التوترات الجيوسياسية تُربك أسواق النفط.. ترقب عالمي للأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط وللرد الإسرائيلي على إيران

كتب: مارينا رؤوف ومنى سعيد

التوترات الجيوسياسية تُربك أسواق النفط.. ترقب عالمي للأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط وللرد الإسرائيلي على إيران

التوترات الجيوسياسية تُربك أسواق النفط.. ترقب عالمي للأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط وللرد الإسرائيلي على إيران

شهدت أسواق النفط العالمية حالة من عدم الاستقرار، منذ بداية العام الجارى، متأثرة بالتطورات الأخيرة فى منطقة الشرق الأوسط، لتعكس مساراً جديداً فى حركة الأسعار، ومشهد الطاقة العالمى بشكل عام، وأنهت أسعار النفط الأسبوع الماضى التعاملات الأسبوعية بارتفاع ملحوظ، فيما شنت إيران هجومها على إسرائيل خلال بداية تعاملات الأسبوع الجارى، ما خلق حالة من الترقب فى الأسواق العالمية للنفط، خاصة أن إيران تعد واحدة من أكبر 3 دول منتجة للبترول فى منظمة أوبك، ما زاد من التخوفات إذا ما تم فرض عقوبات على صادراتها النفطية.

وقال تقرير لمؤسسة «إن. إس تريدينج» للتجارة إنّ أسعار النفط ارتفعت فى الأسواق حتى نهاية الأسبوع الماضى بسبب مخاوف نقص الإمدادات وسط تصاعد التوتر فى الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن الرد الإيرانى المحدود نسبياً على إسرائيل لم يوفر أساساً للشراء، كما أن أكبر مستورد للنفط فى العالم وهى الصين، نما اقتصادها بشكل أسرع من المتوقع فى الربع الأول من العام الحالى، ولكن عدداً من مؤشرات شهر مارس، مثل الاستثمار العقارى ومبيعات التجزئة والإنتاج الصناعى، أظهرت أن الطلب محلياً لا يزال ضعيفاً، ما يؤثر على الطلب العام.

البنك الدولى يحذر من تداعيات الصراع.. و«المصرى للفكر والدراسات»: محدودية موارد الطاقة غير المتجددة واختلال مناطق توزيعها وحالة عدم الاستقرار تؤثر على الأسعار.. و«بلومبيرج»: الأوضاع فى الوقت الحالى متقلبة بشكل كبير

واستبعد محللون فى الشرق الأوسط أن يؤدى الرد الإيرانى بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل إلى فرض عقوبات أمريكية على صادرات النفط الإيرانية، وقال تقرير لوكالة «بلومبيرج» إن الأوضاع فى الوقت الحالى متقلبة بشكل كبير، وبالنسبة لسوق النفط، كل شىء يعتمد الآن على كيفية رد إسرائيل على الهجمات الإيرانية، واحتمال حدوث دورة من التصعيد، ومع ذلك لم يتغير شىء فى أسواق النفط، حيث يتدفق الخام من الشرق الأوسط إلى العالم دون عوائق، ويظل مضيق هرمز، وهو ممر الطاقة الأكثر أهمية فى العالم، مفتوحاً أمام حركة الشحن، كما أن عدم وجود نقص فى المعروض من قبل إيران لم يؤثر على الأسعار، وحذر المدير الإقليمى للنمو العادل والتمويل والمؤسسات بالبنك الدولى نادر محمد فى لقاء إعلامى، من تداعيات الصراع فى الشرق الأوسط، موضحاً أن توسع رقعة الصراع فى المنطقة ستكون له تداعيات مباشرة على العالم.

فى سياق متصل، عملت مصر خلال السنوات العشر الماضية، على الاستفادة من موقعها الاستراتيجى وأصولها والبنية التحتية، تزامناً مع اهتمامها بقطاع الطاقة ليصبح من أكثر القطاعات التى شهدت نهضة لا مثيل لها فى الفترة من 2014 إلى 2024، ووفقاً لمصادر حكومية، نجحت مصر على مدار السنوات الماضية فى التحول بخطى متسارعة إلى مركز إقليمى للطاقة، ولعبت العديد من العوامل دوراً كبيراً فى تعزيز دور مصر بسوق الطاقة العالمية. وقال د. أحمد سلطان رئيس لجنة الطاقة بنقابة مهندسى القاهرة لـ«الوطن»، إن أزمة الطاقة التى يشهدها العالم حالياً تؤكد صحة رؤية مصر واستراتيجيتها بشأن الطاقة وتنويع مصادرها، وأن لديها قدرة على استقراء مستقبل الطاقة فى العالم بما يعزز مكانتها عالمياً ونفوذها الإقليمى والدولى، بالإضافة إلى سعى مصر الحثيث للمشاركة فى التصدى لتداعيات التغيرات المناخية.

وأوضح أن الأزمات العالمية وتأثيرها على الأسعار العالمية للنفط، تؤثر بشكل أساسى على الدول التى تستورد جزءاً من استهلاكها: «عملت الدولة المصرية فى عام 2023 على تحقيق الاستقرار للسوق المحلية، إذ تمت تلبية الاحتياجات المحلية للمواطنين وقطاعات الدولة المختلفة من المشتقات النفطية والغاز الطبيعى، وسجلت صادرات مصر من النفط الخام ارتفاعاً فى العام الماضى، لتصل إلى 0.075 مليون برميل يومياً، مقارنة مع 0.071 مليون برميل يومياً فى عام 2022»، وتوقع ارتفاع إنتاج النفط فى مصر خلال العام الحالى وفق الخطط المصرية الطموحة لرفع معدلات الإنتاج بنسبة 11% من 590 ألف برميل يومياً إلى 650 ألف برميل يومياً من النفط الخام، وذلك من خلال زيادة الرقعة الاستكشافية ورفع معدلات الإنتاج الحالية.

وأكد المركز المصرى للفكر والدراسات، فى دراسة أن مصطلح أمن الطاقة العالمى ليس أمراً جديداً على السياسة الدولية، فالصراعات حول موارد الطاقة العالمية كانت منذ فترة طويلة وما زالت تشكل عنصراً مهماً للدول الكبرى، لكن هذا المصطلح أصبح اليوم يمثل واحداً من أهم عناصر الأمن العالمى، بسبب محدودية موارد الطاقة غير المتجددة واختلال مناطق توزيعها عالمياً، إضافة إلى أن حركة أسعار النفط تتأثر بالأحداث التى لا تتعلق بصورة مباشرة بعمليات العرض، بدءاً من الأحداث الجيوسياسية، مثل حالات عدم الاستقرار الإقليمى، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالمنابع النفطية الكبرى مثل منطقة الشرق الأوسط، كما أن الشرق الأوسط هى منطقة ذات أهمية كبيرة على الساحة الدولية، وتأثيرها يمتد إلى مجموعة متنوعة من المجالات، بما فى ذلك الاقتصاد والسياسة والأمن العالمى، وتحدياتها وأحداثها تلعب دوراً مهماً فى تشكيل العالم الحديث ومستقبله.

وأضاف: «لأيام عديدة، ظلت أسعار النفط الخام العالمية رهينة مخاوف متصاعدة جراء رد إيرانى محتمل حينها على الغارة التى استهدفت مقر القنصلية الإيرانية فى دمشق، وذلك وسط سيناريوهات مختلفة بشأن مدى تأثير ذلك الرد من قبل طهران على المستويات السعرية للنفط الخام، إضافة إلى المخاوف المرتبطة بتداعيات ذلك على حركة النفط الخام من خلال المضائق البحرية فى المنطقة وبالأخص مضيق هرمز إلى أن جاء الهجوم الإيرانى على إسرائيل مخالفاً للعديد من التوقعات والتقديرات التى ضغطت بشكل كبير على أسعار النفط الخام عالمياً، والتى جعلت الأسواق العالمية تحبس أنفاسها ترقباً لهذا الرد الذى ظل محدوداً وبشكل نسبى، وذلك مقارنة بتلك التوقعات السابقة».


مواضيع متعلقة