"الوطن" تنشر حيثيات حكم "قصور الرئاسة": مبارك استولى على أموال الدولة

"الوطن" تنشر حيثيات حكم "قصور الرئاسة": مبارك استولى على أموال الدولة
أودعت أمس محكمة جنايات القاهرة حيثيات حكمها فى القضية المعروفة إعلامياً بـ«القصور الرئاسية»، والتى قضت فيها بالسجن المشدد 3 سنوات لكل من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ونجليه جمال وعلاء وتغريمهم مبلغ 125 مليوناً و779 ألفاً و237 جنيهاً و53 قرشاً، وإلزامهم متضامنين برد مبلغ 21 مليوناً و197 ألفاً و18 جنيهاً و53 قرشاً، ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة، لاتهامهم بالاستيلاء على 125 مليون جنيه من ميزانية رئاسة الجمهورية المخصصة للقصور الرئاسية والتزوير فى محررات رسمية.
صدر الحكم برئاسة المستشار حسن حسانين وعضوية المستشارين صلاح محجوب وخليفة الجيوشى، رئيسى المحكمة بحضور صلاح حمودة رئيس نيابة الأموال العامة وأمانة سر أحمد الهادى وهشام حافظ.
قالت المحكمة فى حيثيات الحكم الذى صدر السبت الماضى، وجاءت فى 42 صفحة؛ إنه استقر فى يقينها واطمأن وجدانها مستخلصة من مطالعة سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة من أن المتهم الأول محمد حسنى مبارك بصفته موظفاً عمومياً -رئيس جمهورية مصر العربية سابقاً- قَبِل مباشرة مهام منصبه وأقسم بالله العظيم أن يحترم الدستور والقانون وكان من سلطاته إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل، وأنه كسائر المواطنين خاضع لأحكام الدستور والقانون ومن واجبات وظيفته الحفاظ على المال العام ومنع العدوان عليه إلا أنه أساء استغلال وظيفته فاستولى لنفسه كما سهل لنجليه علاء وجمال الاستيلاء بغير حق على المال العام المملوك للدولة بمبلغ جملته 125.779.237.53 جنيه.
وأضافت المحكمة أن شهود الإثبات أكدوا أن المتهم الأول قام بصفته بإصدار تعليمات شفوية مباشرة للشاهد الأول المهندس عمرو محمود وأخرى غير مباشرة من خلال اللواء جمال عبدالعزيز رئيس السكرتارية الخاصة برئيس الجمهورية لتنفيذ أوامر وتعليمات مبارك وسائر أفراد أسرته وتلبية جميع طلباتهم من أعمال أو توريدات تتم وتنفذ فى ممتلكاتهم الخاصة مع خصم قيمتها من مخصصات مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية المدرجة بميزانية وزارة الإسكان ونفاذاً لذلك أصدر المتهمون الثلاثة ومعظم أفراد أسرة مبارك العديد من التعليمات والطلبات بإدراج أعمال إنشائية وتشطيبات وتوريدات أثاث ومعدات وغيرها إلى العقارات المملوكة لهم ملكية خاصة وهى مقر إقامة المتهم الأول وأفراد أسرته بفيلا بشارع حليم أبوسيف بمصر الجديدة ومقر آخر بإقامتهم فى 5 فيلات بمنطقة الجولف بشرم الشيخ ومزرعة النصر بجمعية أحمد عرابى بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوى وهى عبارة عن قطعتى أرض أولاهما مساحتها 20 فداناً والثانية مساحتها 5 أفدنة وشقة سكنية ومخزن بشارع نهرو بمصر الجديدة وفيلتين بمارينا بالساحل الشمالى وشقتين كل منهما فى طابق بأبراج عثمان بشارع السعادة بمصر الجديدة ومكتب المتهم جمال مبارك بمقر الحزب الوطنى بالقاهرة وأرض بمنطقة النهضة بشرم الشيخ وفيلا رقم 161 بأرض الجولف بالتجمع الخامس «القطامية» وشقة بمصر الجديدة كان يشغلها المتهم الأول مبارك إبان عمله قائداً للقوات الجوية ومكتب خاص بسوزان مبارك بمركز سيتى ستار التجارى بالقاهرة ومقبرة خاصة بالعائلة، وقد تم تنفيذ بعض هذه الأعمال والتوريدات بمعرفة شركة المقاولون العرب بطريق التنفيذ الذاتى أى بمعدات وموظفى الشركة والباقى منها تم تنفيذه بمعرفة مقاولين من الباطن قرر أصحاب بعضها الذين أمكن سماع أقوالهم بالتحقيقات بتنفيذ كل منهم لجزء من هذه الأعمال وكانوا يحررون عنها فواتير يقدمونها للمهندس المختص برئاسة الجمهورية لاعتمادها وصرف قيمتها لهم من شركة المقاولون العرب.
وأوضحت الحيثيات أن المختصين برئاسة الجمهورية وتنفيذاً لتعليمات المتهم الأول وتلبية لطلبات المتهمين جميعاً كانوا يطلبون من المقاولين من الباطن ألا يثبتوا بالفواتير أماكن تنفيذ تلك الأعمال أو أن يثبتوا فيها أن الأعمال تم تنفيذها بمراكز الاتصالات برئاسة الجمهورية وليس فى أماكن تنفيذها الحقيقية حتى يتم صرف مستحقاتهم وذلك بزعم المحافظة على سرية وأمن الرئاسة، فكانوا يقومون بذلك بحسن نية معتقدين مشروعيتها لأسباب معقولة دون علمهم بمصدر الأموال المنصرف لهم وبموجب هذه الحيلة يكون المتهم الأول استولى لنفسه كما سهل لنجليه علاء وجمال الاستيلاء بغير حق على المال العام بنية تملكه وإضاعته على الدولة مالكة هذا المال.[FirstQuote]
وأشارت الحيثيات إلى أن المقاولين من الباطن قاموا بتقديم تلك الفواتير المزورة للمختصين برئاسة الجمهورية لاعتمادها ثم إرسالها لشركة المقاولون العرب لمراجعتها حسابياً والتوقيع باعتمادها من المختصين بها وإدراجها فى مستخلصات هذه الشركة مضافاً إليها أعمال التنفيذ الذاتى وخصم قيمتها من مخصصات مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية ثم ترسل هذه المبالغ لشركة المقاولون لصرفها لمستحقيها وكل ذلك كان يتم بحسن نية من مقاولى الباطن ومن مختصى شركة المقاولين العرب ووزارة الإسكان تنفيذاً لأوامر المتهم مبارك ولتلبية طلبات علاء وجمال مع علم المتهمين الثلاثة بسداد قيمة هذه الأعمال من المال العام وليس من أموالهم الخاصة.
وقالت المحكمة إنه ثبت فى يقينها أنه بمطالعة تقرير قسم أبحاث التزوير والتزييف بمصلحة الطب الشرعى؛ ثبت من مضاهاة التوقيعات أن كلاً من محيى الدين عبدالحكيم وعمرو محمود خضر هما المحرران للتوقيعات المنسوبة إليهما الخاصة بالتصديق على تلك الفواتير المقدمة من المقاولين من الباطن وثبت من التحقيق قيام المتهمين جمال وعلاء مبارك بسداد مبلغ 104 ملايين جنيه من أموالهما الخاصة لصالح وزارة الإسكان.
وأضافت: حيث إن الواقعة بصورتها المتقدمة قد قام الدليل اليقينى على ثبوتها فى حق المتهمين الثلاثة وصحت نسبتها إليهم مما شهد به بالتحقيقات شهود الإثبات من مهندسى وسكرتارية الرئاسة ومهندسى شركة المقاولين العرب وشفيق محمود البنا وكيل وزارة بالرئاسة سابقاً والمقاولين بالباطن. وأوضحت الحيثيات أن المتهم الأول محمد حسنى مبارك امتنع بتحقيقات النيابة عن الإجابة عن جميع الأسئلة والاتهامات الموجهة إليه بينما أنكر المتهمان علاء وجمال ما أسند إليهما من اتهامات إلا أن المتهم الثانى جمال مبارك أقر بملكية والده المتهم الأول لفيلا بمدينة شرم الشيخ وامتلاكه هو فيلتين بذات المدينة وشقة نهرو وأخرى بشارع السعادة وأرض جمعية عرابى وأخرى ببلبيس والمقبرة، وأقر بامتلاكه باقى الممتلكات السالف ذكرها.
وأوضحت المحكمة أن ما أورده دفاع المتهمين بخصوص سداد علاء وجمال لكامل المبالغ التى انتهت إليها لجنة الفحص مما ينتفى معه الضرر، فإنه من المقرر أن السداد اللاحق لقيمة المال محل جريمة الإضرار العمدى يعتبر من الظروف التى تعرض بعد وقوع الجريمة فلا ينفى وقوعها كما لا يعفى من عقوبتها فيسأل الجانى عنها ولكن من الممكن أن تضعه المحكمة فى اعتبارها عند تقدير العقوبة، فضلاً عن ذلك فإن المتهمين لم يسددوا كامل المبلغ فمازالت ذمتهم مشغولة وباقية وقدرها 21 مليون جنيه مما يصبح معه هذا الدفع على غير أساس قانونى صحيح فلا تعول عليه المحكمة وتقضى برفضه.
كما ذكرت حيثيات المحكمة أن ملكية مقر إقامة مبارك بصفته وباقى أفراد أسرته فى الفيلا رقمى 13 و15 شارع حليم أبوسيف بمصر الجديدة فإن الثابت بعقد البيع النهائى توثيق مصر الجديدة بيع العقارين من شركة «فالى» للاستثمار العقارى إلى سوزان مبارك بثمن قدره 4 ملايين و300 ألف جنيه وأن المشترية قامت بسداد كامل المبلغ عند التوقيع ويعتبر توقيع البائع على العقد بمثابة مخالصة نهائية بتسلم كامل الثمن وتم التصديق على توقيعى البائع والمشترية، وقد أرفق بالأوراق أيضاً عقد بيع نهائى بدون تاريخ مصدق عليه بموجب محضر تصديق مؤرخ فى 19 مايو 2011 متضمناً بيع ذات العقارين من سوزان مبارك إلى المخابرات العامة بنفس الثمن بالعقد المشهر السابق ومصدق على التوقيع إبراهيم مدحت مصطفى أمين بصفته رئيس مجلس إدارة شركة فالى للاستثمار العقارى ووكيلاً عن المالكة سوزان بموجب التوكيل الخاص بمكتب توثيق الطور.
وأشارت المحكمة إلى أنها تطمئن إلى عقدى البيع والتوكيل فمن ثم تأخذ بمضمونهم وتعتمد عليهم فى حكمها، وبالتالى فإنه يكون قد وقر فى وجدانها على وجه القطع واليقين أن العقارين 13 و15 بشارع حليم بمصر الجديدة خلال فترة الفحص من العام المالى 2002 -2003 حتى 2010-2011 كانا مملوكين ملكية خاصة لزوجة المتهم الأول سوزان مبارك ومن ثم تلتفت المحكمة فى هذا الخصوص عن الإقرار «ورقة الضد» الصادر منها بتاريخ 7 أغسطس 2002 والمكاتبات المتبادلة بين وكيليها وبعض الجهات بشأن صورية العقد الموضح لعدم اطمئنان المحكمة إليها جميعاً رغم ورود بعضها فى محررات رسمية وباقيها فى أخرى عرفية.[SecondQuote]
وأنهت المحكمة حيثيات حكمها بالإشارة إلى أن الواقعة فى نطاق ما استخلصته، ثابتة فى حق المتهمين الثلاثة ثبوتاً يقينياً كافياً لإدانتهم والحكم عليهم، إذ تطمئن المحكمة فى هذا النطاق إلى أدلة الثبوت القولية والفنية المقدمة من النيابة العامة وذلك فيما تضمنته من أن المتهم الأول مبارك بصفته موظفاً عاماً استولى لنفسه وسهل لنجليه المتهمين الثانى والثالث الاستيلاء بغير حق وبنيّة التملك على مال مملوك للدولة وستراً لهاتين الجريمتين قاما وآخرون حسنو النية مستخدمين حيلة بارتكابهم جريمتى التزوير فى محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها. وأضافت المحكمة أن المتهم الأول حسنى مبارك بصفته؛ أضر عمداً بأموال ومصالح جهة عمله «الدولة» واشترك مع علاء وجمال نجليه بطريق الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب تلك الجرائم وهو ما تأخذ به المحكمة وتعتمد عليه فى قضائها ولا ينال من ذلك إنكار المتهمين لما أسند إلى كل منهم من اتهامات باعتباره وسيلتهم فى الدفاع للهروب من جرائمهم والإفلات من عقوبتها كما لا ينال منه أيضاً ما أثاره الدفاع فى مرافعته الشفوية أو مذكراته من دفوع وأوجه دفاع موضوعية قصد بها التشكيك فى أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها كما تلتفت المحكمة أيضاً عن باقى المستندات المقدمة من الدفاع خلال الجلسات لعدم جدواها فى القضية، فضلاً عن عدم الاطمئنان إلى ما ضمنته من بيانات.
وأوضحت المحكمة أن ما أورده دفاع المتهمين بخصوص سداد علاء وجمال لكامل المبالغ التى انتهت إليها لجنة الفحص مما ينتفى معه الضرر، فإنه من المقرر أن السداد اللاحق لقيمة المال محل جريمة الإضرار العمدى يعتبر من الظروف التى تعرض بعد وقوع الجريمة فلا ينفى وقوعها كما لا يعفى من عقوبتها، فيسأل الجانى عنها ولكن من الممكن أن تضعه المحكمة فى اعتبارها عند تقدير العقوبة، فضلاً عن ذلك فإن المتهمين لم يسددوا كامل المبلغ، فما زالت ذمتهم مشغولة وباقية وقدرها 21 مليون جنيه، مما يصبح معه هذا الدفع على غير أساس قانونى صحيح فلا تعول عليه المحكمة وتقضى برفضه.
كما أن المتهم الأول مبارك أضر عمداً بأموال الدولة ومصالحها بقيمة الأعمال والتوريدات واشترك معه نجلاه جمال وعلاء بطريق الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب الجرائم وهذا ما تأخذ به المحكمة وتعتمد عليه فى قضائها.
ولا ينال من ذلك إنكار المتهمين لما أسند إلى كل منهم من اتهامات باعتبار وسيلتهم فى الدفاع للهروب من جرائمهم والإفلات من عقوبتها كما أنه لا ينال منها ما أثاره الدفاع سواء فى مرافعته أو دفوعه أو التشكيك فى أدلة الثبوت لعدم جدواها فى الدعوى.[ThirdQuote]
وقالت المحكمة إنه من الثابت بالأوراق أن نقض الحكم السابق حصل بناءً على طلب المتهمين دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضاروا بطعنهم عملاً بالمادة 43 من القانون رقم 75 لسنة 1959 وهو ما تلتزم به المحكمة مع المساواة بين الفاعل الأصلى والشريك فى العقوبة.
ولتلك الأسباب قضت المحكمة بمعاقبة محمد حسنى السيد مبارك ونجليه جمال وعلاء بالسجن المشدد 3 سنوات وتغريمهم متضامنين 125 مليوناً و779 ألفاً وإلزامهم برد مبلغ 21 مليوناً و197 ألف جنيه ومصادرة المحررات المزورة.