نجاحى.. كفاحى.. شعبى.. ارتجالى..!

فى زمن «الهزل» تنقطع أوصال التوازن، ويصبح دخول دوائر الإنصاف مغامرة فى ظل قطيع سائد يسىء الظن ويوزع الاتهامات، فاختياراتنا السياسية هى محل اختبار ونقد ومراجعة لأننا من المفترض أن ننظر إلى الأمور من غربال الناس وليس السلطة، وفى هذا السياق نرى زيارة السيسى بعيداً عن سيمفونية «كفاحى» للرايخ الشعبى فى ألمانيا أو تمثيليات الربعاوية الظلامية، ولهذا نسوق ما يلى من ملاحظات فى زيارة هى الأهم للسيسى فى عامه الأول: - نجح السيسى فى الحصول على اعتراف ألمانى واضح بثورة يونيو يذيب الجليد مع برلين ويفسح المجال لبناء علاقات أفضل مع التزامنا بقاعدة مستقبلية تتعلق بتقييم الزيارة سياسياً واقتصادياً دون تهليل أو طنطنة. - الإشارات التى أوردها الرئيس فى خطابه بدت دفاعاً عن اتهامات، وهو ما لا يصح فى دنيا السياسة لأنه يظهرك بمظهر رد الفعل الذى يقلل من تصورات الآخرين عنك ويسمح باستهداف آخر فى المستقبل لجنى المكاسب لصالح الألمان بالطبع. - يوماً بعد يوم تؤكد الدبلوماسية المصرية أنها تحقق نجاحات بعد 30 يونيو رغم ملاحظاتنا الكثيرة عليها، وتدلل على أن اللعب على أوراق العلاقات والمصالح فى الخارج أسهل كثيراً من تعقيدات الداخل وتشابكاته. - إدارة الزيارات الخارجية للرئيس بالقطع ليست فى أيد أمينة حتى الآن، فالمشاهد المؤسفة تتكرر وكأنها أصبحت بنداً فى جدول أعمال زيارات الرئيس الخارجية وسرقت للأسف الاهتمام من أشياء أخرى جيدة كانت تستحق التركيز عليها. - تقييم زيارة ألمانيا يشير إلى دلالة مهمة تتعلق بنفوذ الشركات الكبيرة فى النظم الغربية وتأثيرها على صانع القرار من باب المصلحة الوطنية بالطبع وليس بطبيعة ثقافة «اسرق واجرى» التى تؤمن بأن «البلد بلدنا والشركات شركاتنا ويتحرقوا المواطنين». - التعاطى الإعلامى مع الزيارات الخارجية يخلق سحابة غبية تصب فى صالح رفع سقف التوقعات اللامنطقية كما يحدث كثيراً فى الداخل، فالمبالغات وخطابات الماضى تدفع الناس إلى دوامة التشكك وتأرجح الثقة وغيبة المصداقية، ولنُعد شريط زيارتى «روسيا» و«الصين» ونعيد تقييم الأمور لنكتشف الحقائق، فكونوا واقعيين يرحمكم الله حتى وإن كنتم فى بلاد هتلر..!! - يظل الارتجال عدواً للسيسى حتى وإن ظن بجدواه وفاعليته وتأثيره، فعلى مدار شهور كانت النتائج غيرمرغوبة ومن ثم يستحق الأمر دراسة من مؤسسة الرئاسة، ونسمع فعلاً عن مستشارين ثقات يُسمعون الرئيس ما يرون وليس ما يرى..!! الفيلسوف الألمانى نيتشه يتظاهر بعدميته «غياب الهدف» لعله يصيب شيئاً فى ساحة برلين فوجدناه يقول: «السياسة يسود فيها الكذب والعبودية للحظة»، ثم يُكمل: «السمة الرئيسية للعصور الحديثة أن الإنسان قد فقد قدراً كبيراً من كرامته» ويواصل: «إن ما يدفعكم للتحلى بالفضيلة مصلحتكم الشخصية وبراعة مثيرة للشفقة»، وينهى كلماته: «أكثر الأكاذيب شيوعاً هى الأكاذيب التى نوجهها لأنفسنا».