«بيزنس» محارق النفايات الخطرة يهدد حياة 12 ألف مواطن فى بنى سويف

كتب: عمرو رجب

«بيزنس» محارق النفايات الخطرة يهدد حياة 12 ألف مواطن فى بنى سويف

«بيزنس» محارق النفايات الخطرة يهدد حياة 12 ألف مواطن فى بنى سويف

اتهم أهالى قرية سنور، والنجوع التابعة لها، مسئولى محافظة بنى سويف بالإهمال بسبب الانبعاثات الصادرة من محرقة النفايات الطبية الخطرة الكائنة بالقرية والملاصقة لمنازل أهالى عزبة نجع العرب، والتى تسببت فى إصابة أغلب أهالى القرى المجاورة بأمراض صدرية والتهابات رئوية وفشل كلوى وكبدى، وضعف مناعة الأطفال، علاوة على تدمير أكثر من 400 فدان تحيط بشكل مباشر بمبنى المحرقة بسبب دخان المحرقة الذى تسبب أيضاً فى تلوث محاصيل 14 ألف فدان بشرق النيل. «التلوث تسبب فى إعاقة أولادى، فمنزلى بجوار المحرقة».. هكذا وصفت «نصرة سلامة» (38 عاماً)، مقيمة بعزبة نجع العرب التابعة لقرية سنور، المأساة، لافتة إلى أن منزلها يبعد عن محرقة النفايات الطبية الخطرة بـ50 متراً، وأضافت: «حرام اللى بيحصل فينا ده، لا زرع بيطلع ولا عارفين نربى مواشى ولا طيور، والمصيبة الأكبر فى ولادى، اثنين منهم أصيبوا بالإعاقة، سلوى وعبدالرحمن، بسبب ضمور فى المخ، وصرفت عليهم كل اللى معانا، أبوهم بيروح يشتغل فى شرم الشيخ ويرجع بالفلوس نشترى بيها العلاج، وكانوا كويسين، سلوى عمرها 11 سنة، وكانت بتلعب وسط الأطفال وراحت المدرسة وابتدت تتعب مع الوقت لحد ما أصبحت قعيدة غير قادرة على الوقوف والحركة بسهولة، منذ إنشاء المدخنة ونفس الكلام تكرر مع شقيقها عبدالرحمن، عملية شقيقته صرفت 30 ألف جنيه، وكل الدكاترة قالوا لنا من السموم بتاعة الدخان، وحرام تطلعوا ولادكم فى الدخان والتلوث». ولفتت سها القاضى، صاحبة إحدى المزارع المحيطة بمحرقة النفايات الطبية، إلى شرائها 12 فداناً بالمنطقة منذ فترة وتكلف الفدان لاستصلاحه أكثر من 100 ألف جنيه، لكن أكثرها الآن غير مزروع بسبب المواد الناتجة عن عملية حرق المخلفات الطبية داخل المحرقة، والتى أصابت الزرع بالتسمم وفشلت محاولتنا فى التصدير للخارج على الرغم من اتفاقنا مع شركات متخصصة فى الزراعة واختيار نوعية المحصول الذى تتم زراعته وتصديره لصالحها بعد الإنتاج.[FirstQuote] وأوضحت أن المحرقة تم إنشاؤها عام 2005 وتم تشغيلها فى 2008، وللأسف تم اختيار مكانها وسط كتلة سكنية مكونة من عدة عزب تابعة لقرية سنور وتعداد سكانها يزيد على 10 آلاف نسمة، بالإضافة إلى وجودها وسط منطقة مزارع تم استصلاحها، وبعد تشغيلها عادت المنطقة مرة أخرى لصحراء جرداء، أهالى تحاصرهم الأمراض، زرع فاسد ومسمم، حيوانات نافقة وأطفال مصابة بالأمراض. وتابعت: «اشتكينا كتير وأرسلنا فاكسات لكل المسئولين دون جدوى، المشكلة الرئيسية أن حرق النفايات الطبية بيخلف مواد صلبة مثل الديوكسين والزئبق وهى مواد شديدة الصعوبة فى التحلل وتسكن فى جسم الإنسان والحيوان والنبات، وتسبب أمراضاً خطيرة مثل تشوه الأجنة والإعاقات ونقص المناعة والأمراض الصدرية، والأخطر من ذلك أن هناك مجموعة من الكلاب الضالة تهاجم المحرقة وتسحب بعض الأكياس إلى الخارج وتصل النفايات لأيدى بعض الأطفال وغالباً ما يكون بداخلها دم فاسد وقطن ملوث».
اطفال مرضى بسبب المحارق
وقال حجازى عيسى أحمد، موظف من أبناء نجع العرب التابع لقرية سنور، إن القرية والعزب التابعة لها يعيش فيها أكثر من 12 ألف مواطن وسط الدخان الناتج عن حرق النفايات الطبية، وأغلب الأهالى مصابون بالأمراض وخاصة أمراض التنفس والصدر بخلاف الإعاقات بين الأطفال بسبب مرض الضمور فى المخ، ودمار المحاصيل الزراعية، واصفاً قرار إنشاء المحرقة وسط الكتلة السكنية بالكارثى، مشيراً إلى أن المسئولين لم يحترموا القانون الذى ينص على شروط لإقامة مثل هذه الكيانات ومن بينها البعد عن الكتلة السكنية بمسافة 3 كيلومترات. وتابع «حجازى»: «تقدمنا بشكاوى واستغاثات للمسئولين ومحدش بيرد علينا، ولا حد فكر يعمل قافلة طبية يشوف صحة الناس دى وحالتهم عاملة إيه وكلامنا صحيح ولّا كذب، ومنذ أسابيع حضر مسئول الأزمات بالمحافظة واتهم الأهالى بإثارة الأزمات». نزيه عيسى أحمد أبوزيد، عامل زراعة بإحدى المزارع، أكد أن المحرقة تعطل العمل، لافتاً إلى أنه يضطر إلى ترك عمله بمجرد بدء حرق النفايات بعد إصابته بمرض حساسية الصدر، موضحاً أن أكثر من 400 فدان فى المنطقة دمرت محاصيلها وبارت الأراضى بسبب التلوث. وأضاف: «المحرقة بتبطل أول ما الدكتورة المسئولة عنها بتيجى، وساعتها بنعرف ونجرى نخلص شغلنا فى الأرض لأن المدخنة بتبطل، وبمجرد ما تمشى الـ4 مداخن بيشتغلوا، وأول الدخان ما يطلع بنجرى كلنا ونسيب الشغل، أخويا بنى مزرعة دجاج بالقرب من المحرقة وبعد أيام نفقت الكتاكيت بفعل التلوث وأصبحت المزرعة مهجورة مش عارفين نستغله فى حاجة، الشجر بيسوَدّ ويموت يبقى الزرع والدواجن هتعيش؟ لازم الدولة تبص لينا، أغلب الناس اللى عايشة فى المنطقة دى تعبانة بأمراض الصدر، خاصة الأطفال، وبدأت تظهر حالات إعاقة كتير فى عزبتى ورشة الرخام ونجع العرب وهما أقرب منطقتين للمحرقة». من جانبها قالت الدكتورة سهام أديب، مدير عام السلامة والصحة المهنية السابق بالمستشفى الجامعى ببنى سويف، وعضو مجلس إدارة محرقة سنور السابق «إن مجمع محارق النفايات الطبية الخطرة بقرية سنور فى بدايته كان منحة من دولة الدنمارك، للتخلص الآمن من النفايات الطبية ومحاربة تسريب مخلفات المستشفيات الطبية ومنع إعادة تدويرها لما تحمله من خطورة بالغة على صحة الإنسان، وتحول بعدها لمشروع تجارى تتسلم من خلالها المحارق كميات من السولار المدعم لاستخدامه فى حرق النفايات، بالإضافة إلى حصول المحرقة على مبلغ مالى عن كل كمية مخلفات يتم حرقها، وهو ما يشير إلى بعد تلك المحارق عن دورها». وأشارت «أديب» إلى أن أهم مشاكل تلك المحارق عدم وجود الصيانة الدورية بها على ماكينات الحرق، وبخاصة فلاتر تنقية الانبعاثات الصادرة عن الحرق وتقليل خطورتها، والتى يظهر دورها من خلال لون الأدخنة الصادرة من المحرقة فكلما مال لونها للسواد ازدادت خطورتها وظهر تعطل الفلاتر، وعدم اكتمال عملية الحرق، ونتج عنها مواد ضارة تصيب الأطفال بأمراض خطيرة بحكم ضعف مناعتهم، بالإضافة إلى الأمراض الصدرية والرئوية، وتدمير المحاصيل الزراعية المحيطة بمنطقة المحارق، وتتسبب فى كارثة بيئية بالقرية. من جانبها، قالت نرمين محمود، المتحدث الإعلامى لمديرية الصحة ببنى سويف، إن قرار إنشاء مجمع محارق النفايات الطبية جاء بعد تخصيص ألف متر بناحية سنور تحت رقم 1835 لسنة 2006 بمعرفة إدارة وحدة النفايات الطبية برئاسة السكرتير العام للمحافظة، ليصدر بعدها قراراً بتحويلها لوحدة للتخلص من النفايات الطبية الخطرة فى 13 مايو 2008، وبدء العمل بها بالفعل بسعة حرق 100 كيلوجرام فى الساعة. وأشارت إلى أن اختيار الموقع تم تحت إشراف شئون البيئة حيث إن موقعه بالجهة القبلية الشرقية بعيد عن الكتلة السكانية وطول المدخنة ١٥ متراً، وبالتالى فإن اتجاه الدخان المنبعث بعيد عن الكتلة السكانية وعن الأرض الزراعية.