أين المجلس القومي للمرأة؟

راجى عامر

راجى عامر

كاتب صحفي

عنوان المقال لا يبحث عن عنوان المجلس أو يتساءل عن موقع مقره الرئيسى، إنما يطالبه بالقيام بأدوار أكبر فى التصدى لإساءات اعتاد البعض توجيهها للمرأة المصرية باستخدام وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت منصات لترويج أفكارهم الرجعية.

وقبل توضيح الأمر نعود سريعاً إلى بدايات القرن التاسع عشر عندما حاولت الروائية الفرنسية «أمانتين أورو» أن تنشر مؤلفاتها، لكنها فوجئت برفض الناشر الذى أخبرها بأن تهتم بإنجاب الأطفال بدلاً من إنتاج الأدب، وإزاء التهميش الذى كانت تعانى منه النساء آنذاك اضطرت «أمانتين» أن تنشر أعمالها تحت اسم مستعار لرجل خوفاً من رفض الجمهور لعمل أدبى تكتبه امرأة.

استطاعت «أمانتين» وغيرها عبر عقود طويلة من الكفاح أن يساهمن فى حصول المرأة على حقوقها فى اقتحام المجال العام وتحقيق المساواة مع الرجل فى مجالات مختلفة.لم يعد من المثير للدهشة الآن أن نجد «روائيات شهيرات» على مستوى العالم.

إنما المثير للشفقة أن نجد «روائياً مصرياً» قد استدعى عقلية ذلك الناشر من القرن التاسع عشر ليقرر ممارسة التمييز ضد النساء عبر وسائل التواصل الاجتماعى، فنجده مرة يبرر التحرش ويربطه بأزياء النساء، وأخرى يدعم العنف ضد المرأة، وثالثة يطالب بعدم تعليم الفتيات الريفيات، ورابعة يعتبر أن المرأة ليست فى حاجة للاجتهاد أو محاولة إثبات قدرتها لأن «مكانها المطبخ»!

فضَّلت فى مقالى عدم ذكر اسم الروائى حتى لا ينال قدراً من الاهتمام يرغبه ويتمناه لتعويض ضعف الإقبال على شراء أعماله، كما أن الأمر لا يتعلق بهذا الروائى تحديداً، إنما بتيار رجعى يتعامل أصحابه مع وسائل التواصل الاجتماعى باعتبارها «كهفاً» أو مخبأ لإطلاق وترويج أفكارهم المحرضة ضد المرأة المصرية.

إن التصدى لهذه الأفكار الرجعية لا يعد منعاً لحرية الإبداع التى لا تشمل التحريض على العنف أو التمييز، وذلك تأكيداً لمبدأ الدستور فى المساواة بين المواطنين فى الحقوق والحريات والواجبات العامة بدون تمييز على أى أساس سواء دين أو عقيدة أو جنس، لذا فإن خطابات التحريض ضد المرأة أو التمييز ضدها لا تُعد وجهة نظر أو حرية إبداع إنما جريمة فى حق المرأة المصرية وجبت مواجهتها.

وبدوره يسعى المجلس القومى للمرأة فى جميع أنشطته لضمان إتاحة وحماية حقوق المرأة، وفى إطار قيامه بالعديد من الأدوار المهمة والمُقدَّرة فى حماية ودعم المرأة المصرية والنهوض بها فإننى أتمنى أن يحرص على المتابعة المستمرة للمحتوى المنشور عبر وسائل التواصل الاجتماعى للتصدى والرد على الإساءات التى يوجهها البعض بصورة متكررة للمرأة المصرية فى إطار رغبتهم المحمومة لتحجيم دورها ومنعها من التفوق فى المجال العام، وافتراض أن دورها الاجتماعى ينحصر فى الأعباء المنزلية فحسب.