دفع حياته ثمنا لشهامته.. الغازات تقتل "محمد" داخل "بلاعة" صرف صحي

كتب: أحمد حفني

دفع حياته ثمنا لشهامته.. الغازات تقتل "محمد" داخل "بلاعة" صرف صحي

دفع حياته ثمنا لشهامته.. الغازات تقتل "محمد" داخل "بلاعة" صرف صحي

اتصال هاتفي من أحد الجيران بقرية قافلة التابعة لمركز أبوحمص في البحيرة، أخبر عوض عبداللاه علي، أن ابن أخيه "محمد" نزل لإحدى البيارات لينقذ عاملًا، ليهرول "عوض" على الفور لمكان الواقعة ليجد "محمد" ملقى على ظهره وبجواره جثة العامل الآخر، اتصل الأهالي بالنجدة والإسعاف، منتظرين أكثر من ساعة ونصف لنجدته، فيما يحاول الأهالي إنقاذ "محمد" أو إسعافه إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل. غضب انتاب أهالي القرية، ضد مسؤولي شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالمحافظة، بعد مصرع "محمد" و"عوض" داخل البيارة الرئيسية بالقرية، أثناء تطهيرها صباح اليوم، مؤكدين أن الشركة لم توفر للعمال الحماية اللازمة لهم، فيما حرر أهالي المتوفى المحضر رقم 5062 إداري المركز، واتهموا فيه مسؤولي شركة مياه الشرب والصحي في البحيرة بالإهمال، والتسبب في وفاة المذكورين. الأهالي قالوا إنه لم يتقدم أحد من المسؤولين لتقديم العزاء لأسرة المتوفى "محمد" ابن القرية، عقب الواقعة، كاشفين أن الشركة غطت جميع البيارات الموجودة بالقرية عقب الحادث، لتفادي أي جزاءات تقع عليهم في حالة تفتيش المسؤولين عليهم. "راح محمد ضحية شهامته وشجاعته".. كلمات بدأ عوض عبداللاه علي، عم المتوفى، حديثه مع "الوطن"، قائلًا: "ابن أخويا طالب بالفرقة الثالثة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر "فرع دسوق"، ويعمل باليومية بمشروع الصرف الصحي بالقرية لسد احتياجات الدراسة طوال العام، وهو العائل الوحيد بعد أبيه لأسرته المكونة من ثلاث شقيقات". كان حلم "محمد" أن يتحمل مسؤولية زواج شقيقاته مع أبيه، وبدأ أولى خطوات تحمله المسؤولية عندما قرر أن يعمل عاملًا باليومية بمشروع الصرف الصحي الذي بدأته الوحدة المحلية منذ سنوات بالقرية، بحسب عمه، قائلًا إنه لم يستنكر العمل أو كونه عامل في الصرف الصحي، رغم أنه كان متفوقًا ويتنبأ الجميع له بمستقبل باهر. عوض عبداللاه علي، عم المتوفى، صمت برهة، ثم واصل حديثه، قائلًا: "مازال المواطن المصري رخيص عند الحكومة، ولم تكتف شركة مياه الشرب والصرف الصحي بحالة الإهمال التي طالت القرية منذ سنوات، وعدم توفير الحماية اللازمة لعمال الصرف الصحي، مضيفًا: "جابر المتوفى الآخر في الحادث هو المنوط به تطهير البيارة الرئيسية بالقرية، وأثناء نزوله وآخر معه، اختنقا من الغازات الموجودة بها، وظلا يستغيثان بالموجودين في الخارج، وما كان من محمد إلا ونزل لإنقاذهما، وأخرج أحدهما بالفعل، ونزل مرة أخرى لإنقاذ الآخر، إلا أنه أغمى عليه بسبب الغازات الموجودة بالبيارة ولقى مصرعه مع الآخر عقب خروجه منها". أحد شهود العيان، ويدعى "شعبان.أ.ح"، عامل بشركة المقاولات المنفذة للمشروع، قال إن "جابر مصطفى عبدالعال، أحد المتوفين، نزل مع عامل آخر بالشركة لتطهير البيارة الرئيسية بقرية "قافلة" بعد انسدادها منذ فترة لعدم تشغيل محطة الصرف الصحي والمقرر تسليمها في يونيو 2012، وأثناء ذلك سمعنا صوت استغاثة يأتي من داخل البيارة، فما كان من محمد إلا أن نزل لإنقاذهما نظرًا لأنه أخف الموجودين وزنًا". أنقذ "محمد" أحدهما، لكن شدة الغازات السامة داخل البيارة تسببت في وفاته مع "جابر"، بحسب "شعبان"، الذي نوه بأنه تم الشروع في توصيل الصرف الصحي بالقرية في عام 2010 على أن ينتهي في 2010، ومنذ ذلك التوقيت لم يتم تسليمه، وأرجع أهالي القرية هذا التأخير إلى تقاعس المسؤولين بشركة مياه الشرب والصرف الصحي. كانا شخصان لقيا مصرعهما، إثر سقوط أحدهما في بيارة صرف صحي، ومحاولة الآخر إنقاذه بقرية "قافلة" بمركز أبوحمص في البحيرة، وتم انتشال الجثتين ونقلهما إلى مشرحة مستشفى أبوحمص العام، وتلقى مأمور مركز شرطة أبوحمص، بلاغًا بالواقعة، وبالفحص تبين أنه أثناء تطهير جابر مصطفى عبدالعال محمد، (38 عامًا)، بيارة الصرف الصحي المشار إليها، زلت قدماه وسقط بداخلها، وحال إنقاذ محمد جمعه عبداللاه علي، طالب بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر فرع دسوق، "جابر" سقط بداخلها ما أدى لوفاتهما، وورد تقرير مفتش الصحة بأن سبب الوفاة استنشاق غازات سامة من الصرف الصحي، ولا توجد شبهة جنائية في الوفاة.