أشرف شرف يكتب: صديقي عادل إمام
اتصل مرة بمنزل أحد الصحفيين فى التسعينات من القرن الماضى على التليفون الأرضى، حيث لم يكن التليفون المحمول وقتها هو السائد، فردّت عليه زوجة الصحفى الكبير وقالت له: «أقول له مين؟»، قال لها: «قولى له عادل إمام»، فردت مندهشة: «عادل إمام بتاعنا؟»، قال لها: «آه عادل إمام بتاعكم».. فعلاً هو عادل إمام «بتاعنا»، لم نشعر يوماً بغير ذلك.
لذا أكتب فى عيد ميلاده الـ84 الذى يوافق يوم السبت الـ17 عشر من شهر مايو لعام 2024، وأقولها وبكل فخر «صديقى عادل إمام.. كل سنة وانت طيب»، حيث كان لى الشرف الكبير أن أقترب منه وأحاوره كثيراً، أعترف بأننى كغيرى بدأت علاقتى به مبكراً حتى قبل مجيئى من الصعيد، حينما كنت طفلاً رأيت فيه نجمى المفضل، أحببت أفلامه وأحاديثه، أقصد أننا ألتقينا قبل أن نلتقى بوقت كبير، كما أننى لست وحدى الذى كان يرى فى عادل إمام نجمه المفضل، بل أنا والملايين غيرى من الأطفال والشباب والكبار، وذلك ليس فى مصر وحدها، بل فى العالم العربى كله.
فى كتابى الأول «دولة عادل إمام.. أسرار وحكايات فى حياة الزعيم»، كتبت أنه بعد الشهرة بقليل أصبح «إمام» عضواً فى نادى الجزيرة الشهير، ودخله مرات قليلة، ثم عاد للجلوس على الرصيف مرة أخرى، وحينما سأله صديقه ورفيق الكفاح صلاح السعدنى: «ليه يا عادل بطلت تروح نادى الجزيرة؟».. قال له: «دول ناس بتتعامل بالشوكة والسكينة، أنا ابن الشارع المصرى»، ومن الحكايات الطريفة أيضاً عنه أن صديقه الدكتور يوسف إدريس خيَّره قائلاً: «انت عايز تبقى زعيم سياسى ولا فنى؟» فاختار الناس على الفور.
عادل إمام الذى اعتلى القمة لأكثر من 60 عاماً ولم يتنازل يوماً عنها، استطاع تحقيق رقم قياسى فى المحافظة على النجاح لأكثر من 50 عاماً دون منازع أو شريك. راهن طوال الوقت على حب الناس وأخلص لهم فأخصلوا له، كما أنه لم يرَ سوى فنه فى يوم من الأيام، لدرجة أنه قيل فور تخرجه من كلية الزراعة، إنه تخرّج ممثلاً زراعياً وليس مهندساً. حكى لى صديقى المنتج الكبير وشقيق إمام الأصغر أن فيلم «الإرهاب والكباب» جاء بالصدفة، حينما ذهب لرؤية الكاتب الكبير «وحيد حامد» صباحاً فى مكانه المفضل على نيل القاهرة وقال له: «خد يا عصام اقرأ المقال ده»، وذهب إلى الحمام، وحينما قرأ «إمام» المقال، اتصل على الفور بشقيقه الأكبر الزعيم، والذى كان وقتها فى بيروت يعرض مسرحيته «بودى جارد» وقال له «إيه رأيك فى واحد دخل مجمع التحرير وماخرجش منه؟»، قال له: «فكرة حلوة مضِّى وحيد على الفيلم ده»، وقال عصام إمام لـ«وحيد» فور عودته: «ده مش مقال، ده فيلم وأنا اللى هأنتجه»، بل سيكون أول إنتاجى فى السينما»، وقد كان.
عادل إمام، ووحيد حامد، وشريف عرفة، شكلوا مثلثاً مرعباً وقدموا خماسية سينمائية بديعة بدأت بفيلم «اللعب مع الكبار»، ثم توالت بـ«الإرهاب والكباب»، «المنسى»، «طيور الظلام»، «النوم فى العسل»، وكان من المفترض أن تكون سداسية، إلا أن «إمام» اعتذر عن بطولة فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة»، ليذهب الدور لأحمد زكى حسب رواية المخرج الكبير شريف لى، أنه طلب من «حامد» فيلماً اجتماعياً خفيفاً وليس سياسياً بعد المجهود الكبير والشاق الذى بذلوه لخروج فيلم «النوم فى العسل» للنور من أيادى الرقابة على المصنفات الفنية.
نستطيع أن نقول إن عادل إمام هو ظاهرة مصرية، يعرفه الناس كما يعرفون عامل التحويلة، موظف الأرشيف، المحامى، الطبيب، الوزير، هو الحريف الذى لم يتوقف يوماً عن محاربة طيور الظلام، هو المنسى الذى لم يخف يوماً من اللعب مع الكبار.
فى تاريخ الفنان الكبير عادل إمام الطويل بعض الهزائم، لأنه صاحب تاريخ ملىء بالانتصارات، وفى تاريخه الفنى نحو 120 فيلماً و7 مسرحيات، وعدد من المسلسلات، وأيضاً سنوات طويلة من النجاح، لم يعرف فيها يوماً سوى أن يكون الزعيم