سيد حسين يكتب: محدّدات السياسة الخارجية المصرية من 30 يونيو إلى حرب «غزة»
- يناير 2011
- يونيو 2013
- السياسة الخارجية المصرية
- الجمهورية الجديدة
- يناير 2011
- يونيو 2013
- السياسة الخارجية المصرية
- الجمهورية الجديدة
جسّدت أحداث 2011 وما تبعها محدداً مهماً من محدّدات السياسة الخارجية لمصر، تطلبت سرعة التحرك على الصعيدين الدولى والإقليمى بعد التصدى لمحاولات هدم الدولة الوطنية التى تآزرت فيها مؤامرات الخارج مع تحرّكات العملاء فى الداخل، مما استدعى تحركاً مُباغتاً لمواجهة الحملة الشرسة التى تعرّضت لها الدولة من خلال تفعيل الدبلوماسية المصرية على كل الأصعدة، لشرح حقيقة ما تعرّضت له من مخططات استهدفت خلق اضطرابات إقليمية ودولية، وحينها نجحت الدبلوماسية المصرية فى فرض إرادتها وسط استمرار عداء بعض الأنظمة، إلا أن المسار الدبلوماسى نجح فى تخطى كل العقبات لتتحول القاهرة إلى فاعل رئيسى فى المنطقة.
انتهجت الدبلوماسية المصرية سياسات ثرية متوازنة على الصعيد الدولى خلال السنوات الماضية، فى إطار تحديات كبرى واجهت الدولة ما بعد عام 2011، دفعتها إلى عقلنة السياسة الخارجية فى ضوء عالم مضطرب مغلف بتقاطعات المصالح، ففى الوقت الذى تتعارض فيه المصالح الخليجية الأمريكية فى ملف بعينه تتفق الدول ذاتها على مصلحة مشتركة فى ملف مغاير، وهو ما خلق حالة من التناقض على صعيد التحرّكات الدولية والإقليمية، بدءاً بأزمات إقليمية كان لمصر دور رئيسى فيها باتخاذ مواقف حازمة بشأن التحرّكات المستهجنة على الصعيد الإقليمى، وما زال تقاطع المصالح حاكماً للكثير من الملفات المهمة فى منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذى يتطلب التحرّك وفق نهج براجماتى يحافظ على المصالح المصرية.
عرفت السياسة الخارجية المصرية بمبادئها الرافضة للتبعية والتدخّل فى شئون الدول أو الانخراط فى أحلاف عسكرية، إلا أن الأوضاع الاقتصادية التى أرخت سدولها على العالم بأسره فرضت تحركات جديدة على صعيد خلق توازن فى العلاقات الدولية فى ظل الصراع الأمريكى - الصينى، وسط حالة استقطاب حادة ما بين معسكر الشرق والمعسكر الغربى، وهو ما دفع القاهرة إلى إقامة علاقات متوازنة مع كل الأطراف، وامتد الأمر إلى جهود للوساطة فى الأزمة الأوكرانية بغرض الحد من التداعيات الاقتصادية، فضلاً عن دورها القوى والرئيسى فى حرب غزة.
سبقت السياسة الخارجية المصرية الدول العظمى فى توجّهها نحو دول القارة الأفريقية التى أهملتها الدولة لعقود طويلة نتيجة تجمّد الوضع الدولى إبان حرب الخليج الأولى، وبعد عام 2013 بدأت القاهرة خطة لترميم علاقاتها بالدول الأفريقية على أن يحكم تلك العلاقات مبدأ المصالح المشتركة، خاصة دول حوض النيل، فى محاولة للحد من التبعات الناجمة عن أحداث 2011، فضلاً عن الاستعانة بالدول العربية الشقيقة لخلق مناطق نفوذ عربية تنافس النفوذ الدولى فى القرن الأفريقى، فى إطار منظومة الحفاظ على الأمن القومى المصرى.
واجهت الدولة تحديات عميقة فى ظل الاضطرابات الإقليمية بدأت بالملف الليبى وإشكالية ترسيم الحدود فى البحرين الأحمر والمتوسط، ومثّل الملف الليبى تحدياً أمنياً واقتصادياً وسياسياً للدولة المصرية إبان تفجّر الأوضاع فى طرابلس وسيطرة المجموعات المسلحة والميليشيات العقائدية على الأراضى، وهو ما استدعى الانخراط المصرى بقوة فى هذا الملف، لإعادة ترتيب الأوضاع وخلق حالة من الاستقرار فى مقابل تدخّل قوى دولية لدعم أطراف ليبية على حساب أخرى بهدف تحقيق مصالحها دون مراعاة للمصالح المصرية كدولة جوار، وظلّت «القاهرة» حاضرة بالدعم وتنسيق اللقاءات بين الفرقاء، فضلاً عن التدخّل الحاسم فى الأحداث التى تمثّل تهديداً مباشراً للمصالح المصرية، إلى جانب محاولة خلق تحالفات على الصعيد الإقليمى لمجابهة المخططات الرامية إلى الإضرار بالمصالح المصرية، التى انتهت بحرب السودان وغزة التى لعبت القاهرة فيها وما زالت دوراً قوياً على كل الأصعدة وفقاً لمبادئها الوطنية، وبما يتوافق مع انتمائها العربى والإسلامى والأفريقى، وما زالت مصر ماضية فى طريق تحقيق مصالح شعبها من خلال خلق علاقات متوازنة على كل الأصعدة.