الأمين العام لـ"أنصار السنة": جماعتنا دعوية لا علاقة لها بالسياسة

كتب: محمد كامل

الأمين العام لـ"أنصار السنة": جماعتنا دعوية لا علاقة لها بالسياسة

الأمين العام لـ"أنصار السنة": جماعتنا دعوية لا علاقة لها بالسياسة

قال الدكتور ياسر مرزوق، الأمين العام لجمعية أنصار السنة المحمدية، أقدم جمعية دعوية سلفية في مصر والعالم، إن "أنصار السنة" جماعة تلتزم المنهج السلفي في دعوتها، أسسها وعمل بها شيوخ وعلماء من الأزهر الشريف، على رأسهم الشيخ حامد الفقي مؤسس "أنصار السنة"، لافتا أن الجماعة علاقتها بالسعودية علاقة مودة ومحبة، وأنها لم تتأثر بالفكر الوهابي، بل على العكس، درس عدد كبير من شيوخ وقيادات أنصار السنة في السعودية. وأكد مرزوق في حواره لـ"الوطن"، إن "أنصار السنة" جماعة دعوية لا علاقة لها بالسياسة والمشاركة السياسية من قريب أو بعيد، ولها ما يقرب من 300 فرع في مصر وامتدادات في دول أخرى مثل السودان. - هل من الممكن إعطاء نبذة تاريخية مختصرة عن إنشاء جمعية أنصار السنة المحمدية؟ لا يمكن الكلام عن كيان وفهمه فهما صحيحا بغير معرفة أصوله و معرفة الأصول توفر كثيرا من الوقت، وجماعة أنصار السنة المحمدية: جماعة إسلامية دعوية أساسها الدعوة إلى الإسلام على أساس من التوحيد لله عز وجل واتباع السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة واللين واتباع أيسر الطرق للوصول إلى ذلك، وهي جمعية رسمية مشهرة تشرف عليها الجهات المعنية والمختصة بالإشراف على الجمعيات، فعمل هذه الجمعية هو امتداد لعمل مؤسسات الدولة الرسمية والتي تخصصت في مثل أهداف هذه الجمعية، لذا فالجمعية وما تملكه يعد ملكا للدولة وخادما لأهدافها المشروعة من تحقيق النجاح والاستقرار وعبادة الله عز وجل. - على يد من تأسست هذه الجماعة؟ في تاريخ "أنصارالسنة" يوجد مؤسس أول وثان، فالمؤسس الأول الشيخ حامد الفقي، أحد علماء الأزهر الذي أسسها عام 1926 بالقاهرة، بمشاركة الشيخ محمد عبدالوهاب البنا، محمد صالح الشريف، عثمان صباح الخير، حجازي فضل عبد الحميد وغيرهم. أما المؤسس الثاني هو فضيلة الشيخ رشاد الشافعي وذلك عام 1972 م وذلك بإعادة اشهار الجماعة وفي عهد الرئيس الأسبق أنور السادات رحمه الله وعلى ذلك فقد مر تأسيس الجماعة بمرحلتين كما هو معلوم. - وما علاقة مؤسسة "أنصار السنة" بالأزهر، وما أسباب تأسيس الجمعية؟ الشيخ حامد الفقي من رجال الأزهر الشريف نشأ في بيت علم ودين، وكان والده زميلاً في الدراسة للشيخ محمد عبده رحمه الله، حصل على شهادة العالمية من الأزهر عام 1917، أسس "أنصار السنة" في عام 1926، واختير رئيسا لها وأسس مجلة الهدي النبوي لتكون لسان حال الجماعة، المعبرة عن عقيدتها ودعوتها الوسطية وتولى رئاسة تحريرها، وشارك في تحريرها مجموعة من العلماء المعروفين أمثال المحدث الأزهري الشيخ أحمد شاكر، والأستاذ محب الدين الخطيب، والشيخ محي الدين عبد الحميد، وفضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر وغيرهم، كما أنشأ مطبعة السنة المحمدية لنشر كتب السلف، كما تمتع الشيخ الفقي، بعلاقات وأواصر متينة مع الأزهر وشيوخه وعلماء. - هل ظلت الجماعة الدعوية على نفس طريقة مؤسسها بعلاقتها بالأزهر؟ نعم ظلت على هذا، بل وتوطدت هذه العلاقة أكثر فقد تولى رئاسة ومناصبها القيادية مجموعة من العلماء الأزاهرة البارزين أمثال: الشيخ عبد الرزاق عفيفي و الشيخ عبد الرحمن الوكيل والدكتور محمد خليل هراس، ورئيسها الحالي الدكتور عبد الله شاكر، أزهري، ونائبه المشرف العام على مجلة التوحيد لسان حال الجماعة، الدكتور عبد العظيم البدوي من علماء الأزهر وأحد كبار مديري وزارة الأوقاف. - وماذا عن علاقة "أنصار السنة" بالمملكة العربية السعودية، وهل تأثرت الجماعة بالفكر الوهابي؟ علاقة "أنصار السنة" بالمملكة، علاقة التآخي والتقاء الأفكار، أساسها توحيد الله عز وجل واتباع السنة والدعوة إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة واتباع أيسر الطرق إلى ذلك وهذا شأن الدعوات الصحيحة بل هذا هو الاسلام وهو ثابت لا يتغير سواء في مصر أو في السعودية أو في أي مكان وزمان لذا فإن الالتقاء عليه لا يشترط تأثر أحد بالآخر. لم تتأثر "أنصار السنة" بدعوة أخرى خارج البلاد، وإنما هي دعوة منبثقة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أيد رجال مصريين أزاهرة. والإسلام يخرج من مشكاة واحدة فلا فرق فيه بين قطر وآخر، وتوطدت العلاقات بين علماء "أنصار السنة" والسعودية، وبدأ التعاون العلمي عن طريق سفر علماء الجماعة للتدريس في المملكة، وبدعوات من علماء المملكة وحكامها الحريصين على دينهم ومستقبل بلدهم، ودرس عدد من شيوخ وقيادات "أنصار السنة" في السعودية، بعضهم بطلب من مفتى السعودية وقتها الشيخ محمد بن إبراهيم، مثل الشيخ عبد الرازق عفيفي، والشيخ محمد خليل هراس إلى السعودية للتدريس بدار التوحيد بالطائف، ثم للتدريس بكلية الشريعة بالرياض، كما أصبح "عفيفي" مديرا للمعهد العالي للقضاء، وشارك في اللجان المتخصصة لوضع مناهج التعليم في المملكة وعمل نائبا لرئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء، بالسعودية، وكان عضو في مجلس كبار العلماء هناك، وتخرج على يديه جيل من علماء السعودية المعروفين مثل، الشيخ عبد الله بن جبرين، الشيخ صالح اللحيدان، والشيخ عبد الله بن حسن بن قعود، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ عبد الله بن غديان، والشيخ صالح السدلان، والدكتور صالح الفوزان، والدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، والشيخ مناع القطان، والرئيس الحالي لشؤون الحرمين الدكتور عبد الرحمن السديس إمام المسجد الحرام وغيرهم. كما أن عددا آخر من علماء وقيادات أنصار السنة درّسَوا في السعودية، مثل الشيخ محمد عبد الظاهر أبو السمح، الذي كان إماما للمسجد الحرام، والشيخ محمود عبدالظاهر أبوالسمح، إمام للمسجد الحرام أيضا بعد أخيه رحمهما الله، والشيخ عبدالرزاق حمزة، إماما للمسجد النبوي. - فما ردكم على من يقول أنصار السنة تتبني الفكر الوهابي؟ هل إذا استعانت السعودية بعلماء الأزهر للتدريس فيها يدل ذلك على أن الأزهر امتداد للوهابية، وهل مشايخ الأزهر الذين انتدبوا للتدريس في المملكة كالشيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي، رحمه الله يعد انتدابهم هذا دليلا على تبني الفكر الوهابي؟! ثم ما معنى الفكر الوهابي الذي يتهم به علماء المملكة إن كان المقصود به اتباع كتاب الله وسنة رسول الله والدعوة إليهما بالحكمة والموعظة الحسنة فهذا هو الإسلام وهو ما يدعو إليه الأزهر وشيوخه أما إن كان المراد من هذا لاتهام أن ينحرف الدعاة عن هذا المنهج فهذا شيء لا نعرفه. - هل تمثل أنصار السنة المحمدية أول وجود سلفي في مصر؟ دعني أولا أوضح معنى السلفية حتى لا تصبح تهمة في وقت يتصيد الناس فيه التهم لغيرهم، فالسلفية التي تتبناها "أنصار السنة": اتباع النصوص الشرعية من كتاب الله والصحيح من السنة، وفهم هذه النصوص فهما وسطيا صحيحا ثم تطبيقه تطبيقا صحيحا ثم الدعوة إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة واتباع أيسر الطرق الشرعية لتحقيق ذلك، ونشأة الجماعة كدعوة منظمة، فهي الأولى في ذلك؟ - من هم أهم شيوخ الدعوة السلفية الذين تلقوا العلم في أنصار السنة ؟ هذه لا أعلمها على وجه التحديد فجمعيتنا قديمة المنشأ كما ذكرت وأنا في الحقيقة لا أحب مثل هذه التقسيمات فنحن كأبناء لأنصار السنة لا ندعي أننا تلقينا العلم في أنصار السنة فقط بل وفي الأزهر أيضا فهكذا تتداخل الثقافات والدين واحد سواء في أنصار السنة أو في غيرها ونحن لا ندعي الفضل على غيرنا ولا نحب هذه التقسيمات التي تقول أن هذا من أنصار السنة وهذا لا بل نحن نعتقد أم هذه تقسيمات تؤدي إلى تفكك المجتمع فنحن نعتقد أن كل مسلم يسير على هذا المنهج الذي أسلفت ذكره من أنصار السنة وأنصار السنة منه، أما إن كان المقصد بالمنتمين لأنصار السنة هو التقسيم الإداري الذي تشرف عليه الدولة فهذا لا بأس به على وجه الالتزام بالقوانين المنظمة للعمل بالدولة وإلا فأنا أحب أن يسمى كل المسلمين بما سماهم الله به في كتابه "هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا" - بعض الجماعات الجهادية تنسب نفسها إلى السلفية كداعش وغيرها فما الفرق بين سلفية هذه التيارات وبين منهج حمعيتكم؟ إن تسمح لي في تعديل صيغة السؤال قليلا فنقول فما الفرق بينهم وبين المنهج الاسلامي الوسطي الذي تسير على جمعيتكم لأن في الحقيقة منهجنا ليس خاصا بنا بل هو منهج نبوي مبني على الكتاب والسنة يلزمنا ويلزم كل مسلم متبع لرسوله صلى الله عليه وسلم وكل من خالف الكتاب والسنة فقد انحرف عن المنهج السلفي الصحيح وهذه قاعدة عامة وبصرف النظر عن المسميات الكثيرة والتي انتشرت على الساحة الاسلامية في الأيام المتأخرة والحكم عليهم يجب أن يكون تعرف الحق فمن وافقه فقهو من أهله ومن خالفه فهو ليس من أهله فما قالوا (اعرف الحق تعرف أهله). ولعل هذه القاعدة تريح من أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا عن الفرق بين أنصار السنة وجميع التيارات السلفية الحركية والسياسية وغيرها من الأسماء المتعددة المنتشرة الآن نقول عموما: جمعيتنا جمعية دعوية لا علاقة لها بالمشاركات السياسية ولا تحسنها بل ولا وقت عندها لذلك ودعوتها المسلك الصحيح لأهل الدعوات وأن كل من انتهج نهجا غير هذا لم يتبن منهجنا ولا طريقتنا في الدعوة التي نسير عليها ونوافق الناس ونحبهم على قدر اتباعهم للسنة وننصحهم بالحكمة والحب والتي هى أحسن فيمن خالف ذلك ولا ننصب أنفسنا حكاما في الحكم على الناس ولا ننقب ورائهم ولا نكلف أنفسنا بما لم يكلفنا الله به ولا نرى من أنفسنا أننا أفضل من غيرنا بل كل ما نراه أن الله من علينا بمنهج صحيح لاتباع رسول الله والدعوة إلى الله. - ذكرتم أنكم لا تنصبون أنفسكم حكاما على الناس لكننا نرى من بعض من ينتسب إلى أنصار السنة من يتبنى قضية الحكم على الناس بل ويعتبرها قضية أساسية فماذا عن هذا ؟ إنني عندما أتكلم أتكلم عن منهج للجمعية تسير عليه ولا أتكلم عن أشخاص فنحن نقرر الحق الذي نعتقده ونتبناه منهجا للجمعية فمن وافقه فجزاه الله خيرا ومن خالفه فنسأل الله لنا وله الهداية، ولا ينسب منهجه إلا إلى نفسه فليس من العدل أن يخطء ويسيء الفهم ثم ينسب هذا إلى جماعة بأسرها منهجها واضح ومعلن للقاصي والداني، وأقول: إن من يتقرب إلى الله بجرحه وتعديله للناس فإننا نقول له إن الجرح والتعديل علم قائم إلى قيام الساعة بل وهو من مفاخر هذه الأمة المباركة ولكن له رجاله وله مواضعه وله ضوابطه فليس متروكا هكذا ليقع الناس في أعراض غيرهم وينشرون عيوبهم ويهتكون أستارهم في الوقت الذي يغفلون فيه عن عيوب أنفسهم فيكلفون أنفسهم بما لم يكلفهم الله به فنحن نذكر أنفسنا وإياهم بقول الله تعالى (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا). - التيار السلفي عموما في مصر تيار دعوي فهل تراه حقق أهدافه الدعوية أم أخفق وما السبب ؟ نعم التيار السلفي وبمفهوم السلفية التي عرفناها ونتبناها هو تيار دعوي ومن حاد عنه فقد حاد عن السلفية الصحيحة من وجهة نظري ويحقق نجاحا في أهدافه على قدر تحقيقه لمنهجه الخالص بعد تقدير الله والإخلاص له ويخفق ويفشل على قدر مخالفته للمنهج وبعده عنه وكل ذلك أيضا بعد تقدير الله سبحانه وتعالى ونسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا - هذا بخصوص التيارات السلفية عموما فماذا عن أنصار السنة خاصة من حيث انتشارها وأنشتطها؟ أنصار السنة جمعية دعوية انتشرت في مصر وامتدت إلى خارجها كالسودان مثلا، ولكنها ليست تنظيما دوليا، فالتقاء هذه الجمعيات في الدول المختلفة هو التقاء على المنهج، وكل من اعتقد المنهج الصحيح فهو من أنصار السنة وإن لم ينتظم في إداراتها، فالإدارات مجرد مسائل شكلية تنظيمية، وأما عن انتشار الجمعية في مصر فالحمد لله وصل عدد الفروع ما يقارب الثلاثمائة فرع على مستوى الجمهورية، ولو أننا تركنا الحبل على الغارب لوصلنا إلى أضعاف هذا لكننا نشدد ونجتهد على قدر المستطاع على اختيار أعضاء الفروع في المرة الأولى للإشهار وحين نيلهم موافقتنا اللازمة لإشهار الفرع ثم نحاول بعد ذلك التواصل معهم على قدر وسعنا ونصيحتهم على قدر قبولهم منا وندعوا لأنفسنا ولهم بالثبات على الحق والمعونة عليه ، والحمد لله كان من ثمرة هذا أن الجمعية تشرف على آلاف المساجد تحت إشراف وتوجيه وزارة الأوقاف واضعة نصب أعينها الضوابط الشرعية والقانونية التي حددتها الدولة لإدارة مثل هذه الأعمال هذا وينضاف إلى نشاط الجمعية النشاط الخيري فالجمعية تعيش واقع الناس وأحوالهم وتقتنع تماما أن الإنسان لا يقوى على عبادة ربه إلا وهو آمن مطمئن مستقر ولذا فإن الجمعية تسعى لمعونة الناس على ذلك عل ى قدر وسعها فنحن في النهاية جمعية خيرية تقوم على جهود أهل الخير من داخل بلدنا الكريم ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها - كيف ترى مستقبل جمعية أنصار السنة في مصر؟ مستقبلها في مصر هو من مستقبل بلدنا الذي نعيش عليه بأرواحنا ويعيش هو في وجداننا فنجاحنا من نجاحه ولا قدر الله ضررنا من إلحاقه بالضرر لذا كما ندعوا الله إلى توحيد ربهم فإننا ندعوهم إلى العمل على إنجاح بلدهم والمحافظة عليه