محكمة العدل الدولية تصدر قرارا بشأن احتلال الضفة الغربية والقدس غدا

محكمة العدل الدولية تصدر قرارا بشأن احتلال الضفة الغربية والقدس غدا
تصدر، اليوم، محكمة العدل الدولية قرارها الاستشارى بشأن شرعية الاحتلال فى الضفة والقدس، وعلى الرغم من أن القرار غير ملزم، فإنه يمثل سنداً قانونياً أمام المحكمة الجنائية، لتسهيل إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعه جالانت، حيث يتطرق الرأى الاستشارى إلى مسائل مثل حق تقرير المصير للشعب الفلسطينى.
وأكد عدد من خبراء القانون الدولى أن اليوم سيكون لحظة فارقة فى تاريخ القضية الفلسطينية وصراعها مع دولة الاحتلال الإسرائيلى، حيث يتوقع أن تصدر محكمة العدل الدولية الرأى الاستشارى فى قضية شرعية الاحتلال فى الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، والذى يتوقع أن يؤكد عدم شرعية الاحتلال ومطالبته بالانسحاب من الأراضى التى استولى عليها.
وعلى الرغم من عدم إلزامية الرأى الاستشارى لدولة الاحتلال، فإنه سيصبح سنداً قانونياً وتشريعياً يمكن استخدامه فى قضية الإبادة الجماعية، التى أقامتها جنوب أفريقيا ضد دولة الاحتلال العام الماضى، وقد يسهل إصدار مذكرة اعتقال بحق مسئولين إسرائيليين.
وقال دكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى، إن إسرائيل تخشى صدور قرار يدينها بشكل كبير، باعتبار «العدل الدولية» الجهاز القضائى الرئيسى لمنظمة الأمم المتحدة، وأوضح «سلامة»، لـ«الوطن»، أن مخاوف دولة الاحتلال تنبع من إدراكها أن محكمة العدل الدولية ليست جهازاً سياسياً، مثل مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكنها جهاز قضائى محايد مستقل، وهو الجهاز القضاء الرئيسى لمنظمة الأمم المتحدة.
وتابع: «دولة الاحتلال تخشى صدور الرأى الاستشارى اليوم، لأنه سيدين جميع انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولى وحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى، والجرائم الدولية التى ما زالت ترتكبها إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة»، متوقعاً أن يصدر الرأى الاستشارى للمحكمة بنزع أى شرعية للاحتلال العسكرى الغاصب، ودحض أى ادعاءات إسرائيلية عن ملكيتها للأراضى الفلسطينية المحتلة.
وأوضح أن توثيق الانتهاكات والجرائم الدولية التى ستذكرها المحكمة فى رأيها الاستشارى يعد سنداً قضائياً وقانونياً، لا سيما بخصوص دعوى الإبادة الجماعية التى أقامتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل يوم 29 ديسمبر من العام الماضى، وشدد «سلامة» على أن الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية ليس ملزماً، إلا أنه من غير المتوقع أن تتصرف هيئات ووكالات ومنظمات وأجهزة الأمم المتحدة بشكل مخالف لقرار المحكمة، موضحاً أن بعد إصدار هذا الرأى لن يكون يسيراً على مجلس الأمن أو منظمات أن تصدر قرارات أو أن يكون لها تصرفات مغايرة للرأى الاستشارى لـ«العدل الدولية».
وأكد أن الرأى الاستشارى للمحكمة سيمثل سنداً شرعياً ودليلاً قانونياً لكلا المحكمتين، وهى المحكمة الجنائية الدولية وتحديداً الغرفة التمهيدية للمحكمة المرتقب أن تصدر مذكرتى الاعتقال ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، وأضاف أن القرار سيدعم بالأدلة والقرائن الدامغة، وهو ما سيؤدى إلى تسهيل وتأكيد للقرار النهائى فى دعوى الإبادة الجماعية، التى أقامتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولى، إن قرار «العدل الدولية» سيشكل مرجعية قانونية دولية مهمة فى التعامل مع قضية الاحتلال الإسرائيلى، مشيراً إلى أن العالم على أعتاب لحظة فارقة فى تاريخ القضية الفلسطينية.
كما لفت «مهران» إلى الأهمية الاستثنائية لهذا الرأى، التى تنبع من شموليته، مؤكداً أن الحكم لا يتناول مسألة الاستيطان فى الضفة الغربية والقدس، بل يمتد ليشمل الآثار القانونية للاحتلال الإسرائيلى بشكل عام، ويتضمن تقييماً قانونياً شاملاً لممارسات الاحتلال على مدى عقود.
وعن توقعاته بشأن مضمون الرأى الاستشارى المرتقب، أشار إلى عدة سيناريوهات محتملة، منها أن تتخذ المحكمة موقفاً حاسماً بإعلان عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، مضيفاً أنه من المرجح أن تؤكد المحكمة على الطبيعة المؤقتة للاحتلال، مشيراً إلى أن استمرار الاحتلال الإسرائيلى لعقود يتناقض جوهرياً مع مبادئ القانون الدولى، وقد تشدد المحكمة على هذه النقطة.
وتوقع «مهران» أن يتضمن الرأى إدانة واضحة لممارسات الاحتلال، بخاصة الاستيطان وضم الأراضى، معتبراً أن هذه الإدانة ستوفر أساساً قانونياً قوياً لمعارضة هذه الممارسات دولياً، وأضاف: «لا أستبعد أن تذهب المحكمة إلى أبعد من ذلك بدعوة صريحة لإنهاء الاحتلال، فمثل هذه الدعوة ستكون مدعومة بالحجج القانونية، وستشكل ضغطاً هائلاً على إسرائيل والمجتمع الدولى للتحرك نحو إنهاء الاحتلال وفقاً لقرارات الأمم المتحدة».