عظماء مصر: «الطيب».. الإمام المفتخر

هناك بعض الشخصيات جعل الله لها من اسمها نصيباً، ومن هؤلاء فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رغم أننى لست أزهرياً لم أنتمى نهائياً لمؤسسة الأزهر، ولم أتعامل معها، لا من قريب ولا من بعيد، ولم أتشرف إطلاقاً بلقاء فضيلته، ولكننى أشعر بطيبته، وأفتخر بهذه الشخصية التى تحظى باحترام وتقدير كبير دولى ومحلى، وهو بالفعل واجهة مشرفة لمصر وللمؤسسة الدينية المرموقة التى يمثلها.

لقد تابعت مثل ملايين المصريين زيارته الأخيرة إلى إندونيسيا وماليزيا وتايلاند والإمارات، وكم كنا فخورين بهذا الاستقبال الأسطورى لفضيلة الإمام، الذى يعكس مكانته الشخصية، ومكانة الأزهر، جامعاً وجامعة.

وكان الاستقبال الشعبى فى الدول الأربع لا يقل حفاوة عن الاستقبال الرسمى، التى وصلت لاصطفاف المواطنين فى الشوارع لرؤية الإمام، وللدرجة التى جعلت طلاب إندونيسيا الدارسين فى الأزهر الشريف يعزفون السلام الوطنى المصرى، ترحيباً بفضيلته فى مشهد تقشعر له الأبدان.

فى السطور التالية، أتناول القليل من الكثير عن «الطيب» الإمام المفتخر، الذى يحمل خصالاً وأفعالاً راقية ونبيلة كالحزم والذكاء وعلو الهمة، والكرم ونُصرة الضعيف والمظلوم، والزهد والتجرّد والورع والتسامح والإعراض عن الجاهلين وسفاسف الأمور.

«الطيب الإمام المفتخر» يتميز بالهدوء والتواضع وعمق التفكير والقوة فى الحق والثبات على المبدأ ورفض الدنية، وكما يقول عنه صديقى د. محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى الشهير، حين تطالع وجه الإمام تلمح عينين واسعتين خاشعتين قانعتين راضيتين ناعستين ثاقبتين، مع مسحة حزن نبيل تعبّر عنها هاتان العينان مع قسمات الوجه، وطيبة وسماحة.

«الطيب الإمام المفتخر» كثير الصمت، ولكن إذا تحدّث انهمرت كلماته قوية وهادئة وحازمة ومؤكدة وقليلة ومركزة ومهذبة وموجهة نحو الهدف مباشرة.

ورغم طيبته وسماحته وهدوئه وتواضعه، فإنه شديد الصلابة فى الحق، ويفعل ذلك بهدوء دون عنترية أو استعراضية وبأدب جمّ يفرض احترامه حتى على أشد مناوئيه.

وهو لا يحب الظهور الإعلامى أو الظهور عموماً، ولهذا تجده مُقلاً فى أحاديثه رغم علمه الغزير والعميق، ويفضّل العمل أكثر من الكلام، خاصة العمل المؤسسى المنظم والمؤثر.

زاهد متجرد لا تعنيه المناصب رغم أنه نال منها الكثير، وكانت تسعى إليه سعياً دون تطلع منه، ورغم تقلده الكثير من المناصب، ما زال «الطيب» المفتخر يقيم فى شقته بالقاهرة بمفرده، تاركاً الأسرة فى مسقط رأسه بالقرية، ويواظب على زيارتها حتى لا تنقطع صلته بجذوره، ويرتدى الجلباب والكوفية الصعيدية فى بساطة وهدوء وتواضع.

وقد تعرض «الطيب المفتخر»، وما زال، لحملات هجوم من جهات متعدّدة، فهاجمه العلمانيون والمتطرفون والإخوان المسلمون، وقد صمد أمام كل ذلك، وحافظ على هدوئه واتزانه وأدبه الجم.«الإمام» واسع المعرفة والاطلاع، وشخصية منفتحة على ثقافات كثيرة بجانب إجادة لغات أجنبية أخرى.

«الإمام المفتخر» نظيف القلب واليد واللسان ويعمل فى خدمة الإسلام والمسلمين دون تقاضى أجر من منصبه. بارك الله فى عمره وعمله وزاده تواضعاً ومحبة ورضا، فهو قوة مصر الناعمة ووجهها المشرف بحكمته وسماحته وتسامحه ووسطيته.