طرفا الأزمة يتبادلان الاتهامات على "التواصل الاجتماعى"

طرفا الأزمة يتبادلان الاتهامات على "التواصل الاجتماعى"
صقور تحولت إلى حمائم، وحمائم صارت أكثر دموية من صقور تكسّرت مخالبها، بعد أن باتت رهينة داخل «قفص الصيد»، طرفان للأزمة الدائرة بين فريق من «عواجيز التنظيم» كان يمثل التيار القطبى الأكثر تشدُّداً، لكنه قرر أن يرفع راياته البيضاء من وراء الأسوار، وفريق من الناشئين الصغار الطلقاء الذين يصرون على مواصلة قرع الطبول واستكمال المعركة.. «لا سلمية بعد اليوم» قالها القادة الجدد، رداً على دعوة «التحلى بالسلمية» التى أطلقها كهنة المعبد، لتتسع الفجوة داخل «التنظيم»، ويخرج بيان بالعزل يرد عليه بيانٌ بالنفى، ويوماً بعد يوم تتبادل الاتهامات، وتتوهج نار الخلاف فى «بيت البنا» الذى بات فى مهب الريح.
«الحرب تؤدى إلى مقتل الشبان، وثرثرة المسنين»، كلمات على خفاجى، أمين شباب حزب الحرية والعدالة المنحل بالجيزة، الذى هاجم من خلالها قيادات الإخوان، متهماً إياهم بأنهم «السبب فى تدمير الجماعة»: «بشكل واضح، الجماعة بتمر بأصعب لحظات حياتها، ولسه ما زال اللى خايف يتكلم ويحكى بحجة شق الصف ومايعرفش أن بسكوته ده بيشق الصف بنفسه، عالم ضيعونا ودلوقتى بيجهزوا علينا، شايفين الجماعة عزبة أبوهم، ربنا ينتقم منهم ويورينا فيهم يوم».
«خفاجى» على صفحته بموقع «تويتر»، صب أغلب هجومه على محمود حسين، الأمين العام للجماعة، أحد أبرز قادة الإخوان الهارب خارج البلاد، قائلاً: «ربنا يورينا فيك يوم، أنت وكل مساعديك ومعاونيك والمطبلاتية اللى مشغلهم لحسابك»، مضيفاً «إحنا كمان كشباب أخطأنا، وكررنا نفس الخطوات الغلط اللى بتودى لنفس النتائج، وخُفنا من أن نقول الحقيقة للناس بحجة وحدة الصف، وعظمنا بعض القيادات وكأنها رسل من الرب، كلنا كنا السبب فى اللى حصل دلوقتى. سكوتنا على الغلط، تطبيلنا على كلام ملوش أى معنى، ولا لازمة بس خارج من بوق قيادى»، معتبراً أن الفرصة الحالية أمام «جيل جديد من غير تلك الوجوه القديمة لتصحيح كل الأخطاء».
الهجوم الذى وجهه أحد الكوادر الشبابية لـ«عواجيز الأهل والعشيرة»، كان الأكثر انتشاراً بين شباب «التنظيم»، على صفحات التواصل الاجتماعى، «أسهم افتراضية» وجهها عدد كبير من الأعضاء إلى من وصفوهم بـ«سبب الفشل»، محمود على، قال على صفحته التى تعلوها صورة للرئيس المعزول، تجاورها علامة «رابعة» الخاصة باعتصام أنصار «مرسى» بعد ثورة 30 يونيو: «منهم لله، قيادات لم تحسن إدارة الجماعة، حتى أوصلتنا إلى هذا الوضع السيئ، وترفض أن تترك القيادة لوجوه جديدة أكثر شباباً وصدقاً وقدرة على تحمل المسئولية وإدارة النزاع لاستعادة الشرعية».[FirstQuote]
صوت أكثر هدوءاً، وموقف أكثر حيادية، قررت أن تتخذه ابنة نائب المرشد العام للإخوان، عائشة خيرت الشاطر، التى رفضت الانحياز لأى من الفريقين، ووصفت الأزمة بـ«اللغو»، داعية أعضاء «التنظيم» إلى اجتناب الحديث فيها. «عائشة» قالت عبر حسابها الرسمى على موقع «فيس بوك»: «اختلاف أعضاء الجماعة رحمة، وتأكيداً لمبدأ الشورى، ولنا فى صحابة الرسول الأسوة، اختلفوا ما اختلفوا فيما بينهم وبقى لكل منهم قدره ومكانته عند الله». وتابعت: «أوصيكم ونفسى، لا تنجروا إلى معارك جانبية، تنسينا أو تشغلنا عن قضيتنا الأساسية، ولا تساعدوا من أراد ضياع جهودنا بالانشغال عن معركتنا الحقيقية، واجتنبوا اللغو».
وكان محمود حسين، المحسوب على مكتب الإرشاد القديم، قال فى بيان سابق إن «نائب المرشد، محمود عزت، وفقاً للائحة يقوم بمهام المرشد العام، إلى أن يُفرج الله عنه، ومكتب الإرشاد أعلى سلطة تنفيذية بالجماعة، هو الذى يدير عمل الجماعة»، وهو ما سارع مكتب الإرشاد الجديد فى الرد عليه، مؤكداً لقواعد «التنظيم» أن «حسين» فقد عضويته بمكتب الإرشاد، والأمانة العامة للمكتب، بمجرد خروجه من مصر، وأن من يعبّر عن الجماعة هو متحدثها الإعلامى محمد منتصر، الذى جرى انتخابه مؤخراً.
وقال «الأخير» فى بيان نشره على صفحته: «لقد مرت الجماعة بظروف عصيبة، مما دفعها إلى تطوير هياكلها وآليات عملها للتناسب مع العمل الثورى للقضاء على النظام، وتصعيد قيادات شابة فى هياكلها ولجان عملها الثورية ليتصدروا إدارة العمل الميدانى للجماعة»، مستدركاً بكلمات يعبر بها عن سياسة الفريق الذى يقوده «لا صوت يعلو فوق صوت القصاص، وثورة تجتز الرؤوس».
الأزمة الإخوانية التى تفاقمت على مدار أيام سابقة، اعتبر أحمد بان، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن مستقبلها مفتوح على احتمالين، إما تطور «التنظيم» فكرياً بسبب الصراع الدائر، ليخرج فريق ثالث قادر على الفصل بين الدعوة والسياسة، وتصويب خُطى «التنظيم»، وإما ألا يسفر ذلك الصراع عن شىء، لتظل الأزمة قائمة، فيما تتزايد الانشقاقات ويتفتت «التنظيم» بين مجموعات مؤمنة بالعنف، وأخرى تعود إلى الدعوة، وثالثة تتجه للانضمام إلى أحزاب أخرى قائمة.
وحول القواعد، أكد «بان» أن غالبية أعضاء «التنظيم» يميلون أكثر إلى «سيناريو العنف»، ويرفضون أى حديث عن السيناريو السياسى، إلا أنهم ما زالوا غير راغبين فى الخروج عن القادة القدامى، مضيفاً «الأيام المقبلة قد تشهد تغييرات كبيرة، ومستقبل تنظيم عمره 90 عاماً، ربما يتحدّد مع هذه الأزمة الأكبر، مقارنة بكل الأزمات التى مر بها فى عقود سابقة».