بعد نحو عام على حكم السيسي.. 3 تحديات تواجه السياسة الخارجية للرئيس

بعد نحو عام على حكم السيسي.. 3 تحديات تواجه السياسة الخارجية للرئيس
أيام ويقترب العام الأول من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي من نهايته، مرت خلالها السياسة الخارجية المصرية في ظل بيئة إقليمية ودولية تموج بالتغييرات العميقة التي تمسّ الوجود القومي لدول المنطقة، وربما شكلت هذه التحديات دوافع مؤثرة نحو تنشيط وتفعيل السياسة الخارجية المصرية، واتسامها بالمرونة اللازمة للتكيف مع معطيات الواقع الذي أصبح سريع التبدل والتغير.
المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية رصد أبرز التحديات التي يُمكن أن تواجه السيسي، أهمها في التالي:
1- تحدي النموذج المصري: ترتبط ريادية النموذج المصري بعلاقة طردية مع قوة مصر الناعمة، سواء ما يرتبط منها بالتعليم أو الفن أو الثقافة، أو أدوار المؤسسات الدينية مثل الأزهر والكنيسة المصرية، وإذا كانت مصرُ قد نجحت في صياغة دورها الإقليمي في فترات سابقة عبر أدواتها النافذة من قوتها الناعمة، فإن إخفاق وتراجع دور هذه الأدوات في الفترة الحالية يمثل أحد أبرز التحديات التي تُواجه السياسة الخارجية المصرية.
على سبيل المثال، ظل الأزهر الشريف منارة للعلم يستقي منه الدارسون قيم الإسلام السمحة والمعتدلة، كما شكل موفدوه إلى دول العالم المختلفة سفراء للإسلام وقيمه الصحيحة التي تدعو إلى التسامح والتعايش السلمي واحترام الآخر، غير أن تراجع هذا الدور جاء نتاج غياب التطوير المستمر، سواء بتوقف مسيرة الاجتهاد الفقهي الذي شكل الإمام محمد عبده آخر نماذجه، أو للخل في المناهج التي تُدرّس، وعدم لحاقها بتطورات العصر، وهو الأمرُ الذي أعطى للتيارات المتطرفة فرصةً في ظل هذا الغياب بأن تختطف الإسلام لصالح أيديولوجيات تكفيرية وصفت بخوارج العصر في القرن الحادي والعشرين.
ويبدو أن ما أصاب الأزهر من تراجع لا يختلف عن الأزمات التي تُعاني منها قطاعات الفن، والثقافة، والتعليم، كأدوات ناعمة تحتاج إلى إعادة بعثها من جديد لدعم ريادية النموذج المصري في دوائره الحيوية.
2- التحدي التنموي: تمثل السياسة الخارجية امتدادًا للسياسة العامة للدولة، لذا فإن نجاح الدولة في تحقيق أهدافها الخارجية يرتبط في أحد جوانبه بمدى القدرة على خدمة أغراض التنمية الداخلية، وهو ما يُعرف "بدبلوماسية التنمية"، وهنا تبرز قضية المساعدات الاقتصادية التي وعدت بتقديمها الدول والمنظمات الدولية والمستثمرون خلال مؤتمر مصر الاقتصادي الذي عُقد بشرم الشيخ في مارس 2015، والتي ستظل دومًا رهن الاعتبارات السياسية، واستمرار تحسن العلاقات، ووجود مصالح ومنافع متبادلة.
دعم الرأسمالية الوطنية واستنفار الطاقات الكامنة داخل الاقتصاد المصري يظل المحدد الأهم لتحقيق التنمية المستدامة. صحيح أن المساعدات الدولية والمنح ساعدت دولًا في تجاوز ظروف مرحلية، غير أن الاعتماد على الذات يظل هو المسار المؤثر في تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها ومستوياتها المختلفة.
3- تحدي التنافس الإقليمي: تتبنى كلٌّ من تركيا وإيران مشاريع جيواستراتيجية تسعى كل منهما لجعلها أداة لتقسيم المنطقة على أسس مذهبية قوامها التنافس بين قوى الإسلام السني وقوى الإسلام الشيعي للتحكم في تفاعلات الإقليم، لا سيما أن التطرف والإرهاب الذي تم توظيفه من جانب الدولتين لتفتيت دول المنطقة هدف بالأساس إلى سهولة اختراقها، وإحكام السيطرة على مقدراتها، وتنفيذ أجنداتهما، وهو ما تجلى بشكل واضح في وجود ميليشيات إيرانية تحارب في سوريا ولبنان واليمن والعراق، فضلًا عن تعاملات اقتصادية لتركيا مع تنظيم داعش الذي يقوم بتصدير النفط العراقي والسوري إلى المصافي التركية، والتي تقوم بدورها بتصديره للخارج بأسعار عالمية. وتتعارض هذه المشاريع بشكل جذري مع رؤية مصر لمستقبل المنطقة التي ترتكز بالأساس على حماية دولها من التشرذم والتفتيت، والحيلولة دون "مَذْهَبَة" الصراعات المتفجرة.