أبطال الظل أصحاب.. «الوصفة السحرية»
أبطال من نوع خاص، أو بالأحرى نجوم، استطاعوا عبر ظهور عابر أو دور لحلقة أو اثنتين، أو حتى مشهد، أن يتركوا علامة فارقة، تارة بحُسن الأداء، وتارة بدقة اختيار الدور، بصرف النظر عن المساحة، والتركيز على تقديم أكثر من المطلوب، دون افتعال أو مبالغة أو فتور!
فنانة تسعينية، لها تاريخ طويل يمتد إلى ستينات القرن الماضى، قدّمت ما يزيد على 360 عملاً، ورغم تاريخها الضخم، وموهبتها الفذة، لا تزال قادرة على اختيار أدوارها، بتواضع شديد، ودقة أشد، هكذا تترك مع كل عمل جديد تقدمه بصمة من نوع خاص، حيث الكثير من البلاغة، والدقة والإجادة، إنعام سالوسة المعلمة القديرة التى لا تزال تمنحنى دروساً فى كيف يحترم المرء نفسه، وأن يمارس ما يحب كيفما يحب بكل وقت، يمكننى أن أحصى لك دوريها، هذا الموسم، الأول فى أشغال شقة، حين انتقلت بالجمهور، من قمة الضحك، إلى قمة التعاطف والحزن على الخادمة التى تعمل، فقط، كى تشعر بـ«الونس»، والثانى فى جودر، حين فاجأت الجميع وقدّمت دوراً ربما هو الأغرب على مدار عمرها، حيث ظهرت كـ«شجرة»، تقول جملة واحدة فقط، لكنها كانت قادرة على أن تجعلها مختلفة تماماً.
حلقتان اثنتان فقط فى مسلسل بدون سابق إنذار كانتا كفيلتين بمنح مريم الخشت مكانة مختلفة تماماً فى دور «مها».. دور وحيد فى الموسم الرمضانى كله، ليس هذا وحسب، فقد ظهرت فى الحلقات الأخيرة من مسلسل 15 حلقة فقط، ومع ذلك تركت علامة مميزة وواضحة جداً، فى شخصية مها، الأم المكلومة التى تكتشف أن الابن الوحيد الذى عاش من بين أبنائها المتوفين ليس ابنها فعلاً، وأن ابنها الحقيقى بحاجة لزراعة نخاع يستمده من ظهرها، فتمنحه له، ثم تجلس على الرصيف المقابل للمستشفى فى انتظار، نقطة نور من الداخل، حوار قصير، قدّمته بكل جوارحها، نبرة الصوت، ملامح الوجه، الملابس، حتى طريقة التنفس، استطاعت أن تنقل ما هو أبعد من المشاعر المتوقعة، دون «شحتفة» أو «عويل»، ببساطة يمكن وصفها بـ«السهل الممتنع».
بطلة الظل الثالثة فى موسم رمضان الحالى، هى فى الواقع ممثلة مفضلة لدىّ، أراها تستحق مساحات وأدواراً أكبر وأعمق، فهى قديرة بحق، ولا تزال تملك قدرات جبارة، الحق أن ما ظهر بالفعل من موهبتها، برأيى، كقمة جبل الثلج، نقطة فى بحر مما تملك انتصار، التى استطاعت عبر الظهور فى دورين اثنين أن تحصد ثناءات وإعجاب بلا حصر، سواء فى دور الأم المغلوبة على أمرها فى مسلسل «أعلى نسبة مشاهدة»، أو فى دور الخادمة خفيفة الظل فى مسلسل «أشغال شقة»، إجادة شديدة لم تختلف بين دورين أحدهما تراجيدى، والآخر كوميدى، لامرأة بسيطة، لكن شتان بين الأداء فى الاثنين، على كل المستويات، حيث لا تكرار، ولا تشابه بأى شكل سوى فى حُسن التقديم.
أما الثالث والرابع، فهما للحق غيلان تمثيل، لا أكف عن الإعجاب ببراعتهما، أحمد عيد، فى دور زيد بن سيحون، بمسلسل «الحشاشين» الرجل الذى لم أستطع أن أعرفه للوهلة الأولى، لشدة تقمصه الشخصية، ظننته أحدب فعلاً فى البداية، ثم اكتشفت أنه داهية حقيقية، زيد بن سيحون وليس أحمد عيد بأى شىء، أما الأخير فمجرد ظهوره بأى عمل يعنى أن الكثير من التميز فى الانتظار، هكذا تفوّق فتحى عبدالوهاب على نفسه بشخصيتين جديدتين، الأولى شخصية «سميح» فى مسلسل المداح، والتى لم يستطع من رآها أن يتخطى قوة هذا الرجل، والثانية «نظام الملك» فى الحشاشين، برأيى كل دور يقدمه هو حبة فريدة فى عقد استثنائى يصنعه عبدالوهاب على مهل.