة، بصحبة أمينى شرطة آخرين، تناهى إلى سمعهم صوت إطلاق أعيرة نارية من اتجاه شارع خضر التونى، وبتوجههم إلى المكان تبين حدوث تصادم بين سيارتين، إحداهما ماركة فولفو حمراء (سيارة فرج فودة) والأخرى ماركة نصر 128، ودراجة بخارية سوداء اللون (خاصة بالإرهابيين)، مشيراً إلى أنه شاهد المتهم «عبدالشافى» ملقى على الأرض، وقد أمسك به الأهالى الموجودون، وعثر معه على طبنجة عيار 9 مم، و18 طلقة، وشاهد فى الوقت نفسه شخصاً آخر ممسكاً بسلاح آلى ويطلق منه أعيرة نارية عشوائياً متجهاً لشارع يوسف عباس، فقام بإطلاق عدة أعيرة نارية فى الهواء لإرهابه، وبعد ذلك علم من الأهالى أن الشخصين قتلا «فودة» قبل قليل. ذكر تقرير الكشف لجثمان الدكتور فرج فودة، بعد وفاته، أنه وصل إلى المستشفى السابعة مساء، وكان يعانى من جروح نافذة إثر طلقات نارية بالبطن، 4 إصابات من الجهة اليمنى، ومنها واحدة فى منطقة السرة، وأيضاً بالذراع اليمنى وجرح آخر فى الفخذ من أعلى الجانب الأيمن، وأضاف التقرير أنه عند حضوره كان يعانى من شبه غيبوبة وتم عمل الإسعافات اللازمة والسريعة، ووجد أنه يعانى من نزيف شديد داخلى إثر تهتك شديد بالجزء الأيمن من الكبد، والكلى اليمنى، والقولون، وعدة تهتكات متفرقة بالأمعاء الدقيقة، وكدمة دموية كبيرة إثر تهتك بالعضلات الخلفية لجدار البطن من الداخل. وحول خطوات الجراحة، قال التقرير: «تم استئصال القولون الصاعد، وأجزاء من الأمعاء الدقيقة والعضلات المتهتكة بجدار البطن الخلفى والداخلى والخارجى بالجهة اليسرى، وتوصيل الأمعاء الدقيقة ببعضها، وتوصيلها مع القولون، وحشو الكبد لوقف النزيف»، وأشار إلى أنه أثناء الجراحة توقف القلب عن العمل إثر النزيف الشديد، وتم إجراء صدمات للقلب خارجياً، وحقنه بالحقن المنشطة له، ولكن لزم فتح الصدر وتدليك القلب مباشرة وتركيب أنبوبة بالصدر. وجاءت النقطة الأهم فى نهاية التقرير الطبى، مع الإشارة إلى تقرير نقل «فودة» بالرعاية المركزة لمستشفى عين شمس التخصص، بناءً على توصية الدكتور حمدى السيد، وطاقم الأطباء الجراحين المعالجين، وهم: «د. يسرى الجندى، ود. مدحت خفاجى، ود. عاطف المهدى، ود. إسماعيل الهلالى، ود. أحمد خالد، إضافة للدكتور شريف مصطفى طبيب التخدير»، مع الأخذ فى الاعتبار خطورة النقل، مضيفاً: «وقد حدث أثناء خروج المريض من حجرة العمليات أن توقف القلب فجأة عن العمل، وفشلت كل محاولات إعادته للعمل، وتوفى المريض فى تمام الساعة الواحدة والنصف من صباح اليوم التالى». فى المقابل، كانت الحالة «مستقرة وجيدة» بحسب التقرير الطبى، بالنسبة لـ«أحمد» و«وحيد»، الابن والصديق اللذين كانا يلازمان «فودة» لحظة إطلاق الأعيرة النارية، حيث ذكر التقرير أن الأول كان يعانى من نزيف بالظهر والقدم اليسرى، وكسر مضاعف بالثلث الأسفل للساق اليسرى، مع وجود جرحين نافذين خلف وأمام الساق يمثلان مدخلاً ومخرجاً لمقذوف نارى لم يعد موجوداً بالجسم، إضافة لوجود مقذوف نارى مستقر أسفل الظهر على الناحية اليسرى، وقرر اللواء طبيب محمد وفائى رمضان، استشارى جراحة العظام، عدم التدخل الجراحى لاستخراج المقذوف لوجوده بجوار العمود الفقرى دون مضاعفات، وأن محاولة استخراجه فى وقتها كانت تمثل خطورة أكثر من بقائه دون تدخل، وتقرر استمرار احتجازه بالمستشفى تحت العلاج، فيما تقرر مغادرة «وحيد» المستشفى فى اليوم نفسه، بعد إجراء الإسعافات اللازمة لجرحين نافذين أعلى الفخذ الأيمن، يمثلان مدخلً ومخرجاً لمقذوف نارى لم يعد موجوداً داخل الجسم. بعد انتهاء التحقيقات، والاستماع لاعترافات المتهمين الـ13، وأقوال الشهود الـ29، أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ، برئاسة المستشار محمد عبدالحميد البحر، حيثيات حكمها فى 97 صفحة، بالقضية التى حملت رقم 6538 لسنة 1992 جنايات مدينة نصر، وأوضح رئيس المحكمة أن هيئة العدالة لا تطمئن إلى جناية الاتفاق الجنائى المسندة إلى المتهمين الخمسة الأوائل، ودور كل منهم فيها، وكذا تهمتى السرقة والإيواء والتستر المسندة إلى المتهمين الثلاثة الآخرين، وتهمتى تزوير بعض أختام الجهات الحكومية واستخدامها بغير حق استعمالاً ضاراً بالمصلحة العامة المسندة إلى المتهم الرابع. وبعد الانتهاء من حيثيات الحكم، أسدل القاضى الستار على قضية اغتيال المفكر الكبير الدكتور فرج فودة، فى جلسة الخميس الموافق 30 ديسمبر 1993، بعد عام ونصف العام من التحقيقات وعقد جلسات المحاكمة، قائلاً: حيث إنه متى كان ما تقدم؛ فإن موازين قرينة البراءة تكون قد ثقلت، بينما خفت موازين أدلة الاتهام، وبناءً عليه حكمت المحكمة: بإجماع الآراء بمعاقبة «عبدالشافى أحمد محمد رمضان» بالإعدام، ومعاقبة «أبوالعلا محمد عبدربه» بالإشغال الشاقة لمدة 15 عاماً، ومعاقبة «على حسن على» بالإشغال الشاقة لمدة 10 سنوات، ومعاقبة «باسم محمد خليل» بالسجن لمدة 3 سنوات وتغريمه مائة جنيه، وأخيراً براءة كل من «صفوت أحمد عبدالغنى، ومنصور أحمد منصور، ومحمد إبراهيم عبدالحميد، ومحمد عبدالرحمن عبدالواحد، وأشرف محمد عبدالرحيم، وجلال محمود العزازى، وحسن على محمود، ووليد سعد كامل».