«الوطن» فى «وادى النطرون».. عنابر لـ«ذوى الاحتياجات الخاصة»

«الوطن» فى «وادى النطرون».. عنابر لـ«ذوى الاحتياجات الخاصة»
عنابر خاصة للمسجونين من ذوى الاحتياجات الخاصة، ومكتبة يعتبرها السجناء «مقهى ثقافياً» وفصول محو أمية، وكافتيريا تقدم أطعمة ووجبات ومشروبات لا تقل وجاهة عن المطاعم الشهيرة. هذا أحد ملامح الجولة التى أجرتها «الوطن» داخل منطقة سجون وادى النطرون أمس الأول.[SecondImage]
وتعتبر العنابر الخاصة بالمسجونين من ذوى الاحتياجات الخاصة إحدى التجارب الحديثة التى جرى تطبيقها داخل منطقة سجون وادى النطرون لمساعدة المسجونين الذين يعانون من الإعاقة وتيسير إقامتهم بالسجن من خلال صرف أجهزة تعويضية ومقاعد متحركة لهم وتجهيز دورات مياه خاصة لهم. «الوطن» تجولت فى عنابر ذوى الاحتياجات الخاصة بمشاركة العقيد أيمن حلمى بالمركز الإعلامى بوزارة الداخلية والعقيد محمد عليوة مدير الإعلام بقطاع السجون، ورصدت جوانب عديدة لظروف إقامتهم بالسجن، حيث لكل مسجون منهم حكايته التى تتضمن الجريمة التى سُجن بسببها.
السجين أحمد محمد عبداللطيف مصطفى الذى يقضى عقوبة السجن 6 سنوات فى قضية مخدرات قال إنه أصيب بشلل نصفى بعد معاناته من جلطة فى القلب، ومصلحة السجون وفرت كرسياً متحركاً له ليتمكن من التحرك بحرية داخل السجن بعد أن كان طريح الفراش. إلى جواره وليد السيد عبدالله الذى يقضى عقوبة السجن 6 سنوات أيضاً فى قضية مخدرات وسرقة، بعد بتر ذراعه اليمنى فى مشاجرة قبل دخول السجن وتركيب يد صناعية أعانته فى تلبية احتياجاته بنفسه بعد أن كان يعتمد على الآخرين.
أما أحمد عبداللطيف، ابن قرية «كوم السمن»، إحدى قرى مثلث الرعب بالقليوبية، المصاب بشلل نصفى ناتج عن التهاب فى النخاع الشوكى، فقال إنه مسجون منذ 5 سنوات ونصف فى قضية مخدرات محكوم عليه فيها بالسجن 6 سنوات، مشيراً إلى أنه يلقى رعاية خاصة داخل السجن وتوفير كرسى متحرك له لأنه لا يستطيع الحركة نهائياً، كما أنه يخرج كل فترة لمستشفيات خارجية لتلقى علاج خاص بالنخاع الشوكى، موضحاً أنه يقضى يومه بالكامل داخل العنبر باستثناء أوقات قليلة يخرج فيها إلى الهواء، يرافقه أحد السجناء لمساعدته على التنقل. بينما كانت إعاقة خميس سيد محروس فى قدمه، ما دفع المسئولين بالسجن لتوفير كافة الأجهزة التعويضية التى تعينه على الحركة داخل محبسه، 3 سنوات فى قضية سرقة بالإكراه وقضى منها 33 شهراً واقترب من إنهاء مدة العقوبة والخروج من محبسه.
إلى جواره كان محمود فاروق أحمد، المحكوم عليه بالمؤبد بتهمة قتل جارته، وهو مصاب بشلل رباعى منذ ولادته، ووفرت له إدارة السجن كرسياً متحركاً للمساعدة على الحركة، كما خصصوا له سجيناً لمساعدته فى تحركاته وتنقلاته بالكرسى المتحرك داخل محبسه، وأبدى سعادته بمدى الاهتمام الذى يلقاه من قبَل مسئولى السجن والاهتمام به.
المقدم دكتور محمد عادل، مدير مستشفى سجن ليمان 440 بوادى النطرون، أكد أن المسئولين بمستشفى السجن يوفرون كافة أوجه الرعاية الصحية اللازمة لجميع السجناء، خاصة المرضى وذوى الاحتياجات الخاصة، حيث يكون لهم أولوية قصوى فى الرعاية نظراً لحالاتهم المرضية، إضافة إلى صرف كافة الأجهزة التعويضية والأطراف الصناعية لمساعدتهم على التنقل والحركة. وأشار مدير مستشفى الليمان إلى أن جميع السجناء يتم اخضاعهم للفحص الشامل قبل دخول السجن للتأكد من الأمراض التى يعانون منها، قبل توزيعهم على عنابر السجن، موضحاً أن السجن يوفر كافة أوجه الرعاية الصحية للسجناء إضافة إلى أجهزة طبية وأجهزة أشعة وتحاليل على أعلى مستوى خاصة بالسجناء فقط.
وعن رعاية السجناء من ذوى الاحتياجات الخاصة يقول العميد علاء فاروق، مأمور ليمان 440 فى وادى النطرون، إن تجربة تخصيص عنابر لهم تُعد تجربة حديثة داخل السجون، إضافة إلى صرف أجهزة تعويضية تساعدهم وتعينهم على الحركة، موضحاً أنه تم تجهيز دورات مياه خاصة بهم مجهزة بمساند فى الجوانب تساعدهم على الحركة والتنقلات داخل محبسهم.
وتابع المقدم الدكتور محمد عادل، المسئول عن مستشفى سجن وادى النطرون، أن قطاع مصلحة السجون يولى النزلاء اهتماماً كبيراً خاصة فى مجال الرعاية الصحية، مشيراً إلى أنه بمجرد ظهور أى علامات مرضية لدى أحد النزلاء يتم الكشف عليه داخل المستشفى وحجزه إذا تطلب الأمر لحين تماثله الكامل للشفاء، وأضاف أنه يتم يومياً الاطلاع على تطور حالة كل نزيل بمستشفى السجن للتأكد من استجابته للعلاج المقدم له، إضافة لتقديم وجبات غذائية خاصة لنزلاء المستشفى كل حسب حالته يقدم معظمها بزيوت نباتية لمنع حدوث أى جلطات.[ThirdImage]
وأشار المقدم الدكتور محمد عادل إلى أن أكثر الأمراض انتشاراً فى سجون طرة هو «الدرن»، موضحاً أنه تم إنشاء مصحة بمستشفى ٤٣٠ بسجن وادى النطرون خاصة بعزل نزلاء السجن المصابين بالدرن حتى اكتمال شفائهم، بينما يتم عزل السجناء المصابين بالإيدز وعددهم ١٢ سجيناً داخل مستشفى سجن برج العرب.
«الوطن» تفقدت أيضاً فصول محو الأمية بسجون وادى النطرون والتقت عدداً من المسجونين أثناء حضور دروس محو الأمية. وقال أحمد شحاتة عبدالعزيز الذى يقضى عقوبة الحبس المؤبد فى قضية سرقة بالإكراه وحيازة سلاح نارى أنه بدأ تعلم القراءة والكتابة داخل السجن حتى لا يعود إلى طريق السرقة مرة أخرى، بينما قال محمد إبراهيم محمد إبراهيم الذى يقضى عقوبة السجن ٥ سنوات إنه سيتم الإفراج عنه خلال ٦ أشهر وإنه تعلم القراءة والكتابة داخل السجن وحصل على شهادة محو أمية حتى يستطيع الحصول على رخصة قيادة ليكسب قوته بالحلال، بينما قال محمد فتحى الذى يقضى عقوبة السجن 3 سنوات فى قضية حيازة سلاح نارى إنه يقوم بالتدريس لزملائه ليحميهم من الوقوع فى براثن الجريمة مرة أخرى.
ويقول اللواء طارق بدر، وكيل الإدارة العامة لمنطقة سجون وادى النطرون، إنه يجرى تنظيم دورة كل 6 أشهر لمحو أمية السجناء تضم نحو ٢٥ سجيناً لمساعدتهم فى تعلم القراءة والكتابة وتأهيلهم للعودة إلى المجتمع كأفراد صالحين.
وزارت «الوطن» المكتبة الخاصة بالسجن والتقت بعدد من الحاضرين، حيث كان أحد السجناء ويُدعى عبدالغفار أحمد عبدالغفار، يقضى عقوبة السجن 3 سنوات فى قضية مخدرات، يقرأ من ديوان شعر للشاعر الكبير حافظ إبراهيم، وعلى الجانب الآخر كان السجين محمد الداودى الذى يقضى عقوبة السجن ١٥ سنة فى قضية خطف وفدية يقرأ كتاب «فى الوقت الضائع» للكاتب الكبير توفيق الحكيم، وقال إنهم يعتبرون أنفسهم داخل «مقهى ثقافى» وليس داخل أسوار السجن.
وانتهت الجولة فى «الكافتيريا» التى تبدو للوهلة الأولى كأنها مطعم فاخر فى حى راق، حيث تفوح رائحة اللحوم المشوية والأسماك والطعمية والفطائر التى تكون متاحة للسجناء على مدار اليوم، واللافت للنظر وجود لافتة كبيرة على باب الكافتيريا تضم الشهادات الصحية الخاصة بجميع العاملين فى كافتيريا السجن الذين يتم الكشف عليهم بصفة دورية.