«الوطن» تواصل نشر أخطر فصول كتاب مصطفى بكرى الجديد «لغز المشير»

كتب: مصطفى بكري

«الوطن» تواصل نشر أخطر فصول كتاب مصطفى بكرى الجديد «لغز المشير»

«الوطن» تواصل نشر أخطر فصول كتاب مصطفى بكرى الجديد «لغز المشير»

تواصل «الوطن» نشر أخطر فصول كتاب مصطفى بكرى الجديد «لغز المشير»، وفى الحلقة الثالثة من الكتاب الذى سيصدر قريباً عن «الدار المصرية اللبنانية»، يجيب بكرى عن الألغاز التى لا تزال مطروحة حول أسباب عدم وضع دستور دائم للبلاد فى أعقاب نجاح ثورة 25 يناير ورحيل نظام الرئيس حسنى مبارك. ويكشف «بكرى» الأسباب التى دفعت المشير طنطاوى إلى الموافقة على ضم الإخوانى «صبحى صالح» إلى اللجنة التى أعدت الإعلان الدستورى فى الثلاثين من مارس 2011، برئاسة المستشار طارق البشرى. ويرصد المؤلف فى هذه الحلقة موقف المجلس العسكرى من الأحداث التى شهدها شارع محمد محمود فى نوفمبر 2011، والأسباب الحقيقية لتخلى المجلس عن وثيقة «السلمى». ويتعرّض الكاتب أيضاً للحوار الذى جرى بين المشير طنطاوى والمستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا، الذى رفض تولى منصب رئيس الجمهورية المؤقت خلفاً للرئيس مبارك فى 11 فبراير 2011، وإلى ما كتبه. ((عمر سليمان تأكد أنه لم يعد له مكان فى نظام الحكم الجديد.. وعندما عاد إلى بيته فوجئ أن الخط الساخن سُحب من منزله «دون إخطار»)) فى السابعة من مساء السبت 12 فبراير، حضر اللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق إلى مقر وزارة الدفاع، والتقيا مع المشير طنطاوى، حسب ما هو متفق عليه، وخلال اللقاء شعر اللواء عمر سليمان أن فكرة المجلس الرئاسى قد تم العدول عنها، وعندما قال للمشير أنا سأذهب إلى مكتبى بالقصر الجمهورى بالاتحادية، رد عليه المشير طنطاوى بالقول: «مكتبك هنا معى، ولا داعى لذهابك إلى قصر الرئاسة»!! تأكد عمر سليمان أن الأمر قد حُسم وانتهى، ولم يعد له مكان فى نظام الحكم الجديد، وعندما عاد إلى بيته فوجئ أيضاً بأن الخط الساخن قد سُحب من منزله دون إخطار!! ثار جدل كبير داخل المجلس الأعلى حول مدة الفترة الانتقالية التى سوف يجرى خلالها إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وتسليم السلطة، كان المشير من أنصار ألا تزيد المدة على ثلاثة أشهر، إلا أن البعض اقترح ألا تقل عن العام، وبعد حوار مطول تم الاتفاق على اقتراح يقضى بألا تزيد المدة على ستة أشهر، وكان المشير طنطاوى يشعر بعبء ثقيل على كاهله، وكان يقول دوماً: «إننى أريد التخلص من كرة (اللهب)، التى ألقيت فى حجرى سريعاً»، وكان يقصد بذلك المسئولية التى يتحمّلها فى إدارة شئون البلاد!! فى هذا الاجتماع دار حوار حول مضمون الإعلان الدستورى الصادر فى 13 فبراير، والذى أشرف على إعداده اللواء ممدوح شاهين، لقد استعان فى إعداد المشروع بآراء عدد من أساتذة القانون الدستورى، وتمت مناقشة الصيغة المطروحة بعد عرضها على المشير طنطاوى أولاً، وتم الاتفاق بعد المناقشة والتعديلات على حل مجلسى الشعب والشورى وتعطيل العمل بأحكام دستور 71، على أن يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة ولمدة ستة أشهر أو لحين الانتهاء من انتخابات مجلسى الشعب والشورى. وتضمّن الإعلان النص على حق المجلس الأعلى فى إصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقالية، والتعهد بتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور وتحديد قواعد الاستفتاء عليها من الشعب، كما تضمن الإعلان تكليف حكومة الفريق أحمد شفيق بالاستمرار فى عملها، لحين تشكيل حكومة جديدة، مع تأكيد التزام المجلس بإجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية خلال الفترة الانتقالية. فى هذا الوقت، أثار اختيار لجنة التعديلات الدستورية ردود فعل متباينة داخل الأحزاب والأوساط السياسية، وكان د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، فى هذا الوقت هو أول من حذّر من هذا الاختيار. كانت المهمة المحدّدة للجنة الجديدة هى دراسة إلغاء المادة 179 من الدستور وتعديل المواد (76، 77، 88، 93، 189) من دستور 71 وجميع ما يتصل بها من مواد ترى اللجنة ضرورة تعديلها، بما يحقق ديمقراطية ونزاهة الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وقد اشترط القرار انتهاء عمل اللجنة من عملها فى مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ إصدار هذا القرار فى 14 فبراير 2011. كان معنى تشكيل اللجنة الجديدة، إلغاء اللجنة السابقة التى شكلها الرئيس حسنى مبارك بمضمون القرار رقم 54 لسنة 2011 قبل سقوط النظام بأيام قليلة، وكانت هذه اللجنة قد جرى تشكيلها بناءً على ترشيح وزير العدل فى هذا الوقت ممدوح مرعى، حيث ترأسها المستشار سرى صيام رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وضمت كلاً من المستشار كمال نافع، والمستشار أحمد مكى، والمستشار محمد عبدالعزيز الشناوى، والمستشار محمد أحمد، والمستشار كمال لمعى، والدكتور أحمد كمال أبوالمجد، والدكتور يحيى الجمل، والدكتور إبراهيم درويش، والدكتور حسنين عبدالعال، وكان المقترح أمام هذه اللجنة تضمّن تعديل بعض المواد الدستورية ومن بينها المواد 76، 77، 88 بهدف تحقيق إصلاح سياسى يلبى طموحات الشعب الثائر فى الميادين، وكذلك أيضاً ما تتطلبه التعديلات الدستورية المقترحة من تعديلات تشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور، غير أنه وبعد رحيل الرئيس مبارك عن السلطة، كان من رأى البعض تغيير أعضاء اللجنة، حتى لا يُقال إنها امتداد للنظام السابق، رغم أنها قطعت شوطاً كبيراً فى إجراء تعديلات المواد الدستورية المقترحة. ((المشير أصر على تسليم السلطة لـ«رئيس مدنى» واتفق مع أعضاء المجلس العسكرى على عدم ترشحهم للانتخابات)) بعد انتهاء اللجنة الجديدة من إعداد مشروع التعديلات، حدد المجلس العسكرى يوم 19 مارس للاستفتاء على هذه المواد المقترحة، إضافة إلى ثلاث مواد أخرى هى المواد (75، 139، 148). وقبيل إجراء الاستفتاء على الإعلان الدستورى الجديد، ثار جدل كبير حول التعديلات، إلا أن جماعة الإخوان والتيارات الأصولية الأخرى شنت حملة تحريضية من على منابر المساجد ودور العبادة فى مواجهة كل من كانوا يرفضون هذه التعديلات، بل ويتهمونهم بأنهم معادون للمادة الثانية من الإعلان، التى تنص على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع. فى 19 مارس، كانت الأجواء مهيأة للإعلان الدستورى الجديد، وقد جرى الاستفتاء الذى شارك فيه أكثر من 14 مليون ناخب مصرى بطريقة أذهلت الكثيرين، وكانت النتيجة هى الموافقة على الإعلان بنسبة تزيد على 77٪ فى حين عارض التعديلات ما يقارب الـ23٪ من الناخبين، وأدرك المجلس العسكرى أن هناك مواد دستورية عديدة يتوجب إضافتها، لسد الفراغ الناشئ عن الأوضاع الجديدة فى البلاد، ولذلك جرى تكليف اللجنة المعنية بالتعديلات باستكمال الإعلان المستفتى عليه، الذى تم إصداره فى الثلاثين من مارس 2011، من 63 مادة، وكان من بين هذه المواد الجديدة، المادة (60) من الإعلان، التى نصت على أن: «يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد فى موعد غايته ستة أشهر من تشكيلها ويُعرض المشروع، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده على الشعب لاستفتائه فى شأنه ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء». وأوكلت المادة (61) للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الاستمرار فى مباشرة التخصصات المحددة فى هذا الإعلان وذلك لحين تولى كل من مجلسى الشعب والشورى اختصاصاتهما وحتى انتخاب رئيس الجمهورية ومباشرته مهام منصبه كلٌ فى حينه. وفى هذا الوقت صرح اللواء ممدوح شاهين بـ«أن الانتخابات الرئاسية ستجرى بعد شهر أو شهرين من الانتخابات البرلمانية»، وكان يعنى بذلك أن البرلمان المقبل وفقاً لنص المادة (60) من الإعلان الدستورى مطالب بالإعداد فوراً لتشكيل الجمعية التأسيسية التى كان عليها أن تضع الدستور الدائم للبلاد وفقاً للآلية المحددة فى الإعلان.