مصر شوكة في حلق إسرائيل
هوى المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية بمطرقة على رأس الكيان الصهيونى المحتل للأراضى الفلسطينية، عندما طلب من المحكمة إصدار أمر بتوقيف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف جالانت، باعتبارهما مجرمَى حرب، وتوجيه تهمة شن حرب إبادة وتجويع وارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وقال كريم أحمد خان، المدعى العام، إنه يملك عشرات الفيديوهات التى تؤكد الاتهامات.إسرائيل وأمريكا لم تصدقا ما حدث، لأنهما تعتبران نفسيهما فوق المساءلة وفوق القانون، فخرج المسئولون فى الإدارة الأمريكية والكيان الصهيونى ليلعنوا المحكمة والمدعى العام، ويصفونهم بأوصاف لا تليق بقدر المحكمة ولا بالأعراف الدولية، وأصبحتا كالحيوان المفترس الجريح، ولأن أمريكا وإسرائيل لا تملكان سوى سلاحين، «العسكرى» الذى يستخدمانه فى قتل أطفال ونساء فلسطين، وسلاح الإعلام الذى تخدِّران به عقول المتلقين، وبعد فشل الأول فى تحقيق غايتهما، كثَّفتا استخدام السلاح الثانى، والذى يكون دائماً رأس حربته الـ(Cnn)، فحاولت أن تصرف الأنظار عما فعله المدعى العام للجنائية الدولية، فاختلقت قصة غير محكمة وساذجة، مفادها أن مصر هى التى عرقلت التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، وأنها -تقصد مصر- غيرت الصيغة المعروضة على الطرفين إسرائيل وحماس. ونسى الإعلام الموجه أن مصر لعبت دور الوساطة بطلب وإلحاح من كل الأطراف، وكانت دائماً وسيطاً نزيهاً منحازاً للحق والعدل والإنسانية، وملتزمة بالقوانين والمواثيق الدولية.والحقيقة أن مصر أمام التعنت الإسرائيلى فى رفض الهدنة الأخيرة التى كانت تقوم على وقف الحرب مقابل تسليم الرهائن، وإصرارها على حرب الإبادة والتجويع التى راح ضحيتها ٣٦ ألف شهيد معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى ٧٦ ألف مصاب، وهدم ٩٥٪ من مبانى غزة اتخذت عدة إجراءات:- تضامنت فى الدعوى المرفوعة من دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لوقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.- أصدرت بياناً عبر وزارة الخارجية قالت فيه إن خيار السلام الاستراتيجى الذى تنتهجه مصر يقوم على مصلحة الأمن القومى المصرى ومصلحة الفلسطينيين (لاحظوا ربط مصر بين أمنها القومى والقضية الفلسطينية، وهذا يحدث منذ أمد، وتذكروا إصرار «السادات» على وجود علم ومقعد لفلسطين فى مباحثات مينا هاوس للسلام رغم رفض عرفات الحضور).- رفضت التهجير القسرى للشعب الفلسطينى سواء لمصر أو لأى دولة أخرى.- رفضت مطالب الوفد الأمنى الإسرائيلى الذى حضر لمصر -عقب احتلال إسرائيل لمعبر رفح الفلسطينى- إسرائيل بالتعاون مع قوات الاحتلال فى إدارة المعبر. وذلك لأن مصر اعتبرت أن ذلك يسقط حق الفلسطينيين فى إدارة المعبر وإكساب إسرائيل شرعية احتلاله.- مصر تزعمت المطالبة بوقف الحرب، وتحذيرها المستمر من خطورة استمرارها على الشعب الفلسطينى والقضية الفلسطينية، واحتمال امتداد خطورتها لباقى المنطقة.- إصرار مصر على أن الحل الوحيد للأزمة فى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.- عدم رضوخ ومصر وعدم استجابتها للتهديدات أو الإغراءات المادية التى تطلق تارة من إسرائيل وتارة من أمريكا عبر وسطاء أوروبيين، أو بصورة غير رسمية.- وقفت مصر بالمرصاد لإسرائيل فى أى خروقات تحدث بالقرب من الحدود.كل ذلك يجعل مصر شوكة فى حلق إسرائيل، فهى فشلت فى استمالتنا لغض البصر عما تفعله أو التوقف عن دعم القضية والشعب الفلسطينى.. وفشلت أيضاً فى التفكير فى جر مصر إلى حرب، رغم قناعتها بأن ميزان القوى فى صالحنا.الثبات المصرى وموقفها القوى، وشفافيتها فى التعامل مع القضية الفلسطينية، وحرب الإبادة التى تشنها إسرائيل، يجعلها دائماً فى موقف القوة.. ووقوف الشعب المصرى خلف قائده وجيشه يجعل إسرائيل دائماً تتوجس وتتحسس فى أى خطوة تتخذها تجاه مصر.لا الـ(Cnn) ولا كل الإعلام الأمريكى الذى يملكه ويموله اللوبى الصهيونى يمكن أن يغير موقفنا تجاه حقوق الشعب الفلسطينى، ولا لدعمنا للقضية الفلسطينية، ولن يوقفنا عن المناداة بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.ودعونى أكرر مقولة ونيستون تشرشل حين قال: «الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا فى تربة التضحيات، وتروى بالعرق والدم».